مواقف أوروبا تجاه تونس متناقضة: الأولوية لموجات الهجرة أم لحقوق الإنسان

اردان ماجدة

ألقى بيان البرلمان الأوروبي بظلال من الشك حول قدرة أوروبا على مساعدة جارتها الجنوبية تونس التي تعاني وضعا اقتصاديا صعبا، كما تعاني من تدفق موجات من اللاجئين غير النظاميين بشكل ضاعف الأعباء المسلطة عليها، في وقت يقول فيه مراقبون إن أوروبا مطالبة بالتوقف عن ترددها في التعامل مع الوضع في تونس، محذرين من أن ذلك سيكون له تأثير على أمن أوروبا، وأن الأولوية لصد موجات الهجرة وليس لتقييمات ملف حقوق الإنسان.

وحمل بيان البرلمان الأوروبي على تونس، وردد ما تقوله المعارضة من اتهامات لتونس بشأن “المعتقلين تعسفياً واحترام حرية التعبير” من دون التواصل مع الحكومة التونسية أو أخذ موقفها في الحسبان.

 

معز الجودي: السلطة التونسية كان يمكن لها أن تحافظ على التوازن مع الاتحاد الأوروبي بخصوص الشكوك التي لديه بشأن انتهاك حقوق الإنسان
معز الجودي: السلطة التونسية كان يمكن لها أن تحافظ على التوازن مع الاتحاد الأوروبي بخصوص الشكوك التي لديه بشأن انتهاك حقوق الإنسان

 

ودعا البرلمان إلى “تعليق برامج الاتحاد الأوروبي المحددة لدعم وزارتي العدل والداخلية” في تونس.

لكن مراقبين يقولون إن موقف البرلمان الأوروبي غير ملزم ولن يكون له تأثير على قرار الاتحاد الأوروبي خاصة في ظل ازدياد الدعوات المطالبة بالتحرك العاجل لدعم تونس في مواجهة موجة اللاجئين المتزايدة، وفي وقت يعرف فيه الأوروبيون أن عجز تونس عن التصدي لعمليات الهجرة السرية سيعني أن أوروبا ستواجه مرحلة صعبة على حدودها الجنوبية.

وقال الخبير التونسي في القانون والعلاقات الدولية منتصر الشريف “هناك تضارب في الموقف الأوروبي بشأن تونس، لأن مصالح الدول تختلف وأكثر دولة تريد مساعدة تونس هي إيطاليا لأنها تعاني من تداعيات الهجرة غير النظامية، في المقابل تعتبر بقية الدول أن ما يجري في تونس انتهاك لحقوق الإنسان”.

وأكّد في تصريح لـه أن “إيطاليا تهمها المسألة الأمنية بالأساس، والاختلاف مرده تركيبة البرلمان الأوروبي الذي يعرف هيمنة ألمانية وفرنسية بالأساس”.

وحذرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني من “عواقب مقلقة” بسبب التدفق الكبير للمهاجرين القادمين من سواحل تونس، داعية إلى تحرك أوروبي لتقديم دعم فوري لهذا البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة.

وقالت ميلوني، في تصريحات نقلتها وكالة “آكي” الايطالية للأنباء، إن حكومة بلادها ستطالب في الأسابيع المقبلة “بردود فورية” على المستوى الأوروبي “لدعم دول شمال أفريقيا وعلى رأسها تونس” التي تعيش أزمة اقتصادية ومؤسساتية.

◙ على أوروبا أن تفصل في تعاملها مع تونس بين الهجرة والدعم المالي العاجل لمواجهتها وبين حقوق الإنسان

وأضافت ميلوني، في معرض حديثها الأربعاء في البرلمان عن أزمة تدفقات المهاجرين نحو السواحل الجنوبية لبلادها، “تونس تواجه أزمة عميقة مع عواقب يمكن أن تكون مقلقة للغاية لإيطاليا وليس فقط إيطاليا”.

تأتي تصريحات ميلوني قبل أيام من اجتماع مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي المقرر يوم الاثنين المقبل لبحث الوضع في تونس، حسب ما أفاد الجهاز التنفيذي الأوروبي.

ووفق بيانات وزارة الداخلية الإيطالية باتت تونس بلد العبور الأول في المنطقة نحو الأراضي الإيطالية، مع مغادرة 12 ألفا و83 شخصا انطلاقا من سواحلها منذ بداية العام وحتى يوم 13 مارس الجاري مقارنة بـ1360 وافد فقط في نفس الفترة من العام الماضي.

وتعهدت إيطاليا، التي تعد ثاني أكبر مستثمر أجنبي في تونس بأكثر من 900 شركة وبطاقة تشغيلية عالية، بحشد الدعم الأوروبي لتقديم مساعدات عاجلة إلى تونس بهدف مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية.

 

جورجيا ميلوني: الحكومة الإيطالية ستطالب "بردود فورية" على المستوى الأوروبي لدعم دول شمال أفريقيا وعلى رأسها تونس
جورجيا ميلوني: الحكومة الإيطالية ستطالب “بردود فورية” على المستوى الأوروبي لدعم دول شمال أفريقيا وعلى رأسها تونس

 

وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني الأربعاء “الشيء الأساس هو منع الانهيار المالي لتونس”.

ومن المنتظر أن تؤدي المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون زيارة قريبة إلى تونس، للتباحث حول قضايا الهجرة والاتجار بالبشر.

ووصفت يوهانسون الوضع في تونس بـ“المقلق”، في إشارة إلى تدفق المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء إلى تونس.

ويعتقد المراقبون أن على أوروبا أن تفصل في تعاملها مع تونس بين موضوع الهجرة والدعم المالي والاستثماري العاجل لمواجهتها وبين الاختلاف في موضوع حقوق الإنسان، وهو موضوع قديم جديد تلوّح به بعض الدول الأوروبية دائما في سعيها إلى الضغط لاعتبارات بعيدة أحيانا عن حقوق الإنسان.

وقال الشريف “لا أعتقد أن الاتحاد الأوروبي سيمتنع عن مساعدة تونس، لأنه يعرف جيدا أن من مصالحه مدّ يد المساعدة لها، وما يجري الآن يأتي في إطار الضغط على الحكومة التونسية”.

لكن الخبير الاقتصادي التونسي معز الجودي يرى في تصريح لـه أن “السلطة التونسية كان يمكن لها أن تحافظ على التوازن مع الاتحاد الأوروبي بخصوص الشكوك التي لديه بشأن انتهاك حقوق الإنسان، وكان يمكن تطوير العمل الدبلوماسي في هذا الاتجاه”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: