المغرب يتطلع لتوسيع دائرة الاعتراف الدولي بسيادته على الصحراء

ماموني

تعكس تصريحات وزير الشؤون الخارجية المغربية، ناصر بوريطة، التي أكد فيها سعي بلاده المضي قدما في دبلوماسية القنصليات في الأقاليم الجنوبية للمملكة رغبة الرباط في توجيه جهودها الدبلوماسية هذه المرة نحو كسب اعتراف دولي واسع ومباشر بمغربية الصحراء بعد الاعتراف الأميركي.

وقال بوريطة أثناء افتتاحه القنصلية العامة لمملكة البحرين في مدينة العيون، التي تعد أكبر مدن الأقاليم الجنوبية، إن عدد ’’البعثات الأجنبية في الأقاليم الجنوبية وصل اليوم إلى 20 قنصلية بين العيون والداخلة في ظرف سنة تقريبا‘‘.

وأوضح أن الرباط ستواصل دبلوماسية القنصليات بتعليمات من العاهل المغربي الملك محمد السادس، وذلك في وقت يرجح فيه متابعون أن هذه الدبلوماسية ستتوج بنزع المغرب لاعتراف دولي مباشر بسيادته على الصحراء، لاسيما بعد الخطوة الأخيرة التي اتخذتها الولايات المتحدة باعترافها بمغربية الصحراء واعتمادها لخارطة جديدة للمملكة تضم الصحراء.

هشام معتضد: المغرب ينتظر من الدول الداعمة له ترجمة مواقفها إلى رمز دبلوماسي عملي

وقال هشام معتضد الأكاديمي والمحلل السياسي، إن ’’موقف المغرب على لسان وزير خارجيته بات واضحا ورسائله لا تشوبها أي شائبة. إرادة الدولة السياسية في ملف الصحراء لا تريد الاكتفاء فقط بالدعم الخطابي، بل تنتظر من الدول الداعمة ترجمة مواقفها وخطاباتها التواصلية والسياسية إلى عمل ميداني ورمز دبلوماسي عملي‘‘.

وأوضح معتضد في تصريح لـه أن ’’هذا التوجه الجديد الذي تبناه المغرب يندرج في إطار الرغبة السياسية الإيجابية والجادة للمغرب بالدفع قدما بملف هذا النزاع المفتعل إلى حل واضح بانخراط المنتظم الدولي عبر تحمله المسؤولية التاريخية من خلال ترجمة موقفه الداعم إلى حل عادل ودائم من خطابات ومواقف إلى أفعال وأُسس دبلوماسية ميدانية‘‘.

ويقول متابعون لملف الصحراء إن الاعتراف الأميركي الأخير بمغربيتها سيفتح أفقا جديدا سياسيا ودبلوماسيا قد يُفضي إلى توسيع دائرة الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على الصحراء، لاسيما بعد أن وجدت جبهة البوليساريو الانفصالية نفسها في عزلة كبيرة بعد أن أصبحت الأقاليم الجنوبية وجهة للتمثيليات الدبلوماسية.

وبالرغم من وجود دول لا تزال تتشبث بمواقفها الداعمة للمسارات الأممية في هذا الملف، إلا أن هناك عقبات أمام هذه التوجهات خاصة بعد توقف جولات الحوار بين الانفصاليين والرباط في العام الماضي إثر تقديم هورست كوهلر، المبعوث الأممي إلى الصحراء، استقالته بسبب دواعي المرض، اضافة إلى إعلان البوليساريو الانسحاب من اتفاق إطلاق النار الموقع مع المغرب في العام 1991.

وقالت وزيرة خارجية نيوزيلاندا، نانايا ماهوتا، الثلاثاء، إن بلادها لم تغير موقفها من قضية الصحراء، و’’تدعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في المنطقة‘‘.

ويقول مراقبون إن اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء قد يحفز دولا أخرى غربية على الذهاب في نفس التوجه ما يعزز موقف الرباط حيث تطرح مبادرة العاهل المغربي حكما ذاتيا للصحراء لكنه تحت السيادة المغربية وهو ما يرفضه الانفصاليون.

وأكد معتضد أن ’’اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء وعزمها فتح قنصلية لها بالداخلة يندرج في إطار هذا التوجه الجديد لمسلسل التسوية السياسية لهذا النزاع الإقليمي، كما أنه سيشجع العديد من العواصم الغربية والدول الجادة على الانخراط في تحمل المسؤولية الأممية تجاه هذا النزاع الإقليمي في ترجمة خطاباتها ومواقفها السياسية إلى أفعال ميدانية بافتتاح تمثيليات دبلوماسية على أراضي الجنوب الغربي للمملكة المغربية‘‘.

ويوضح المحلل السياسي أن هذا الاعتراف يكرس ضغطا كبيرا على إسبانيا وفرنسا بحكم روابطهما التاريخية و’’مسؤوليتهما المشتركة في إرث هذا النزاع المفتعل‘‘.

وقال معتضد ’’الموقف الأميركي الجديد سيدفع الساهرين على تتبع هذا الملف على المستوى الدبلوماسي في باريس ومدريد إلى مراجعة طريقة تدبيره وخاصة التفكير في الخروج من جمود المواقف الداعمة خطابيا إلى تفعيلها و ترجمتها على أرض الواقع‘‘.

وهناك من استشرف تعاطيا متقدما للدول الغربية التي تربطها شراكات مع المغرب على غرار فرنسا التي تعد الشريك الأول للرباط على عدة مستويات منها الامتيازات الاستثمارية ودعمها لمقترح الحكم الذاتي بالصحراء.

ورغم حذر بعض الأوساط الفرنسية من هكذا خطوة في هذا التوقيت بالذات، إلا أن عددا من المؤثرين في السياسة الخارجية الفرنسية يقرون بأن هناك خططا مبرمجة للاتجاه في خط الاعتراف المباشر بالصحراء لحماية امتيازاتها.

وفي هذا الصدد، قال الخبير الجيو – سياسي الفرنسي، أيمريك شوبراد “بوسعنا الآن أن نأمل ألا تتخلف دول الاتحاد الأوروبي عن الركب، وأن تذهب بعيدا في منطقها من خلال الاعتراف الكامل بسيادة المغرب على صحرائه”، مبرزا أنه “سيكون من مصلحة فرنسا أن تضع نفسها على رأس دينامية أوروبية للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء”.

ومنذ بداية السنة الحالية، شهدت الأقاليم الجنوبية المغربية لاسيما مدينة الداخلة دينامية دبلوماسية قوية بافتتاح القنصليات العامة لكل من غامبيا وغينيا وجيبوتي وليبيريا وبوركينا فاسو وغينيا بيساو، بالإضافة إلى غينيا الاستوائية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: