الدعم الأميركي للمغرب في قضية الصحراء يتعدى الجانب الدبلوماسي إلى الدفاعي

ماموني

شهدت العلاقات الأميركية – المغربية تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة لاسيما في الجانب الدفاعي، حيث تحرص الولايات المتحدة على تعزيز القدرات الدفاعية للمملكة والتي لا تنحصر فقط في المناورات المشتركة، بل وأيضا في تحديث الترسانة العسكرية للرباط حتى تكون لها الأسبقية  والقدرة على مجابهة التحديات المحيطة.

تترجم صفقات التسليح التي صادقت عليها الولايات المتحدة لصالح المغرب خلال السنوات الأخيرة حرصا أميركيا على تحسين أمن حليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي، في مواجهة التحديات الماثلة في المنطقة، وهو ما يؤكد على قوة العلاقات بين الجانبين.

وترى صحيفة “لابروفينسيا” الإسبانية أن صفقات التسليح التي صادقت عليها إدارة جو بايدن لصالح المغرب تستهدف بالأساس تعزيز الترسانة العسكرية المغربية في مواجهة التهديدات التي تخلقها جبهة بوليساريو، مما يشير إلى أن الدعم الأميركي للمملكة في قضية الصحراء يتجاوز الدبلوماسي إلى العسكري.

وقال خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن هذا التوجه يعكس مدى التنسيق المغربي والأميركي على عدة مستويات والذي يطبع العلاقات الثنائية التي توّجت باعتراف أميركي بالسيادة المغربية على الصحراء، ما يعزز طبيعة العلاقات الثنائية المتقدمة وتناغم في الرؤى المتعلقة بالاستقرار والأمن في المنطقة وكذلك في الصحراء والساحل.

 

هشام معتضد: الجيش المغربي  شريك إستراتيجي وثيق للبنتاغون

وأشار الشرقاوي السموني، في تصريح لـه، إلى أن عمق الشراكة الإستراتيجية التي تجمع بين البلدين في مختلف المجالات يكتسي أهمية بالغة على المستوى الجيوسياسي، لدعم آليات الدفاع المشتركة نحو مزيد من الفعالية على المستوى الميداني خدمة لتمتين علاقات التعاون الثنائي المتميز لتوطيد الأمن والاستقرار الإقليمي وتقويض حركية التنظيمات الإرهابية عبر المنافذ الحدودية، خاصة بمناطق الصراعات في أفريقيا.

ويواصل المغرب العمل على تحسين قدرات كافة فرقه العسكرية والأمنية، في إطار مخطط يشمل تحديث القدرات الدفاعية بأسلحة وعتاد عسكري متطور وتتوفر فيه كافة شروط التطور.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية في التاسع والعشرين من مارس الماضي، عن حصول شركة “لوكهيد مارتن” على صفقة جديدة تهم دعم استدامة طائرات “أف 16” المغربية، تشمل عددا غير محدود من الخدمات، وهذا العقد صالح إلى غاية أواخر فبراير 2025، ويشمل الخدمات الهندسية والفنية والدعم والاستدامة وإدارة التكوين، والدعم الخاص ببرنامج ضمان سلامة نظام الطائرة، ودعم الاستعداد للمهمة والاستدامة والموثوقية وقابلية الصيانة لنظام الأسلحة بمقاتلات أف 16”.

وتوج التعاون الإستراتيجي بين المملكة المغربية والولايات المتحدة، في أكتوبر 2020، بتوقيع مذكرة تفاهم تحدد خارطة الطريق العشرية 2020 – 2030، من أجل توطيد العلاقات الثنائية في مجال الدفاع والنهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع من أجل التحفيز على نقل التكنولوجيا والبناء التدريجي للاستقلالية الإستراتيجية للمملكة في هذا المجال.

ووافقت الولايات المتحدة مؤخرا على صفقة بيع عسكرية محتملة لفائدة المملكة المغربية، تتعلق بمنظومة صواريخ “جافلين”، بلغت قيمتها وفق ما كشفت عنه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، 260 مليون دولار، تتضمن المنظومة الصاروخية ومعدات عسكرية ذات صلة بها.

 

خالد الشرقاوي السموني: الشراكة الإستراتيجية مع واشنطن تكتسي أهمية بالغة

وحسب بلاغ نشرته وزارة الدفاع الأميركية في الأيام الماضية، فإن وزارة الخارجية وافقت على هذه الصفقة، وقد تم إبلاغ الكونغرس بها، مشيرا إلى أن البيع سيدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة من خلال المساعدة في تحسين أمن حليف رئيسي غير عضو في “الناتو” لا يزال يمثل قوة مهمة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في شمال أفريقيا.

وتتعلق الصفقة باقتناء المغرب 612 قذيفة “أف جي م 148 أف” من طراز “جافلين”، و200 وحدة إطلاق، إضافة إلى العديد من المعدات العسكرية الأخرى المرتبطة بهذا النظام الصاروخي، مثل قطع الغيار ومعدات المساعدة التقنية والدعم اللوجيستي والتدريبي، وكلها من صنع شركة “لوكهيد مارتين” وشركة “أر تاكس كوربوريشين”.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن الصفقة ستساهم في تحسين القدرة الدفاعية طويلة الأجل للمغرب للدفاع عن سيادته وسلامة أراضيه وتلبية متطلبات الدفاع الوطني. ولن يواجه المغرب أيّ صعوبة في استيعاب هذه المعدات في قواته المسلحة.

وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية والأمنية، أن الجيش المغربي يعد شريكا إستراتيجيا وثيقا بالنسبة إلى إدارة الدفاع الأميركية في المنطقة خاصة وأن مستوى التعاون بين الجيشين المغربي والأميركي ارتقى إلى مجالات جد حساسة ومعقدة تدخل ضمن خانة الأمن القومي الخارجي للولايات المتحدة، وذلك نظرا إلى كون المغرب حليفا إستراتيجيا من الدرجة الأولى لواشنطن على مستوى شمال أفريقيا والساحل والصحراء.

ويأتي الدعم الأميركي لتقوية القوات المسلحة المغربية في ظل تطورات إقليمية مربكة تشهدها المنطقة خاصة بعد التهديدات التي أطلقتها قيادة جبهة بوليساريو ووجود أدلة على التوغل الإيراني في شمال أفريقيا وبالتحديد في المحيط الإقليمي للمملكة.

المغرب يواصل العمل على تحسين قدرات كافة فرقه العسكرية والأمنية، في إطار مخطط يشمل تحديث القدرات الدفاعية

وينسق المغرب عن كثب مع الولايات المتحدة  حول العديد من القضايا الأمنية  الحيوية وتشاركا في أكثر من 100 مناورة وفعالية عسكرية سنويًا، وتستضيف الأسد الأفريقي – أكبر  تدريبات عسكرية سنوية في القارة الأفريقية – وتعتبر واشنطن المغرب شريكا رئيسيا في كل  من برامج التعليم والتدريب العسكري الدولي الأميركية وبرامج المبيعات العسكرية الأجنبية.

وفي إطار الدعم الأميركي المستمر تسلمت القوات المساعدة المغربية، في الفترة الأخيرة، 88 مركبة عسكرية مدرعة، ذات نظام الدفع الرباعي، التي تصنعها شركة “لينكو أندوستري” الأميركية، كما قررت واشنطن في يونيو الماضي منح 500 مركبة عسكرية للمغرب، في إطار برنامج “إي دا” الذي تمنح بموجبه واشنطن الفائض من آلياتها العسكرية لفائدة الدول الحليفة، وقد وافقت الخارجية الأميركية على هذه المنحة مباشرة بعد انتهاء تمارين الأسد الأفريقي التي احتضنها المغرب خلال ذلك الشهر.

وستدعم تلك المركبات القدرات العسكرية البرية للمغرب، كما يُمكن للقوات المسلحة الملكية المغربية استخدامها في الصحراء المغربية من أجل مواجهة التحرشات التي تقوم بها العناصر الانفصالية التابعة لجبهة بوليساريو.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: