المغرب يتهم جزءا من الدولة العميقة في فرنسا باستهدافه

La rédaction

يرى المغرب أن فرنسا لعبت دورا محوريا في التوصية التي أقرها البرلمان الأوروبي بشأن واقع الحريات في المملكة، وهذا الأمر من شأنه أن ينعكس سلبا على العلاقات الثنائية في حال لم تجر باريس مراجعات حقيقية، وتضع حدا لسلوكيات بعض الدوائر المحسوبة عليها.

تتجه العلاقة بين المغرب وفرنسا نحو المزيد من التوتر، في ظل قناعات لدى الرباط بتورط  فرنسا في الحملة التي تشن على المملكة داخل البرلمان الأوروبي.

واتهم رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي لحسن حداد الثلاثاء “جزءا من الدولة العميقة الفرنسية” بالوقوف وراء التوصية التي أقرها البرلمان الأوروبي في الفترة الأخيرة حول حرية الصحافة، والتي أثارت انتقادات حادة في المملكة.

وقال حداد في مؤتمر صحفي بالرباط “أظن أن جزءا من الدولة العميقة في فرنسا تزعجه الانتصارات الأمنية والدبلوماسية للمغرب، واستغل هذه الأزمة ليحرك الليبراليين الفرنسيين لتبني هذا القرار”.

وأوضح أن رئيس مجموعة “رينيو” (وسط ليبرالي) في البرلمان الأوروبي الفرنسي ستيفان سيجورني “وهو مقرب من الرئاسة الفرنسية… لعب دورا كبيرا جدا وكان من مهندسي القرار”.

وأضاف حداد “نحن تفاجأنا لذلك لأن ‘رينيو’ بالنسبة إلينا حزب معتدل ومساند للمغرب، والفرنسيون نعتبرهم شركاء لنا… بمقتضى المصالح المشتركة بين المغرب وفرنسا”، متابعا “أتمنى أن تعي الدولة الفرنسية خطورة ما جرى”.

 

رئيس مجموعة "رينيو" ستيفان سيجورني كان أحد مهندسي التوصية ضد المغرب
رئيس مجموعة “رينيو” ستيفان سيجورني كان أحد مهندسي التوصية ضد المغرب

 

وكان البرلمان الأوروبي أقر قبل أسبوعين توصية، غير ملزمة، انتقدت “تدهور” حرية الصحافة في المملكة، مطالبة السلطات “باحترام حرية التعبير وحرية الإعلام”، و”ضمان محاكمات عادلة لصحافيين معتقلين”.

ولقيت التوصية إدانة قوية في الرباط، عبّر عنها خصوصا البرلمان المغربي الذي أعلن عزمه على “إعادة النظر” في علاقاته مع نظيره الأوروبي، مندّدا بـ”تدخّل أجنبي” و”ابتزاز”.

وتركزت انتقادات الطبقة السياسية والإعلامية في المغرب على باريس، في سياق تقارب فرنسي – جزائري لافت كانت آخر تمظهراته الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها قائد الجيش الجزائري الفريق السعيد شنقريحة إلى باريس، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول عسكري جزائري بهذا المستوى منذ نحو 17 عاما.

وكانت فرنسا أظهرت في الأشهر الماضية نزعة نحو توثيق الروابط مع الجزائر، لمواجهة أزمة الطاقة، وأيضا الانكسارات التي منيت بها في أفريقيا، وقد تجاهلت في الفترة الأخيرة مطالب للرباط بشأن إعلان موقف واضح وصريح من قضية الصحراء المغربية، في تمش يعكس حرص فرنسا على استرضاء الجزائر، دون مراعاة تأثيرات ذلك على العلاقة مع المغرب.

واعتبر حداد الثلاثاء أن إقرار البرلمان الأوروبي للتوصية المثيرة للجدل “التفاف حول جميع الآليات المؤسساتية للحوار والتنسيق”، وخصوصا منها اللجنة البرلمانية المشتركة. لكنه أكد أيضا أن العلاقات بين المملكة والاتحاد الأوروبي “لن تتأثر”.

ويرى متابعون أن هناك مصلحة أوروبية – مغربية لتجاوز هذه المطبات، وعدم تركها تؤثر على الشراكة القائمة بينهما، لكن ذلك لن يكون عليه واقع الحال في العلاقة مع باريس، التي باتت تخاطر بالواضح بعلاقتها مع الرباط.

ويشير المتابعون إلى أن الزيارة المنتظرة للرئيس إيمانويل ماكرون إلى الرباط الشهر الجاري بات مشكوكا فعليا في تحققها، لاسيما بعد إلغاء الرباط لاجتماعين وزاريين مع الحكومة الفرنسية أواخر الشهر الماضي.

الزيارة المنتظرة للرئيس إيمانويل ماكرون إلى الرباط الشهر الجاري بات مشكوكا فعليا في تحققها

وكانت الخارجية الفرنسية التفت في وقت سابق على سؤال بشأن الاتهامات الموجهة إلى بلادها باستهداف المغرب بالقول “إنه لا أزمة مع المملكة” وأن شراكتهما راسخة.

وقال رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي إن استهداف بلاده من قبل أطراف داخل الاتحاد الأوروبي ليس جديدا، حيث أن بلاده سجلت 420 محاولة لإقرار تعديلات مناوئة للمملكة في البرلمان الأوروبي منذ عام 2016.

وأوضح حداد “منذ 2016 سجلنا 420 محاولة لإقرار تعديلات مناوئة للمغرب، بالإضافة إلى 4 محاولات لتمرير قرارات ضد المملكة، ومحاولتين لمنح جائزة ساكاروف لأشخاص لا علاقة لهم بحقوق الإنسان“.

ولفت إلى أن “البرلمان المغربي يواجه عراقيل في العمل مع البرلمان الأوروبي منذ سنة ونصف السنة”.

وأوضح أن “رئيس اللجنة المشتركة عن الجانب الأوروبي أندريا كوسولينو ظل يقاطعنا ولا يتعامل معنا، ومساعده لا يجيب على رسائلنا“.

وأضاف “الهجمات على المغرب كانت كبيرة، وتم تقديم 112 سؤالا بالبرلمان الأوروبي ضد المملكة، بالإضافة إلى 18 تعديلا مناهضا لنا خلال 2022”.

وفي قراره الأخير، دعا البرلمان الأوروبي إلى إطلاق سراح الصحافيين المغاربة عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين، ووقف المتابعات القضائية في قضايا جنائية.

ويقضي الراضي ست سنوات سجنا بتهمتي “اغتصاب” و”تخابر”، والريسوني 5 سنوات وبوعشرين 15 سنة بتهم “جرائم جنسية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: