الشركات الأميركية توجه الاستثمارات نحو الصحراء المغربية

ماموني

وجهت الشركات الأميركية بوصلة استثماراتها نحو الصحراء المغربية لتنفيذ مشاريع تخلق القيمة المضافة خصوصا في مجالات المياه والبنية التحتية والسياحة والصناعة والطاقة، حيث أتاحت خطوة المغرب الدبلوماسية بفتح قنصلية أميركية في مدينة الداخلة فرصة لتعزيز الشراكة الاقتصادية.

دخلت العلاقات الاقتصادية الأميركية – المغربية مرحلة جديدة من التعاون مع بدء واشنطن توجيه دفة الاستثمار نحو الصحراء المغربية، في خطوة تأتي بعد اعتراف إدارة ترامب بسيادة المغرب على صحرائه.

وتتجه الرباط إلى فتح باب الاستثمارات بالصحراء المغربية أمام الشركات الأميركية عبر فتح قنصلية بمدينة الداخلة لتعزيز الشراكة الاقتصادية.

وستمكن القنصلية من تسهيل الإجراءات ودعم الاستثمار والمشاريع التنموية، حيث من المنتظر أن تضخ الشركات الأميركية الملايين من الدولارات لاستغلال الفرص الاقتصادية المفتوحة بالصحراء المغربية.

وقال السفير الأميريكي بالمغرب، ديفيد فيشر، إن “بلاده تعتزم في الأسبوع المقبل إصدار سلسلة من الإعلانات التي ستسهم في تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والمغرب في مجال التنمية الاقتصادية والتجارة، مع توطيد دور المملكة باعتبارها رائدة في المجال الاقتصادي على الصعيد الإقليمي”.

ديفيد فيشر: واشنطن تعتزم دفع استثماراتها التي ستعزز الشراكة الإستراتيجية

وقال الخبير الاقتصادي، محمادي اليعقوبي، في تصريح لـه، “يمكن للاستثمارات الأميركية أن تعزز النمو الاقتصادي في الصحراء المغربية، لاسيما من خلال تطوير الشركات الناشئة، وتوفير فرص العمل، وتحسين ميزان الآداءات، والمشاركة في خلق القيمة المضافة، وكذلك تساهم بشكل كبير في تطوير العديد من القطاعات بما في ذلك قطاع المعادن، والصيد البحري والسياحة والزراعة التصديرية والصناعات الغذائية”.

وارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر من الولايات المتحدة الأميركية خلال الفترة من 2012 إلى 2018، ومثّل في عام 2018 حوالي 5.2 في المئة من إجمالي تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المغرب.

وفي هذا السياق، أشار محمادي اليعقوبي، الخبير الاقتصادي، إلى أن “وجود أكثر من 120 شركة أميركية في المغرب يعتبر علامة على الثقة في إمكانات البلاد”.

ويرى محللون أن فتح القنصلية الأميركية بمدينة الداخلة مناسبة لتوسيع محفظة الاستثمارات الأميريكية بهذه المنطقة، حيث ستكون قطاعات التصنيع والتأمين وتجارة الجملة والقطاع النفطي والمعدني محط اهتمام المستثمر الأميركي.

ولتفعيل هذه الأهداف، تستعد الحكومة الأميركية لتقديم مساعدات مالية للمغرب تصل إلى 3 مليارات دولار من أجل القيام باستثمارات، لاسيما في قطاعات البنوك والفنادق والطاقات المتجددة، وذلك بواسطة شركة تمويل التنمية الدولية التابعة للحكومة الأميركية.

وتخطط الوكالة الأميركية الدولية للتنمية لاستثمار 100 مليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، في إطار تعاون وثيق مع حكومة المغرب لدعم الحكم المحلي التشاركي، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتحسين نتائج لتعليم.

وأشار اليعقوبي إلى أن “قطاع المياه هو محور التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو أساسي للبنية التحتية للبلد ويساهم في تطوير القطاعات الأخرى، من الصناعة إلى السياحة، لهذا فالشركات الأميركية الكبيرة مستعدة وحريصة على تقديم أحدث المنتجات والدخول في شراكة مع الشركات المغربية لتحقيق الأهداف المشتركة في ميدان التصرف في المياه”.

وبشراكة مع المغرب، أعلنت شركة “سالونا” الأميريكية للتكنولوجيا عن إطلاق مشروع “هارماتان” بجهة الداخلة وادي الذهب، وأوضحت الشركة في بلاغ لها، أنها ستستثمر في الفضاءات البحرية لتحلية مياه البحر، وأيضا لاستغلال الطاقات المتجددة ذات المصدر المائي أو الهوائي.

وعملت الشركة، منذ حوالي ثلاث سنوات، على تطوير حقل ريحي بقدرة 900 ميغاوات على مساحة 10 آلاف هكتار في الداخلة، مع حقل مشترك لمراكز البيانات المعيارية، وهذه المراكز نفسها ستخصص لتوفير القدرة الحسابية للشبكات العالمية للبلوكشين.

وسيتطلب هذا المشروع استثمارا إجماليا بقيمة 1.6 مليار دولار وسيوفر أكثر من 400 وظيفة عالية التأهيل، كما تعتزم سولونا إنشاء مركز محلي للتميّز يطور الخبرة بشأن تكنولوجيا البلوكشين.

محمادي اليعقوبي: الاستثمارات الأميركية ستساهم في تطوير الشركات وخلق الوظائف

واتجهت الحكومة المغربية إلى خطة محكمة لتسريع وتيرة الاستثمارات بالصحراء المغربية. وحسب معطيات قانون المالية لسنة 2021، فقد جرى إلى غاية مارس 2020، إنجاز 158 مشروعا بالصحراء المغربية بكلفة إجمالية قدرها 1.9 مليار دولار، في حين يوجد 318 مشروعا قيد الإنجاز بكلفة مالية قدرها 4.11 مليار دولار.

وتقدم الصحراء المغربية ومنها مدينة الداخلة، فرصا استثمارية وتجارية للشركات المحلية والدولية تواكبها قرارات الحكومة المغربية للاستثمار في البنى التحتية من خلال خطة استثمار أكثر من 8.4 مليار دولار، بالاضافة إلى دعم الصيد البحري كقطاع حيوي والذي تشكل عائداته مورداً أساسياً للتنمية.

ولزرع الثقة لدى المستثمر الخارجي، شدد العاهل المغربي الملك محمد السادس، في خطاب المسيرة الخضراء في نوفمبر الماضي، على أهمية الاستثمار في المؤهلات التي تزخر بها هذه الأقاليم، لاسيما في قطاع الصيد البحري وإطلاق دفعة جديدة للورش السياحية لجعل السياحة بالأقاليم الصحراوية المغربية من أعمدة التنمية.

وتجدر الإشارة إلى أن الخط الجوي المباشر الجديد بين الدار البيضاء وميامي، والذي أضيف إلى خطي الدار البيضاء – نيويورك والدار البيضاء – واشنطن، قد أتاح فرصًا جيدة للشركات الأميركية وعزز موقعها، حسب محمادي اليعقوبي، موضحا أن المغرب أرض مناسبة للاستثمار ولديه نظام ضرائب تحفيزي سيكون ذا فائدة للمستثمرين الأميركيين، وأن تعدد فرص الاستثمار وتوفر آفاق التعاون مثيرة للاهتمام للطرفين.

وعبرت العديد من الشركات العربية والدولية عن رغبتها في الاستثمار بالمنطقة خصوصا في مجال الطاقة المتجددة والزراعة والثروة السمكية والسياحة، كما تتنوع استثمارات شركات متعددة الجنسيات ومنها الأميركية في مجالات تتعلق بالغاز والفوسفات والصيد البحري.

واعتبر الاتحاد العام لشركات المغرب (تجمع رجال الأعمال المغاربة) أن افتتاح قنصلية أميركية ذات بعد اقتصادي بمدينة الداخلة، سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأميركية.

وأكد تجمع رجال الأعمال المغاربة أنه سيواصل عمله إلى جانب الفاعلين في القطاع الخاص الأميركي لتعزيز الشراكة الاقتصادية الثنائية، وتطوير مشاريع ذات تأثير كبير لفائدة سكان الصحراء المغربية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: