صورة الأصالة والمعاصرة على المحك بعد اتهام قياديين بالاتجار في المخدرات

يشهد حزب الأصالة والمعاصرة المغربي (البام)، فترة صعبة بعد اعتقال البرلماني ورئيس نادي الوداد الرياضي سعيد الناصيري، ورئيس جهة الشرق عبدالنبي بعيوي، على خلفية قضية بارون المخدرات المالي، المعروف إعلاميا بـ”إسكوبار الصحراء”، والمتابعين فيها بتهم جنائية ثقيلة أهمها الاتجار الدولي في المخدرات.

وإلى جانب الناصيري وبعيوي المتابعين بتهم جنائية في ملف البارون المالي، هناك برلمانيون ومنتخبون في صفوف الحزب تطاردهم قضايا فساد وتبديد أموال عمومية.

وتضع هذه الأزمة الحزب أمام تحدي تطهيره من الأعضاء الذين يسيئون لصورته وإعادة الثقة أمام المواطنين خصوصا مع اقتراب مؤتمره الوطني الخامس المزمع عقده أيام 9 و10 و11 من فبراير القادم ببوزنيقة.

وسارع الأصالة والمعاصرة إلى إصدار بلاغ أكد فيه تجميد الانتماء الحزبي للمعنيين بالأمر بعد مباشرة البحث معهما، موضحا أن “الغاية من الإجراء المذكور عدم التشويش على مسار البحث، والوصول إلى الحقيقة، وإبعاد الحزب ومؤسساته عن التصرفات الشخصية لبعض أعضائه، والمتخذة في سياقات لا تحضر فيها صفتهم الحزبية أو الانتخابية”.

 

رشيد لزرق: لا بد أن يجمد الحزب عضوية المتورطين في تهم الفساد

ومن المقرر أن يمثل رئيس الفريق النيابي للحزب المشارك في الحكومة أحمد التويزي بدوره أمام القضاء في ملف يتعلق أيضا بتبديد أموال عمومية.

وفي محاولة منه للتبرؤ من قضايا الفساد، أكدت رئاسة المجلس الوطني للأصالة والمعاصرة أن مؤسسات الحزب لم يصدر عنها، صراحة أو ضمنيا، ما يسيء إلى مسار البحث أو يؤثر عليه، لتنافي ذلك مع مبدأ المساواة مع القانون، وسيادية هذا الأخير.

وأكد المجلس الوطني للأصالة والمعاصرة أن “مناضلات ومناضلي الحزب لا يتوفرون على أي امتياز، ويظلون قبل كل شيء مواطنات ومواطنين يتمتعون بالحقوق نفسها، وأداء الواجبات نفسها، على شاكلة باقي المواطنات والمواطنين”.

وأشار إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة، الذي “حمل منذ تأسيسه هم ممارسة السياسة بشكل مغاير، ويدبر من موقعه بالأغلبية الحكومية الشأن العام، يعطي الدليل من جديد، للذين مازالوا يشككون في ذلك، على أنه نموذج للحزب الشرعي المحترم للقانون، والمتقيد بقرارات السلطة القضائية، والذي لا يعقب على مؤسسات الدولة، وما يصدر عنها في حق أعضائه، إلا بما يتيحه القانون ويسمح به”.

وأكدت مصادر من الحزب أن “هناك توجيهات من قيادة الحزب إلى الأعضاء بالتزام الصمت حيال المحاكمات الجارية، أو تلك التي يمكن أن يواجهها منتخبو الحزب في المستقبل”.

وبخصوص تأخر المكتب السياسي في إبداء رأيه في القضية التي تمس من سمعة الحزب، أكد المصدر ذاته أن “المجلس الوطني قام بما يلزم وعبر عن رأي وقناعة كافة المناضلين داخل الحزب، كما أن القضاء والأجهزة المعنية يديران هذا الملف ولا يمكن المزايدة عليهما سياسيا”.

 

نوفل بوعمري: لا يسمح لهذه الملفات أن تشوش على مشاريع المغرب

وأفاد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، بأن “من الزاوية القانونية لا تزال هناك قرينة البراءة للأشخاص المتهمين في هذه القضايا وينبغي كذلك الحرص على تمتعهم بكل مقومات المحاكمة العادلة، ومن الناحية السياسية فالحزب يفترض أن يفرز حركة تصحيحية قوامها التطهير الذاتي وذلك أثناء انعقاد مؤتمره الشهر المقبل، مع تفعيل إجراءات التفتيش الدوري في أداء أعضائه”.

وأضاف  أن “شبكات الفساد عابرة للأحزاب وليست فقط حكرا على الأصالة والمعاصرة، ونظرا للقيم الحداثية التي يرفعها الحزب كشعار له، فلا بد أن تأخذ قيادة الحزب مبادرة حقيقية بتجميد عضوية كل المتورطين في تهم الفساد والمخدرات وتبديد المال العام”.

من جهته شدد نوفل بوعمري، المحامي والمحلل السياسي، على أن “بعض السياسيين ظلوا يتصرفون على أهوائهم غير مُدركين أن المغرب مقبل على مشاريع كبرى، حيث لا يمكن السماح لمثل هذه الملفات والشخصيات بالتشويش عليها، كملف المحيط الأطلسي وأنبوب الغاز ومشاريع اقتصادية كبرى منها تنظيم كأس العالم وكأس أفريقيا وغيرها من المبادرات الكبرى التي تم الإعلان عنها من طرف الملك محمد السادس”.

وأوضح في تصريح له أن “تلك المشاريع كانت ستصطدم بالفساد السياسي والمالي الذي كان سيعيق تنفيذها والتي يُنتظر منها تحقيق الإقلاع الاقتصادي الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود إرادة قوية بالضرب بيد من حديد على كل من تورط في الفساد المالي وقام بنهب المال العام، بالقانون وبسلطة القضاء، وفي ذلك إشارة إلى كل سياسي يتحمل أي مسؤولية عمومية على كون المال العمومي محرما”.

ومَثُل النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة هشام المهاجري، الأربعاء، أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء للاستماع لأقواله في ملف معروض أمام أنظار المحكمة، متعلق بـ”تبديد واختلاس أموال عمومية”، ما شرّع الباب أمام تساؤلات حول علاقة ملفه بملفات سياسيين بارزين تجري متابعتهم خلال هذه الأيام.

ونفى في تصريح للصحافة، أمام محكمة البيضاء أن تكون لملفه علاقة بملفات أخرى معروضة على القضاء، مشيرا إلى أن “الأمر يتعلق بمثول مواطن أمام القضاء”، ولا علاقة له بما يروج أمام القضاء من ملفات. وقد تم تأجيل النظر في الملف إلى غاية الرابع والعشرين من يناير المقبل، من أجل تبليغ متهمين آخرين في الملف بالحضور.

وسبق للمهاجري أن أدين على خلفية الملف المتعلق بشبهات “تبديد أموال عمومية وإقصاء منافسين وتزوير وثائق”، بصفته مقاولا بسنة سجنا نافذة، سنة 2017، وهو الملف الذي يتابع فيه العشرات من المتهمين الآخرين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: