اليمين الإسباني يعادي مصالح الرباط من بوابة المنتجات الزراعية

ماموني

يقود اليمين السياسي في إسبانيا حملة مغرضة، للتشكيك في جودة المنتوجات الزراعية المغربية الموجهة نحو أوروبا، في وقت تنفي فيه وزارة الزراعة والصيد البحري بشكل قاطع صحة تلك الإشاعات، مؤكدة أنها حملة صادرة عن جهات تستهدف تشويه سمعة المنتوج الزراعي المغربي.

بعد فشلها في زرع التوتر بين الحكومة الإسبانية والمغرب لجأ اليمين السياسي وعلى رأسه حزب الشعب الإسباني، إلى استغلال المنتجات الزراعية المغربية المصدرة إلى دول الاتحاد الأوروبي من خلال إثارة مزاعم حول جودتها ومدى مطابقتها للمعايير الصحية، حيث تقدم بمقترح قانون غير ملزم للحكومة، يدعو فيه إلى اعتماد إجراءات تحظر واردات المنتجات، القادمة من المغرب.

ومن المرتقب أن يُدافع حزب الشعب الإسباني، الأربعاء أمام لجنة الزراعة بالكونغرس الإسباني عن مقترح يحث من خلاله حكومة بيدرو سانشيز على طلب إجراءات طارئة من المفوضية الأوروبية فيما يتعلق بالواردات من المغرب، وذلك بعد مزاعم اكتشاف جهاز الرصد الأوروبي لشحنة من الفراولة القادمة من المغرب ملوثة بفايروس التهاب الكبد الوبائي أ، تبين أنها خالية من أي مبيد ضار بعد إجراء تحاليل مضادة.

ويطالب الحزب الشعبي الإسباني، بتفعيل إجراء وقائي فيما يتعلق بالواردات المغربية، وسنّ المزيد من القيود على سوق الصادرات الزراعية المغربية، مُطالبا بأن تشرع اللجنة الأوروبية عملية تطبيق هذا الشرط، والشروع في تطبيق عملية بند الحماية لضمان سلامة المستهلكين تنزيلا للقوانين الجاري بها العمل التي تستلزم أن تطلب ذلك إحدى الدول الأعضاء أو كيان قانوني أو جمعية.

كما طلب إثنان من أعضاء الحزب في البرلمان الأوروبي من المفوضية الأوروبية في سؤال مكتوب، “اتخاذ تدابير عاجلة”، ضد الصادرات الزراعية الواردة من المغرب، التي لا تمتثل لمعايير الصحة المعمول بها داخل الاتحاد الأوروبي.

محمد بودن: العلاقات المغربية – الإسبانية محكومة برؤية إستراتيجية

وتجلت الحملة ضد المنتجات الزراعية المغربية، في إصدار نظام الإنذار السريع للأعلاف والأغذية المعمول به على مستوى الاتحاد الأوروبي، تحذيرا صحيا من مستوى “خطير” يهم شحنة من الفراولة ملوثة بفايروس “التهاب الكبد الوبائي أ”، وهو التحذير الذي سارع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، لتكذيبه بناء على تحاليل مخبرية مضادة.

ورفضا لأي استغلال سياسي من طرف اليمين للمنتجات الزراعية المغربية، أكد وزير الفلاحة والصيد البحري والأغذية، لويس بلاناس، أن المغرب بلد مهم للغاية بالنسبة للقطاع الزراعي الإسباني، نظرا لأن العديد من الشركات المغربية تقوم بتصدير واستيراد المنتجات الزراعية بجميع أنواعها.

وفيما يتعلق ببعض التصريحات التي تقول إن إسبانيا تستورد منتجات بلدان ثالثة مثل المغرب لا تحترم القواعد الأوروبية للصحة النباتية، أشار وزير الفلاحة الإسباني إلى أن “هذا عار تماما عن الصحة، مشددا على أهمية اهتمام “المغرب كشريك إستراتيجي” بمجال تكييف التكنولوجيا في القطاع الزراعي.

واعتبر محمد بودن الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، أنه “تنبغي قراءة تصريحات وتحركات اليمين الإسباني ضد المنتجات الزراعية المغربية في سياق انتخابي ضاغط يهم الانتخابات الأوروبية التي ستجرى في مستهل يونيو 2024 والحزب الشعبي الإسباني يسعى من جهة إلى تقديم نفسه داخليا وخارجيا ومن جهة أخرى إلى التعويض عن عدم تمكنه من تشكيل ائتلاف حكومي والتطلع للحصول على نسبة مهمة من المقاعد الـ61 المخصصة لإسبانيا في البرلمان الأوروبي وهذا السيناريو يبقى مرجحا حتى الآن”.

وأضاف أن  “العلاقات المغربية – الإسبانية محكومة بأجندة طموحة ورؤية إستراتيجية والمواقف الإسبانية تجاه المصالح العليا للمملكة المغربية هي مواقف دولة وليست مواقف أطراف غير رسمية”، مشددا أن “المواقف الحزبية الإسبانية يتم تقييمها باستمرار لكنها لا تتضمن وجهات نظر بعيدة المدى لأن الطابع الرسمي للعلاقات حيوي وفي أفضل أوقاته”.

ويرى مراقبون أن محاولات اليمين الإسباني بإلحاق الأذى بالصادرات الزراعية المغربية جاءت بعد الفشل في إقناع بيدرو سانشيز بدمج مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وذلك لمكاسب سياسية، خاصة عزمهما على المضي قدما في تنفيذ هذا البرنامج الكبير لتنزيل الرؤية الجديدة في التعاون السياسي والاقتصادي والأمني غير المسبوق.

الحزب الشعبي الإسباني يطالب بتفعيل إجراء وقائي فيما يتعلق بالواردات المغربية، وسنّ المزيد من القيود على سوق الصادرات الزراعية المغربية

وأكدت صحيفة “فوزبوبيلي” الإسبانية أنه “على الرغم من الشكاوى المستمرة من النقابات الزراعية فيما يتعلق بالفواكه والخضروات، فإن المغرب لم يدخل حتى ضمن الدول العشر الأولى التي تسببت في أكبر عدد من الإنذارات في العام الماضي، حيث أن دول مثل تركيا والصين وفرنسا وإيطاليا سجلت أكبر كمية من الأطعمة التي تسببت في تنبيهات صحية ولم يتم التعامل معها كما المغرب.

ونفت وزارة الزراعة والصيد البحري بشكل قاطع صحة الإشاعات التي يتم تداولها في بعض وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي التي تدعي وجود فيروس التهاب الكبد أ، بالفراولة المغربية، فيما لم تُشر إلى باقي المنتجات المغربية التي طالتها الحملة، مؤكدة أن هذه المعلومات الخاطئة التي لا أساس لها من الصحة “صادرة عن جهات تستهدف تشويه سمعة المنتوج الزراعي المغربي”.

وتزامنت الحملة التي يقودها اليمين الإسباني وبعض وسائل الإعلام ضد المنتجات الزراعية مع تعرّض عشرات الشاحنات المغربية، المحملة بتلك المنتجات نحو أوروبا، للتخريب من طرف المزارعين الأوروبيين الغاضبين من المنافسة المغربية، والجهات التي تقف وراء هذه الحملة الممنهجة التي باتت تستهدف جل المنتجات الاستهلاكية المغربية الموجهة صوب سوق التصدير الأوروبي، على غرار الفراولة والطماطم وزيت الزيتون.

وقالت الكونفدرالية المغربية للزراعة والتنمية القروية في بيان لها، إن الاعتداءات المتكررة والمقلقة تضر بالعلاقات التجارية النموذجية بين المغرب والاتحاد الأوربي، ترمي إلى نشر مغالطات إعلامية مغرضة تسيء إلى المزراعين المغاربة وتلحق بهم الضرر، مؤكدة عزمها رفع شكاوى أمام المحاكم الإسبانية في هذا الشأن.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: