باماكو تشيد بالعلاقات المتميزة مع المغرب

ماموني

تراهن الحكومة المالية على علاقات أمتن مع المغرب، خصوصا بعد المبادرة التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس لتسهيل ولوج دول منطقة الساحل إلى المحيط الأطلسي كفرصة تاريخية لتحقيق نمو اقتصادي.

أكد الوزير الأول المالي تشوغويل كوكالا مايغا أن المغرب يعد بلدا صديقا تعتمد عليه مالي من أجل مواصلة مسار البناء وتحقيق الاستقرار، وفقا لتعليمات من العاهل المغربي الملك محمد السادس، في خطوة تؤكد أن باماكو تسعى للاستفادة من التجارب المغربية.

وقال مايغا خلال استقباله للوفد المغربي الذي شارك في أسبوع المهندسين المساحين الخبراء، الذي انتظم في مالي خلال اليومين الماضيين وحلّت فيه المملكة ضيف شرف، إن  “المغرب بلد شقيق وصديق تربطه بمالي علاقات خاصة وعريقة”. وتابع أن “بلدينا لا تربطهما حدود مشتركة، لكن علاقاتنا هي بمثابة العلاقات بين الأشقاء والأصدقاء، وهو ما يبرز غنى وعمق ومتانة الروابط بين البلدين”.

واعتبر تشوغويل كوكالا مايغا أن “العلاقات التاريخية بين البلدين تجعل المغرب كدولة جوار لمالي، وبالتالي كشقيق وصديق”، مسجلا أنه “يتعين أن يكون لدى مواطني البلدين وعي واضح بخصوصية العلاقات” التي تجمع بين المغرب ومالي، كما شدد مايغا على عمق أواصر الأخوة والصداقة بين شعبي البلدين، لافتا إلى أن المملكة تشكل وجهة مفضلة لدى الماليين.

وأشار الوزير الأول المالي إلى أن مصحة محمد السادس للرعاية ما قبل وبعد الولادة بباماكو، التي تم افتتاحها في يوليو 2022، تشكل نموذجا لهذا التعاون النموذجي، منوها بالجهود التي يبذلها الأطباء المغاربة لنقل خبراتهم إلى نظرائهم الماليين. وضم الوفد المغربي الذي استقبله الوزير الأول المالي سفير المملكة لدى باماكو إدريس اسباعين ورئيس الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين خالد يوسفي.

وفي إطار التعويل على المملكة المغربية لتحقيق النمو والتنمية الاقتصادية وتجاوز الظرفية الصعبة التي تمر بها مالي، عيّن عاصمي غويتا، رئيس الفترة الانتقالية بمالي، نهاية يناير الماضي، فافري كامارا سفيرا جديدا لباماكو في المغرب، حيث أكدت رئاسة الحكومة الانتقالية بمالي في بلاغ أن “تعيين سفير في المملكة المغربية الشريفة جاء لتعزيز العلاقات الديناميكية بين البلدين، والتي تعرف ما يصل إلى ستين اتفاقية تعاون، مع ضرورة استئناف اللجنة المشتركة بين مالي والمغرب، والتي تعرف توقفا لبعض الوقت”.

 

شريفة لموير: تصريحات مايغا مؤشر قوي على عمق العلاقات مع المغرب
شريفة لموير: تصريحات مايغا مؤشر قوي على عمق العلاقات مع المغرب

 

وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية والإستراتيجية، أن “العلاقات المغربية – المالية تعكس واقع السياسة المغربية في علاقاتها الإقليمية والأفريقية التي ترتكز على مبادئ واضحة وقيم مسؤولة، كما تدار من خلال مؤسسات سيادية ملتزمة برؤيتها الإستراتيجية للتكامل الأفريقي والعمل السياسي والاقتصادي والدبلوماسي الذي يخدم تحصين مصالح البلدين”.

وقال  إن “العلاقات المغربية – المالية لم تتغذ على النزاعات الإقليمية لتقويتها أو تنتظر الخلافات الدبلوماسية مع محيطها الإقليمي من أجل الدفع بها إلى الأمام، لأنها قائمة على تاريخ كبير ومسار سياسي وثقافي وديني متين، انطلاقا من أن الدبلوماسية المغربية تقوم على موروث تاريخي عريق يحترم سيادة الدول ويؤمن بالمؤسساتية كمنهجية في العمل الدبلوماسي، والقانون والحقوق والأعراف الدولية كمعيار لتدبير العلاقات الدولية”.

وانضمت مالي إلى مبادرة الأطلسي التي أطلقها الملك محمد السادس وتهدف إلى ولوج دول الساحل الأفريقي إلى المحيط، وهي الخطوة التي ستفتح طريقا آخر أمام هذه البلدان لتجاوز الوضع الاقتصادي الصعب جراء استمرار تردي الوضع الأمني والاجتماعي، وتنامي مخاطر التنظيمات الانفصالية.

وأكدت شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية، أن “تصريحات الوزير الأول المالي مؤشر قوي على عمق العلاقات مع المغرب، خاصة في هذا الظرف الانتقالي الذي تشهده البلاد”. وأضافت أن “كل المبادرات المغربية تجاه شركائها الأفارقة ومنهم مالي تعكس جدية سياسة العمق الأفريقي التي ينهجها المغرب”.

ولفتت لموير إلى أن “سياسة الحياد التي نهجها المغرب إبان الظرفية الانتقالية التي شهدتها مالي شكلت نقطة حاسمة في تعميق علاقة الرباط مع سلطات وشعب هذا البلد الذي ينتمي إلى دول الساحل والصحراء، ولم تمنعها من تأكيد الروابط التي تجمعها مع المغرب، مع الانخراط في كل المبادرات التي تطلقها الرباط  ضمن إستراتيجية تعاون جنوب – جنوب تضامني وفعال”.

ويقول مراقبون إن البيئة المحيطة بمالي التي يتداخل فيها ما هو قبلي وما هو حدودي، إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي وأزمة الطوارق المستعصية والمتشعبة في أكثر من دولة في المنطقة مثل ليبيا والنيجر وموريتانيا وبوركينا فاسو، دفعت بالماليين إلى تعميق شراكتهم مع المغرب الذي يملك رؤية لإنتاج حلول غير تقليدية للتعاطي مع الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية المؤدية إلى ما تعيشه مالي بشكل خاص.

وتعزيزا للتعاون بين المغرب ومالي في مجال تقييم جهود التنمية البشرية، أشاد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي بمالي ياكوبا كاتيلي، الذي قام بزيارة للمملكة على رأس وفد هام، بجودة العلاقات المتميزة التي تربط بين المغرب ومالي، وذلك بفضل الإرث الثقافي والحضاري المشترك وقاعدة متينة من التعاون الثنائي في مختلف المجالات، مثمنا الجهود التي يبذلها المغرب للمضي قدما في مساره التنموي والاجتماعي والاقتصادي، ومعربا عن رغبة بلاده في الاستلهام من التجربة المغربية في مجال تتبع وتقييم التقدم في مجال التنمية البشرية.

ونظرا للعلاقات المتوترة بين مالي والجزائر والتحديات الأمنية التي يعرفها شمال البلد، لم يستبعد أحمد ولد عبدالله، وزير الخارجية الموريتاني الأسبق، في ديسمبر الماضي أن تعترف مالي بمغربية الصحراء، مشيرا في تصريحات صحفية إلى أن ثقل العلاقات التاريخية التجارية والإنسانية بين المغرب ومالي يدفع في هذا الاتجاه، مسجلا أن الرباط واكبت صعود موجات الإرهاب العنيف في المنطقة بإنشاء معهد لتدريب الأئمة الماليين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: