المغرب يذكّر الفرنسيين: علاقات وطيدة ولكن على أسس الاحترام المتبادل

شدد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في ندوة صحفية مشتركة مع وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه على أنه إذا كانت العلاقة المغربية – الفرنسية وطيدة فـ”يجب أن تتجدد وتتطور وفق مبادئ الاحترام المتبادل ومبادئ الطموح والتنسيق”.

جاء كلام بوريطة كرد على تصريحات سيجورنيه التي تحدث فيها عن دعم مقاربة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء من دون اعتراف واضح بمغربية الصحراء كما فعلت دول أخرى مثل الولايات المتحدة، مذكّرا الفرنسيين بأن الشراكة مع المغرب تحتاج إلى الوضوح والاحترام المتبادل.

 

خالد شيات: لا بد من موقف فرنسي أكثر وضوحا بشأن  مغربية الصحراء

وأعلن سيجورنيه أن فرنسا تدرك جيدا أن قضية الصحراء مسألةٌ وجودية بالنسبة إلى المغرب، وأنها تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، مبرزا أنه كان الدافع الأساسي لزيارته إلى الرباط، و”يجب التعويل على باريس، وموقفها الواضح في دعم هذا المخطط”.

وأضاف أن “فرنسا موقفها واضح، وتريد حل النزاع في إطار مقترح يرضي كلا الطرفين”، مردفا “أن نتقدم في موقفنا في الصحراء يعني أن نتبنى البراغماتية في الملف، مع دعم جهود المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، من أجل إعادة المفاوضات”.

وشرح الوزير الفرنسي موقف بلاده من ملف الصحراء بالقول إنها ستدعم جهود الرباط في تنمية الأقاليم الجنوبية، مشيرا إلى أن “المغرب استثمر كثيرا في مشاريع التنمية لصالح السكان المحليين وفي ما يخص التعليم والطاقات المتجددة والسياحة والاقتصاد الأزرق (الصيد البحري)”.

ويتساءل مراقبون كيف يمكن لباريس أن تدعم موقف المغرب وفي الوقت نفسه تريد مقترحا “يرضي الطرفين”، معتبرين أن ضبابية الموقف الفرنسي والسعي لتقديم مواقف متناقضة كانا وراء البرود الذي سيطر على العلاقة بينها وبين الرباط.

وقال خالد شيات أستاذ العلاقات الدولية بمراكش، في تصريح لـه، إنه “من المفروض أن يكون هناك موقف أكثر وضوحا في ما يخص الوحدة الترابية للمملكة”.

 

محمد بودن: فرنسا تدرك أن المغرب بلد محوري في القارة الأفريقية

وأضاف أن “فرنسا مطالبة بدعم مباشر واعتراف واضح بسيادة المغرب على صحرائه على غرار الولايات المتحدة، وهو ما سيدفع بالعلاقات المغربية – الفرنسية إلى أفق أرحب سياسيا واقتصاديا”.

وتضمنت تصريحات وزير الخارجية الفرنسي الكثير من الإشارات التي تدعم تقدما في العلاقات مع المغرب.

وأكد المحلل السياسي المغربي نوفل بوعمري أن “الندوة الصحفية المشتركة قدمت إشارةً إلى قرب الطي النهائي لصفحة التوتر الدبلوماسي الذي شهدته العلاقة بين البلدين بسبب الموقف الفرنسي من قضية الصحراء ومن مغربيتها”، مضيفا أن “زيارة سيجورنيه أعادت تدقيق الأوليات في العلاقة بين المغرب وفرنسا، ولهذا السبب كان التركيز الفرنسي على دعم باريس لمبادرة الحكم الذاتي وعلى عمق الشراكة التي تجمع البلدين”.

وعبر سيجورنيه عن أمله في “بناء علاقة شخصية (مع الرباط)؛ فهي ما كان ينقصنا على الأرجح خلال الأعوام الأخيرة”، مشددا على أن “المغرب تطور كثيرا في ظل حكم العاهل المغربي الملك محمد السادس، ويجب أن نرى التحديات المقبلة بكثير من التبصر، حتى نجاري العالم الذي يتحول بسرعة”.

وتحدث عن “خارطة طريق واضحة وطموحة”، معلنا أن فرنسا تريد “إقامة شراكة تجمع بلدينا مدة الثلاثين سنة المقبلة”.

وأشار إلى أن الطرفين تطرقا أيضا خلال مباحثاتهما إلى “كيفية العمل بشكل منسق في القارة الأفريقية”، خاصا بالذكر “منطقة الساحل، باعتبارنا شريكين لهما مصالح متقاربة في هذه المناطق ويمكن لنا أن نشتغل كشريكين”.

 

نوفل بوعمري: زيارة سيجورنيه أعادت تدقيق الأوليات بين المغرب وفرنسا

وطرحت الرباط مؤخرا خطة طموحة لربط بلدان الساحل الأفريقي بالمحيط الأطلسي، تراهن عليها لتعزيز وجودها في القارة. وقوبلت هذه المبادرة بتفاعل لافت من دول الساحل والصحراء.

ويرى محمد بودن، الخبير المغربي في الشؤون الدولية المعاصرة، أن تصريحات وزير الخارجية الفرنسي تعكس تقديرا دبلوماسيا وسياسيا مهما لإزالة ضباب سوء التفاهم بين البلدين، على أن يكون هذا التقدير مسنودا بالالتزامات المطلوبة وخدمة مصالح البلدين والانتقال بها نحو فصل جديد من الشراكة الإستراتيجية.

وأضاف بودن في تصريح لـه أن “فرنسا تدرك اليوم أن المغرب بلد محوري في القارة الأفريقية والفضاء الأورومتوسطي بفضل قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس لمبادرات إقليمية ودولية ملموسة بخصوص الازدهار المشترك والسلام والتنمية والتعايش”.

وشهدت العلاقة بين المغرب وفرنسا فصولا من التوتر، منها ما جدّ بعد قرار فرنسا في سبتمبر 2021 خفض عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة إلى النصف، وهو ما قوبل بانتقادات حادة في المغرب.

وفي سبتمبر الماضي ثار جدل جديد بعدما تجاهلت الرباط عرض فرنسا تقديم المساعدة إثر الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب.

ثم بدت العلاقات كأنها وصلت إلى طريق مسدود قبل أن يقر السفير الفرنسي في المغرب خلال نوفمبر الماضي بأن قرار تقييد حصول المغاربة على تأشيرات فرنسية كان خطأ، ويتم تعيين سفيرة مغربية في فرنسا بعد أشهر من الشغور.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: