إهمال المؤسسات المسؤولة للشأن الديني من أهم اسباب التطرف و الارهاب

بوشعيب البازي

بدأت أوروبا تستعيد ذكريات الإرهاب مرة أخرى بعد عودة الهجمات الارهابية إلى الساحة، بخلايا ارهابية نائمة، فمن الصعب نسيان العمليات الإرهابية مثل أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، والعمليات الإرهابية في أوروبا والشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين.

ومن العسير أن ننسى الجماعة السلفية ومجازرها في بروكسيل و مدريد، خاصة في ظل الصراعات الدولية وكيف يتخوف البعض الآن من احتمال تصاعد العمليات الإرهابية بسبب ذلك.

وفي هذا السياق لنا وقفة حول ما أطلق عليه البعض تعبير “أسباب الإرهاب” لنحلل السبب الحقيقي له، لأننا إن لم ندرك ذلك فسنظل نعيش معه، ونكتوي بناره إلى الأبد.

ولم أزل أذكر كيف أن بعض المحللين الاوروبيين ظنوا أن الهجرة  السبب الرئيسي للإرهاب. ويبدوا أن هؤلاء نسوا أن العديد من الإرهابيين، وقادتهم، لم يكونوا مهاجرين.

واتجه البعض لنظرية أن الجهل هو السبب في خلق فكر التطرف. ولو كان الأمر كذلك فلماذا رأينا متطرفين أطباء ومهندسين وخريجي الجامعات؟ وأشهر هؤلاء أيمن الظواهري فقد كان من نوابغ كليات الطب في مصر.

وقال البعض إن سبب الإرهاب هو الصراع العربي الإسرائيلي، والسؤال هنا لو كان الأمر كذلك لماذا يقتل الإرهابيون المسلمين؟ فأكثر ضحايا الإرهاب في العالم من المسلمين. ولنا أن نطرح سؤالاً بسيطاً ألا وهو هل تفجير مساجد الصوفيين في باكستان، وقتل الشيعة في العراق على يد الجماعات السنية المتطرفة، وما حدث في الجزائر من قتل ومجازر للشعب بأيدي الجماعات السلفية، هو أيضاً بسبب الصراع العربي الإسرائيلي؟ وأترك إجابة هذا السؤال للقارئ!

وافترض آخرون أن سبب الإرهاب هو ما تعرض له الإخوان في سجون عبد الناصر في الستينيات من القرن الماضي. ولو كان ذلك الأمر صحيحاً فلماذا رأينا الإرهاب الإسلامي في أوروبا حيث تَنَعّم الإسلاميون بالحرية التامة والاحترام، ولم يعذبهم أحد في المعتقلات!

ولو كان هذا الافتراض صحيحاً لماذا لم يلجأ الشيوعيون في مصر، وكان كثير منهم معتقلا أيام حكم عبد الناصر، أيضاً إلى العنف والإرهاب؟ كما فعل الإسلاميون.

ووضع البعض افتراض أن السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط هي الدافع الحقيقي وراء الإرهاب والتطرف. ومن الواضح أن استخدام هذه “الشماعة” لتبرير الإرهاب لا يستند إلى الواقع. فالولايات المتحدة لم تخترع كتب ابن تيمية، ولم تقرر لنا مبدأ قتال الناس على الإسلام أو الجزية أو القتل، كما فعل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).

ولو كانت الولايات المتحدة السبب، كما يفترض البعض، فلماذا يقتل المتطرفون الإسلاميون إخوانهم من المسلمين في بقاع العالم الإسلامي كما ذكرنا؟

وبالإضافة إلى ذلك ظن البعض أن غياب الديمقراطية في العالم الإسلامي السبب في حدوث ظاهرة التطرف والإرهاب. ولو كان الأمر كذلك فلماذا لم نر إرهابيين من أبناء غير المسلمين الذين يعيشون في العالم الإسلامي في ظل نفس المناخ السياسي؟

ولنا المثل في الصين التي لا تعرف أصلاً مبدأ الديمقراطية، ومع ذلك فهي لا تفرخ للعالم إرهابيين، كما فعلنا نحن في عالمنا العربي والإسلامي.

ومن الواضح أن كل الافتراضات السابقة لا يمكنها ببساطة تفسير الظاهرة لأنها تحاول إغفال الحقيقة المُرّة، وهي أن التطرف والإرهاب في العالم الإسلامي نتاج أيدلوجية دينية متعصبة ترفض الآخر، ولا تحترم الحياة، وتحبط الضمير البشري، وتعيق قدرة العقل على التفكير النقدي، وفوق ذلك تحرض أتباعها على الكراهية لمن لا يتبع فكرها، بل وتأمرهم بقتاله إن لزم الأمر!

كما أن من أسباب الارهاب في اوروبا هي أوروبا نفسها و قوانينها ، فالحرية الزائدة أو المفرطة و عدم مراقبة الاموال في المساجد و في الجمعيات الدينية و الفراغ التام للمؤسسات الدينية تساهم في انتشار التطرف و هذا ما نراه في بلجيكا ، بعد إقبار الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا و كذا الغياب التام للمجلس الاوروبي للعلماء المغاربة يساعد كذلك في تنمي ظاهرة الارهاب و التطرف و استغلال ابناء الجالية في عمليات ارهابية في دول الاقامة أو في المناطق التي تعرف صراعات مسلحة .

لما لا و السلطات الامنية البلجيكية لا تعرف كيف تتعامل مع الدين الاسلامي و المسلمين ، لما لا و السلطات الامنية تسمح لاي شخص بإنشاء جمعيات دينية دون مراقبة و لا حتى بحث معمق مع المسؤولين عنها ، أخطاء يدفع ضريبتها الجالية المسلمة التي تحب السلم و السلام و تعيش في بلدها الثاني محترمة جميع القوانين و الاعراف .

المسؤولية الكبرى للهجمات الارهابية التي تقع في اوروبا عامة و بلجيكا خاصة تتحملها الدولة نفسها لانها تتعامل مع المهاجرين بفكر اوروبي ، تاركة الامر لجمعيات او مؤسسات تدير الامور الدينية للمسلمين بدون اي مراقبة للاموال التي تجمع في المساجد و في مواقع التواصل الاجتماعي دون معرفة أين و لمن تصرف .

ولذا فمحاولة ايجاد حد للارهاب في اوروبا دون العمل على منع جمع الاموال و مراقبة كل صغيرة و كبيرة داخل المساجد ستكون محاولة فاشلة يمكنها أن تزيد من التطرف .

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: