الحلف الأطلسي يشيد بالانخراط متعدد الأبعاد للمغرب في تحقيق الاستقرار الإقليمي

ماموني

تعكس الزيارات المتواترة لمسؤولين من حلف شمال الأطلسي إلى المغرب مدى اهتمام الحلف بتعزيز الشراكة والتنسيق مع المملكة، لعدة اعتبارات بينها الموقع الجيوسياسي الذي تحظى به المملكة، فضلا عن القدرات الكبيرة التي أظهرتها في مواجهة التحديات الأمنية القائمة لاسيما في علاقة بمكافحة الإرهاب.

أشاد حلف شمال الأطلسي (الناتو) بدور المغرب كفاعل مهم في تحقيق الاستقرار ومواجهة مختلف التحديات والرهانات التي تطبع الأمن الإقليمي، وتصميم المملكة تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، على تنفيذ إستراتيجيات الإصلاحات وإشعاعها كواحة للاستقرار والسلام بالنسبة لجوارها الأورو – متوسطي والأفريقي.

جاء ذلك خلال زيارة أجراها الأميرال روب باور، رئيس اللجنة العسكرية للحلف الأطلسي، للمغرب في الفترة الممتدة بين الثامن والعشرين والثلاثين من أبريل المنقضي.

وتأتي الزيارة في إطار جهود “الناتو” لتعزيز شراكته مع أعضاء الحوار المتوسطي، في أفق استقاء تقييم للوضع الأمني الإقليمي وتوطيد فرص التعاون مع الحلف.

واستقبل الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المغربية المكلف بإدارة الدفاع الوطني عبداللطيف لوديي الاثنين بمقر الإدارة، وبحضور الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، الأميرال روب باور.

وحسب بيان إدارة الدفاع الوطني المغربي، فقد بحث الجانبان مختلف أوجه التعاون بين حلف شمال الأطلسي والمغرب في مجالات التكوين وتعزيز القدرات بغية ضمان الأمن في المنطقة المتوسطية.

 

هشام معتضد: للمغرب تاريخ في تدبير رهانات الاستقرار الإقليمي
هشام معتضد: للمغرب تاريخ في تدبير رهانات الاستقرار الإقليمي

 

وقبل زيارة الأميرال روب باور، كشف التقرير السنوي الصادر عن ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مدى اهتمام الحلف بمواصلة مشاورات مكافحة الإرهاب مع المغرب، باعتباره أحد أهم شركاء الحلف من خارجه في القارة الأفريقية، وتحديدا في منطقة المغرب العربي وشمال أفريقيا.

وأشار التقرير إلى أنه خلال عام 2023، قام الحلف بإجراء مشاورات خاصة بمجال مكافحة الإرهاب مع عدد من شركائه، ومنهم: المغرب وقطر والعراق والكويت وكولومبيا.

وتستند الشراكة القائمة بين حلف شمال الأطلسي والمملكة المغربية، حسب التقرير الخاص بسنة 2023، على أساس أنها شريك موثوق فيه ولا يمكن الحياد عنه، وأوضح التقرير أن الإرهاب لا يزال أكبر تحد لحلف “الناتو”، وأيضا لاستقرار المجتمع الدولي، مؤكدا أن “سنة 2023 عرفت استمرار الحلف في تعزيز دوره الدولي في مكافحة الإرهاب”.

واعتبر هشام معتضد، الأكاديمي والباحث في الشؤون الإستراتيجية، أن زيارة رئيس اللجنة العسكرية للحلف الأطلسي تأتي في إطار التنسيق بين المغرب وحلف الناتو من منظور الدور الإستراتيجي للرباط على المستوى الإقليمي والدولي في مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للقارات والجريمة المنظمة، حيث ينظر الناتو إلى المملكة كحليف ذي مصداقية وتاريخ في تدبير رهانات الاستقرار والأمن في المنطقة.

وأشار معتضد في تصريح لـه إلى أن “رهان الناتو على المغرب لأجل بناء خارطة مكافحة الإرهاب، تفسره فعالية المؤسسات المغربية ومقاربتها النوعية في طريقة تدبير هذا النوع من التحديات والتهديدات، حيث أبانت المملكة عن نجاعة مهنية جنبت العديد من الدول الغربية هجمات حقيقية وأنقذت العديد من التجمعات البشرية من حدوث أفعال إرهابية مدمرة”.

وهو ما ذهب إليه تقرير صادر عن منظمة “سبيشيال أوراسياس” الذي أكد على تحول في المشهد الجيوسياسي للمغرب بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وهو ما ساهم في تعزيز مكانته على الصعيدين الإقليمي والدولي. كما حدد معالم تطلعاته الدبلوماسية وتأثيرها على المسرح العالمي.

شراكة الناتو مع المغرب ستكون لها انعكاسات إيجابية على منطقة الساحل والصحراء، وستستفيد منها العديد من دول المنطقة

وذكر التقرير أن المغرب امتاز بسياسة خارجية حازمة وتحالفات إستراتيجية مع القوى العالمية المؤثرة مثل الولايات المتحدة، وهو ما ساهم في تكريس مكانة المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وسهلت التحالفات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة طبيعة التعاون العسكري الكبير، بما في ذلك المساعدات وبرامج التدريب والوصول إلى التقنيات العسكرية المبتكرة، حسب ذات التقرير، وبالتالي دعم المغرب موقعه الإستراتيجي وعزز قدراته الدفاعية في مختلف المجالات، مما يؤكد موقفه في الحفاظ على المصالح الوطنية.

وأسست الرباط نواة لتحالف يضم الدول الأفريقية المطلة على المحيط الأطلسي “ناتو أفريقي” عام 2022، وذلك بالتزامن مع توجهات حلف شمال الأطلسي لتوسيع عضويته لتضم دولا جديدة من خارجه، وخاصة في دول القارة.

وأثناء زيارة رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، أعرب المغرب والمنظمة عن الطموح والإرادة المشتركين في تعزيز العلاقات بين المملكة المغربية وحلف شمال الأطلسي مستقبلا، التي شكلت نقطة مهمة في المحاضرة التي ألقاها الأميرال باور بالكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا بالقنيطرة لفائدة الضباط العسكريين حول “آفاق وإستراتيجيات حلف شمال الأطلسي”.

وفي وقت سابق أكد مدير الكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا أنه سيتم تعزيز السلك العالي للدفاع من خلال عمليات متعددة التخصصات بهدف مواجهة التهديدات الجديدة ورفع التحديات المرتبطة بالتكنولوجيات الناشئة، فضلا عن دراسة آليات التعاون العسكري مع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأفريقي.

وفي إطار الشراكة طويلة الأمد التي تجمع هذا الحلف الغربي مع المؤسسات الأمنية والعسكرية المغربية، أشرف بداية شهر أبريل خبراء عسكريون من قيادة القوات المشتركة للحلفاء في نابولي التابعة لحلف شمال الأطلسي، المكلفة بالتحضير للتدريبات العسكرية وتخططيها وتنفيذها من أجل ضمان الأمن الإقليمي للدول الأعضاء في هذا الحلف، على تدريب 25 ضابطا من القوات المسلحة الملكية في مجال التعامل مع حالات وسيناريوهات عملية ومركزة على المستوى التشغيلي في علاقة بالتعامل مع العبوات والمتفجرات.

ولفت هشام معتضد، في تصريحه لـه إلى أن تحقيق الأهداف الإستراتيجية لحلف الناتو يمر من خلال التنسيق الأمني المباشر مع المؤسسات المغربية، نظرا للموقع الجغرافي للمملكة وضبطها للعديد من التفاصيل المرتبطة بالحركات الإرهابية والجريمة المنظمة في محيطها الإقليمي.

وقال الباحث المغربي في الشؤون الإستراتيجية إن شراكة حلف شمال الأطلسي مع المغرب ستكون لها بدون شك انعكاساتها الإيجابية على منطقة الساحل والصحراء، وستستفيد من خلالها العديد من الدول الأفريقية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: