أوروبا تكافح كورونا مستحضرة مأساة الحرب العالمية الثانية

أحيى الغرب الذي يواجه انتشار فايروس كورونا المستجد، الجمعة، ذكرى مرور 75 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية، في ظل إجراءات عزل غير مسبوقة بدأت ترفع تدريجيا بينما ما زال الوباء يحصد أرواحا خصوصا في الولايات المتحدة.

كما أن فايروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة نحو 267 ألف شخص في العالم خلال خمسة أشهر، تسبب بحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ”مشاعر عارمة من الحقد وكراهية الأجانب”.

بوريس جونسون: كورونا يتطلب بذل جهود بالروحية التي تجسدت قبل 75 عاما

ودعا العديد من القادة الأوروبيين إلى استعادة روحية الانتصار الذي تحقق في 1945 في مكافحة جائحة كورونا المستجد في ذكرى إحياء نهاية الحرب العالمية الثانية في الثامن من مايو.

وأكد الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بالمناسبة “علينا ألا نقبل بأن يتبدد أمام أعيننا نظام السلم” الذي أقيم منذ 1945، مضيفا “نريد تعاونا أكبر وليس أقل في العالم بما في ذلك لمكافحة الوباء”.

وقال شتاينماير”آنذاك تم تحريرنا. اليوم يتعين أن نحرر أنفسنا بأنفسنا من النازية الجديدة والكراهية والتحريض ومعاداة الأجانب وازدراء الديمقراطية”. وأشار شتاينماير إلى”المسؤولية الألمانية تجاه أوروبا باعتبارها أحد نتائج التاريخ، مضيفا أن هذه المسؤولية مستمرة حتى في أزمة جائحة كورونا”.

وكان الرئيس الألماني قرّر تنظيم مراسم رسمية كبيرة دعي إليها 1600 شخص، لكنها ألغيت بسبب الوباء. ولم يحصل احتفال ضخم في هذه الذكرى سوى مرة واحدة في ألمانيا في 1995.

وبدلا من ذلك، قام شتاينماير والمستشارة أنجيلا ميركل بوضع إكليلي زهور على نصب ضحايا الحرب والهولوكوست (محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية) التي قتل خلالها ستة ملايين يهودي. واقتصرت الفعاليات على العاصمة الألمانية.

وبلهجة اتخذت بعداً قومياً، قارن رئيس الوزراء بوريس جونسون بين الماضي والحاضر، وكتب مخاطباً المحاربين القدامى، أنه “في هذه الذكرى، نخوض معركة جديدة ضد فايروس كورونا المستجد الذي يتطلب بذل جهود وطنية بتلك الروحية التي جسدتموها قبل 75 عاما”.

وبعدما أشار إلى إلغاء الاحتفالات وإجراءات التباعد الاجتماعي، قال جونسون “اسمحوا لنا أيها المواطنون الفخورون، أن نكون أول من يعبر لكم عن امتناننا وشكرنا من أعماق قلوبنا، ونقسم بأننا سنتذكركم دائما”.

وحلق سرب من سلاح الجو البريطاني فوق العاصمة في طلعة استعراضية فيما التزمت قنوات التلفزيون بدقيقة صمت.

احتفال مقتضب

وكان وباء كوفيد – 19 الذي أودى بحياة نحو 270 ألف شخص في جميع أنحاء العالم منذ ظهوره في ديسمبر في الصين، حاضراً في كل مكان خلال احتفالات 8 مايو، التي نظمت بالحد الأدنى.

وفي فرنسا، ترأس الرئيس إيمانويل ماكرون احتفالًا مقتضباً في باريس في ساحة ليتوال التي خلت تقريباً من الحضور. ووضع إكليلا من الزهور أمام تمثال الجنرال ديغول على وقع الموسيقى العسكرية، واجتاز شارع الشانزليزيه في موكب صغير.

وفي الولايات المتحدة، وضع الرئيس دونالد ترامب إكليل زهور أمام نصب الحرب العالمية الثانية في واشنطن، بينما تنظم وزارة الدفاع الأميركية من جهتها “يوما لانتصار أوروبا” افتراضيا، مع برنامج مباشر يبث على موقعها وشبكات التواصل الاجتماعي.

فرانك فالتر شتاينماير: المسؤولية الألمانية تجاه أوروبا مستمرة حتى في أزمة كورونا

لكن الاحتفالات في ألمانيا جلبت اهتماماً خاصاً لأن هذا البلد لا يحتفل عادة بذكرى استسلام النظام النازي للحلفاء. وقررت بلدية برلين هذه المرة جعل المناسبة يوم عطلة، في مبادرة تقتصر على العاصمة الألمانية وعام 2020.

ودعا الرئيس الألماني مواطنيه إلى اعتبار 8 مايو “يوم امتنان” وليس يوم مرارة للهزيمة والمعاناة التي لحقت بهم من جراء قصف الحلفاء وطرد السكان الألمان من مناطق أوروبية أو فقدان أراض.

وقال شتاينماير “اليوم نحن الألمان يمكننا القول إن يوم التحرير هو يوم امتنان … لقد استلزم الأمر ثلاثة أجيال حتى أمكننا قول ذلك بصدق”.

وفي عام 1985، بمناسبة الذكرى الأربعين لانتهاء الحرب، تحدث الرئيس الألماني حينها ريتشارد فون ويساكر لأول مرة عن “يوم التحرير”.

وباستخدام كلمة “الامتنان” هذه المرة، تتخذ ألمانيا خطوة أخرى في وقت يشكك فيه أقصى اليمين بثقافة التندم الألمانية عن الجرائم النازية.

ودان حزب البديل لألمانيا الاحتفالات. وقال زعيمه ألكسندر غولاند إن الثامن من مايو ما زال “هزيمة مطلقة”، لأن ألمانيا فقدت “استقلاليتها” في القدرة على “صنع مستقبلها”.

ورد رئيس الجالية اليهودية جوزيف شوستر بأن “الألمان يقدمون بشكل أساسي على أنهم ضحايا … أجد أن هذا تهوين تاريخي غير مسؤول للجرائم النازية”.

وبسبب كوفيد – 19، لا عروض ضخمة ولا احتفالات عامة هذا العام كما هو الحال بالنسبة لجميع الأحداث العالمية منذ شهرين، في شلل غير مسبوق في العالم.

وفي موسكو يتجلى بوضوح تأثير الوباء على الاحتفالات. فهذه السنة لن يجرى العرض العسكري الكبير في الساحة الحمراء. ولم تبق السلطات سوى على الشق الجوي من الاحتفالات وسيجرى السبت في “يوم النصر” الذي تحتفل به موسكو في التاسع من مايو في كل سنة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: