الرئيس الجزائري يكرس الوصاية السلطوية على الحكومة

أجرى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون تعديلات طفيفة على تركيبة وزراء الحكومة عبر إقالة وزيري الزراعة والنقل خارج التعديل الحكومي التقليدي، في الوقت الذي اقتصرت فيه مؤسسة الرئاسة على بيانات مقتضبة دون تقديم الأسباب والدواعي.

أعلنت الرئاسة الجزائرية عن تنحية وزير الزراعة، واستخلافه بوزير جديد، دون تقديم توضيحات حول الأسباب والدواعي، وبذلك ينضم الوزير المقال إلى لائحة الوزراء المستغنى عنهم بشكل معزول وخارج تقليد التعديل الحكومي، الأمر الذي يكرس الوصاية الإدارية لمؤسسة الرئاسة على الحكومة، وتحويلها إلى مجرد جهاز عمومي تابع لها.

وأجرى الرئيس عبدالمجيد تبون تعديلا محدودا على حكومة نذير العرباوي، حيث أقال بشكل مفاجئ وزير الزراعة والتنمية الريفية عبدالحفيظ هني، واستخلفه بيوسف شرفة، كما تم تعيين محمد لحبيب زهانة وزيرا للنقل، غير أن البيان المقتضب لرئاسة الجمهورية لم يقدم توضيحات حول الأسباب والدواعي، خاصة وأن قرار التنحية والتعيين حمل صبغة انفرادية وليس تعديلا وفق التقاليد المعمول بها.

وكان الرئيس الجزائري قد عين منذ ثلاثة أسابيع رئيسا جديدا للوزراء، ويتعلق الأمر بالدبلوماسي ومدير ديوانه السابق محمد نذير العرباوي، الذي خلف أيمن بن عبدالرحمن، دون الإشارة إلى أي تعديل جزئي أو شامل للحكومة، خاصة وأن المنصب اقترن بحالات الاستقالة أو الإقالة خاصة في أعقاب الاستحقاقات الانتخابية.

 

عبدالقادر بن قرينة: لا يريدون للجزائر أن تحقق الاكتفاء الذاتي في القمح
عبدالقادر بن قرينة: لا يريدون للجزائر أن تحقق الاكتفاء الذاتي في القمح

 

ومنذ انتخابه رئيسا للبلاد نهاية العام 2019، سن الرئيس تبون تقليدا غير مسبوق في التعاطي مع أعضاء الحكومة، حيث قرر في عدة مرات إقالة وزراء أو تعيين آخرين بشكل انفرادي، وخارج تقليد التعديل الجزئي أو الشامل الذي يخوله إياه دستور البلاد.

واكتفت مؤسسة الرئاسة ببيانات مقتضبة لإعلان القرار للرأي العام، دون تقديم توضيحات حول الأسباب والدواعي، ولو أنها أشارت في بعض الأحيان إلى ما أسمته بـ”الخطأ الجسيم”، مع وزير سابق للنقل (عيسى بكاي)، بينما عللت القرار أيضا بتهمة الفساد لوزير سابق للمؤسسات المصغرة (نسيم ضيافات).

وذكر بيان الرئاسة الجزائرية أن “الرئيس تبون، بعد استشارة رئيس الوزراء نذير العرباوي، عين يوسف شرفة وزيرا للفلاحة والتنمية الريفية، كما عين محمد لحبيب زهانة، وزيرا للنقل”.

وإذا كان شرفة وجها وزاريا شغل عدة حقائب في الحكومات السابقة، بما فيها وزارة النقل، فإن خلفه في الوزارة، هو كادر إداري شغل منصب الأمين العام لعدة وزارات.

وتعد وزارة الزراعة من بين الهيئات الحكومية التي فشلت في تحقيق الوثبة المنشودة من طرف السلطات العليا للبلاد، خاصة في ما يتعلق بالمحاصيل الإستراتجية، حيث لا تزال الجزائر تعتمد على الاستيراد في تغطية حاجياتها من القمح والحليب والحبوب الجافة، الأمر الذي رفع فاتورة الواردات بحوالي ملياري دولار، وجهت لمادة القمح التي ناهزت سقف العشرة ملايين طن.

كما شهدت السوق المحلية ارتفاعا فاحشا لأسعار بعض المواد الزراعية، لاسيما اللحوم والدواجن والبيض، وذلك بالموازاة مع التهاب أسعار الحبوب الجافة، الأمر الذي فاقم القلق الشعبي من تدهور الوضع المعيشي، مما استدعى الحكومة للتدخل بحزمة إجراءات أدرجتها في محاربة المضاربة واحتكار استيراد وتوزيع الحبوب الجافة.

وكان الرئيس الجزائري قد أجرى منذ أسابيع حركة واسعة وعميقة داخل مؤسسة الرئاسة، بشكل أعطى الانطباع بأنها حكومة ظل تضطلع بمهام وصلاحيات واسعة، على حساب المهام التقليدية لأعضاء الحكومة، رغم أن المرسوم الناظم أشار إلى العزل بين الطرفين.

وفتح أداء وزارة الزراعة شهية النقد لدى قوى سياسية وحزبية، كما هو الشأن بالنسبة لرئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة، الذي أعاب على الوزير المقال “عدم الحرص على تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، وطالب بفتح تحقيق في الرخص الممنوحة لاستيراد الأبقار”.

منذ انتخابه رئيسا للبلاد نهاية العام 2019، سن الرئيس تبون تقليدا غير مسبوق في التعاطي مع أعضاء الحكومة، حيث قرر في عدة مرات إقالة وزراء أو تعيين آخرين بشكل انفرادي

وصرح بن قرينة، في ندوة لكوادر حركته، بأن “سوناطراك (شركة النفط الحكومية)، وقطاع الفلاحة يشكلان أمن الجزائر ولا بد أن يقود هذه القطاعات ‘كوموندوس’ يضحي من أجل الجزائر، وأن رئيس الجمهورية سيكون عاجزا عن تلبية مطالب الشعب إذا تم استنزاف موارد البلد”.

وشكك المتحدث في “طريقة منح رخص استيراد البقر وحصرها في أربعة مستثمرين فقط”، واستند إلى تنقل وزير الزراعة إلى الميناء من أجل حضور استلام البقر من الخارج وتغيبه عن معرض الزراعة.

وفي خضم هجومه على الوزير عبدالحفيظ هني، قال “لا يريدون للجزائر أن تحقق الاكتفاء الذي يمكننا تحقيقه في القمح وإذا بقي هذا الوزير لن نتمكن من الحفاظ على أمننا الغذائي”.

ولم يسلم مدير مجمع سوناطراك السابق توفيق حكار، الذي أقيل من منصبه منذ أسابيع واستخلف برشيد حشيشي، من انتقادات بن قرينة، وذكر بشأنه “مدير سوناطراك سلم المشاريع بالتراضي مع ولد قدور (مدير سابق للشركة يوجد رهن السجن) وهو يحتل الساحة اليوم بالتصريحات”.

وشدد المتحدث، الذي بات دوره وعلاقته مع السلطة يتعديان حدود الشراكة السياسية إلى التأثير في القرارات الكبرى، على “أنه لا يمكن بناء الجزائر بتصفية الحسابات، ولا مناص من مصالحة بكل أبعادها مع مختلف القوى الوطنية والتخلص من أوزار الماضي ومحو آثار الصراعات ومعالجة التصدعات التي تركتها العصابة.. المصالحة هي مع الأشخاص والمؤسسات الذين لم تتلطخ أيديهم بسرقة أموال الشعب أو بدماء الجزائريين”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: