أوروبا مع حق المغرب في الصحراء: الرباط تجني الربح والجزائر تحصي الخسائر

الماموني

أكد الموقف الأوروبي الداعم لموقف إسبانيا الجديد بخصوص موضوع الصحراء، ودعمها لفكرة الحكم الذاتي الموسع، أن المغرب بات يجني الربح تلو الربح بثباته على موقف الدفاع عن وحدة أراضيه، في الوقت الذي تحصي فيه الجزائر الخسائر داخليا وخارجيا جراء عجز دبلوماسيتها وفشل رهانها على جبهة بوليساريو.

وقالت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، “يرحب الاتحاد الأوروبي بأي تطور إيجابي… في العلاقات الثنائية بين دوله الأعضاء والمغرب، والذي من شأنه أن يفيد في تطبيق الشراكة الأوروبية – المغربية”.

واعتبر مراقبون ومحللون سياسيون في المغرب أن أوروبا انحازت بشكل واضح إلى المغرب من خلال دعمها لإسبانيا، وأن تصريحات مصرالي تظهر الأهمية التي يوليها الأوروبيون للشراكة مع المغرب، على عكس الجزائر التي لم يأت ذكرها في البيان بالرغم من معرفة الاتحاد لحساسية موضوع الصحراء لديها كورقة لحفظ توازناتها الداخلية.

وأشار المراقبون إلى أن موقف إسبانيا، الداعم بشكل واضح لا لبس فيه لموقف المغرب وإشادته بمقاربة الحكم الذاتي الموسع، قد جر وراءه موقف أوروبا كلها لدعم وحدة الأراضي المغربية، وأن الأمر ليس مجرد دعم شكلي لمدريد، وإنما يظهر أن أوروبا كلها مقتنعة بالمقاربة المغربية، وهو ما بدا واضحا قبل أشهر من خلال التغيير الذي حصل في الموقف الألماني ومن بعده موقف فرنسا.

وبعد واشنطن وبرلين ثم مدريد قبل يومين جددت باريس الاثنين دعمها لمخطط الحكم الذاتي المقدم من طرف المغرب باعتباره “أساسا للنقاش، جادا وذا مصداقية”، من أجل تسوية النزاع حول الصحراء المغربية، ما يعطي المزيد من الزخم والدعم الأوروبي والعربي والأفريقي لسيادة المغرب على صحرائه.

ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء عن المتحدثة باسم وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية قولها إن موقف فرنسا من قضية الصحراء “ثابت لصالح حل سياسي عادل، دائم ومقبول لدى الأطراف، وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ومن هذا المنظور فإن مخطط الحكم الذاتي المغربي يشكل أساسا للنقاش جادا وذا مصداقية”.

وأكد هشام معتضد، الخبير المغربي في العلاقات الدولية والاستراتيجية، أن موقف الاتحاد من الصحراء يعتبر مكسبا دبلوماسيا لقضية الصحراء وتكريسا للتوجه الدولي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، وأنه يترجم التوجه الجديد للاتحاد الهادف إلى إنهاء هذا النزاع المفتعل.

وأضاف معتضد أن اعتبار الاتحاد الأوروبي المقترحَ المغربي هو الحلَّ الأكثر مصداقية والأكثر قابلية للتطبيق يبرهن مرة أخرى على نجاح خارطة الطريق المعتمدة من طرف الدولة المغربية لإنهاء هذا النزاع المفتعل، معتبرا أن دعم الاتحاد الأوروبي لجهود الأمين العام للأمم المتحدة في مواصلة العملية السياسية هو استفاقة مسؤولة وانخراط هام للمجموعة الأوروبية من أجل دعم التوجه المغربي واحترام سيادته على أقاليمه الجنوبية والتسريع السياسي لطي هذا الملف القديم.

نبيلة مصرالي: الاتحاد الأوروبي يرحب بأي تطور إيجابي في العلاقات الثنائية بين دوله الأعضاء والمغرب

وسيكون تأثير الخطوة الأوروبية كبيرا على الجزائر التي فاجأتها الخطوة الإسبانية في مرحلة أولى فاكتفت بالتعبير عن الاستغراب في انتظار أن تستوعب أهمية هذه الخطوة وتأثيرها، ليأتي الموقف الأشمل والأوسع للاتحاد الأوروبي، وهو ما سيجعلها في وضع أصعب.

وكانت الجزائر قد قررت استدعاء سفيرها في مدريد للتشاور، وذكر بيان لوزارة الخارجية أن “الجزائر تفاجأت بشدة من التصريحات الأخيرة لنظيرتها الإسبانية، وأنها تلقت الانقلاب المفاجئ لإسبانيا في ملف الصحراء باستغراب شديد”.

ولا تمتلك الجزائر أي أوراق بيدها للرد على الخطوة الإسبانية وما تلاها من موقف أوروبي جماعي داعم لخصمها المغرب ولوحدة أراضيه.

ويعتقد متابعون للشأن الجزائري أن النظام قد يكتفي بإصدار بيان رسمي جديد يعبر فيه عن الاستغراب من الموقف الأوروبي المفاجئ في نسخة جديدة من بيانه عن إسبانيا، لكنه لن يقدر على أكثر من ذلك.

وأشار المتابعون إلى أن هامش التحرك محدود أمام النظام الجزائري؛ فهو يعيش حالة من العزلة بسبب خلافه مع المغرب وفرنسا، كما أن فشله في عقد قمة عربية يظهر أن الجزائر لم تعد ذات ثقل على المستوى العربي، وأن شعاراتها القديمة عن فلسطين لم تنقذها، كما لم ينقذها التقرب من مصر والسعي لاستمالة الموقف الخليجي الذي بدا في أغلبه واقفا إلى جانب المغرب.

ولفت المراقبون إلى أن الجزائر لا تستطيع أن توظف ورقة الغاز ضد إسبانيا ولا ضد أوروبا؛ فهي تعيش أزمة اقتصادية داخلية حادة وتحتاج إلى عائدات الغاز بما لا يسمح لها بمجرد التفكير في المناورة بالموضوع، فضلا عن أن التلويح بهذه الورقة سيكون مغامرة غير محمودة العواقب في هذا الوقت، حيث تعيش أوروبا على وقع أزمة مع روسيا ولن تسمح لأي كان بأن يلعب لعبة الغاز معها.

موقف إسبانيا، الداعم بشكل واضح لا لبس فيه لموقف المغرب وإشادته بمقاربة الحكم الذاتي الموسع، قد جر وراءه موقف أوروبا كلها لدعم وحدة الأراضي المغربية

ويشار كذلك إلى أن تأثير الجزائر محدود في فك أزمة الغاز عن أوروبا، ودورها ثانوي جدا؛ إذ لا تراهن عليه أوروبا ولا الولايات المتحدة، في ظل تواضع القدرات الإنتاجية مع تصاعد وتيرة الاستهلاك الداخلي، وتوقف الأنبوب المغاربي المار عبر المغرب عن الضخ بسبب الأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين منذ عدة أشهر.

وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد وجه منذ أسابيع رسالة طمأنة إلى الشركاء الأوروبيين قدم من خلالها تعهدات بالتزام بلاده بتلبية حاجيات السوق الأوروبية من الطاقة، في ظل الأزمة الأوكرانية التي ألقت بتداعياتها على وصول الغاز الروسي إلى أوروبا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: