يقظة أمنية تحبط مخططات إرهابية ضد المغرب

ماموني

إنجاز جديد يحسب للأجهزة الأمنية في المغرب، بعد اعتقال عناصر خطرة لخلية إرهابية كانت تتحضر لتنفيذ عمليات داخل المملكة، ويقول باحثون إن المغرب أثبت قدرة كبيرة على التصدي للتنظيمات الإرهابية، والخلايا النائمة التابعة لها، وهو أمر لطالما كان محل إشادات دولية.

أعلنت السلطات المغربية الجمعة عن تفكيك خلية موالية لتنظيم الدولة الإسلامية تتكون من خمسة أشخاص، كانوا يعتزمون تنفيذ مخططات إرهابية تستهدف منشآت حيوية ومؤسسات أمنية.

وتشكل العملية نجاحا جديدا للسلطات المغربية في مكافحة التنظيمات الإرهابية، التي ما فتئت تعمل على استقطاب مواطنين مغاربة بطرق مختلفة، وتسعى يائسة لتهديد الأمن القومي المغربي.

وذكر بيان للمكتب المركزي للأبحاث القضائية أنه جرى توقيف المشتبه فيهم من طرف عناصر القوة الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بكل من الدار البيضاء، وطنجة، وتطوان، ومرتيل، والجماعة القروية أوناغا بإقليم الصويرة، وذلك بعد الكشف عن تفاصيل مشاريعهم الإرهابية انطلاقا من الأبحاث والتحريات التي باشرتها مصالح المديرية.

وأضاف البيان أن المعطيات الأولية للبحث أظهرت أن المشتبه فيهم، الذين بايعوا الخليفة المزعوم لتنظيم “داعش”، أبدوا عزمهم على تنفيذ مشاريع إرهابية تستهدف منشآت حيوية ومؤسسات أمنية، بالموازاة مع انخراطهم في حملات تحريضية على العنف.

 

محمد الطيار: الخطر الإرهابي في المغرب لا يزال قائما وبشدة
محمد الطيار: الخطر الإرهابي في المغرب لا يزال قائما وبشدة

 

وبحسب بيان المكتب المركزي للأبحاث القضائية، فإن أحد أعضاء الخلية الإرهابية يتوفر على دراية في مجال الإلكترونيات، وقد خطط لصناعة عبوات ناسفة.

وتم وضع أعضاء هذه الخلية الإرهابية تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث القضائي الذي يجريه المكتب المركزي للأبحاث القضائية تحت إشراف النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب.

ويتزايد خطر الإرهاب مع ارتفاع معدلات تفكيك “الخلايا النائمة”، بعد زحف الحركات المتطرفة من الساحل الأفريقي باتجاه منطقة شمال أفريقيا، خاصة المغرب، نظرا إلى موقعه الجيو – إستراتيجي.

وأكد محمد الطيار، الخبير والباحث في الدّراسات الإستراتيجية والأمنية، أن القبض على أعضاء الخلية الداعشية هو نتيجة منطقية للحملات والعمل الدؤوب والمجهود الكبير الذي تقوم به مختلف المصالح الأمنية وعلى رأسها مديرية مراقبة التراب الوطني من أجل تفكيك الخلايا الإرهابية والقيام بعمليات استباقية قبل الإقدام على الأعمال الإجرامية، وتبين أن الخطر الإرهابي في المغرب لا يزال قائما وبشدة.

ولفت الطيار، في تصريح لـه، إلى أن العمل الإرهابي الذي كانت تخطط له الخلية يدخل في إطار التحديات التي ما فتئ المجتمع الدولي يحذر منها في ما يخص داعش، حيث بات التنظيم الجهادي يتمدد بشكل لافت في دول بوركينا فاسو والنيجر ومالي وأصبح يسيطر على مساحات جغرافية واسعة وهو ما يهدد الأمن القومي المغربي بشكل أكثر خطورة.

وفي يناير الماضي استطاعت الأجهزة الأمنية تفكيك شبكة إرهابية مكونة من 4 عناصر تتراوح أعمارها ما بين 35 و40 سنة، بكل من مدن طنجة والدار البيضاء وبني ملال (شمال) وإنزكان (وسط)، والتي تنشط في مجال تجنيد وإرسال مقاتلين من أجل الالتحاق بفرع تنظيم داعش، بمنطقة الساحل جنوب الصحراء.

وتمكن المغرب من إجهاض 500 مشروع إرهابي، و215 خلية إرهابية منذ سنة 2002، وذلك وفق آخر الأرقام الرسمية الصادرة عن تقرير “منجزات وزارة الداخلية” برسم سنة 2023.

وبحسب الأرقام ذاتها، فمنذ بداية سنة 2023 تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية من تفكيك 6 خلايا إرهابية، خلص منها إلى توقيف 21 شخصا، وذلك في سياق عمليات استباقية متفرقة، شملت مناطق الناظور، واشتوكة أيت باها، ثم سوق الأربعاء الغرب وتطوان والعرائش وطنجة وإنزكان أيت ملول.

كما لعب المغرب سنة 2023 دورا حاسما في تجنيب شركاء دوليين حمامات الدم، وآخر تدخلاته في هذا الصدد ما خلص إليه التنسيق المغربي – الإسباني في إفشال مخططات إرهابية كانت تستهدف مدينتي الناظور ومليلية المحتلة.

وتأتي العملية الاستباقية الأخيرة، حسب محمد الطيار، في إطار انخراط الأجهزة الأمنية المغربية في مواجهة تنامي التهديدات التي يشكلها داعش وباقي التنظيمات الإرهابية الأخرى، لاسيما بعد توالي الدعوات التحريضية الصادرة عن هذه التنظيمات الداعية إلى الالتحاق بمعاقلها خصوصا بمنطقة الساحل، وحققت الأجهزة الأمنية نتائج جيدة في تفكيك الخلايا الإرهابية ومحاصرة الذئاب المنفردة والتي لها علاقة بداعش في منطقة الساحل الأفريقي.

رقابة مشددة

وعمل المغرب على إعادة النظر في منهجية التعاطي مع الظاهرة الإرهابية بعد حادثة مايو 2003، بالدار البيضاء، حيث تم اتخاذ العديد من التدابير والإجراءات المتنوعة، والتي أثبتت نجاعتها.

وبعد مرور 21 سنة على عملية الدار البيضاء، حقق المغرب نتائج مهمة حيث استطاع أن يدحض الخطر الإرهابي بتفكيك العديد من الخلايا الإرهابية وإحباط الكثير من المخططات في دول كثيرة من العالم، جعلته يحظى بإشادة دولية في مكافحة الإرهاب والتطرف.

وشملت الإستراتيجية التي اتبعها المغرب في محاصرة الظاهرة الإرهابية بحسب الباحث الأمني محمد الطيار، اتخاذ تدابير دينية من خلال القيام بإعادة هيكلة الحقل الديني، وإعادة النظر في البنيات المكونة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بالإضافة إلى تنظيم الفتوى وتقنين مصادرها، كما وضع، في إطار حماية أمنه القومي، العديد من الأجهزة الإلكترونية في المطارات والموانئ، والطرق البرية الرئيسية، والساحات العمومية التي تعرف إقبالا كبيرا، كما وضع كاميرات متطورة على الحزام الأمني في الصحراء المغربية، والأماكن العامة الحساسة.

وأكد الطيار في تصريحه لـه أن المغرب اعتمد إستراتيجية متنوعة ومتعددة الأبعاد، تضع على رأس أولوياتها أهداف التنمية الاقتصادية والبشرية، مع تدابير اليقظة الأمنية، إلى جانب اعتماد تعاون متين على الصعيدين الإقليمي والدولي مع تبادل المعلومات والتحقيق المشترك في جرائم الإرهاب والجريمة المنظمة، كما تعتمد على سياسة دبلوماسية أكثر انفتاحا على أفريقيا، وخاصة دول غرب أفريقيا.

ويشدد باحثون على أن السلطات المغربية أثبتت قدرة كبيرة على القيام بعمليات استباقية نوعية لكف التهديدات الإرهابية، ما جعلها ملهمة بالنسبة لدول غربية.

وقال خالد الشرقاوي، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، في تصريح سابق لـه إن “الإستراتيجية الأمنية الوطنية للمملكة المغربية في مجال مكافحة التطرف العنيف والإرهاب حققت نتائج ملموسة، وهو ما جعلها نموذجا يحتذى به في دول المنطقة، ولاقت إشادة واسعة من عدة دول على غرار الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا مرورا بمنظمة الأمم المتحدة”.

وشدد الشرقاوي على أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني راكم التجربة والخبرة في السنوات الأخيرة، سواء تعلق الأمر بمكافحة التطرف أو الإرهاب أو محاربة الجريمة المنظمة أو الجريمة العابرة للحدود، بفضل مهنية واحترافية العاملين في صفوفه، أو عملياته الاستباقية لإفشال العديد من المخططات الإرهابية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: