الرباط تربط فتح سفارة في تل أبيب باعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء

ماموني

لم يتم إلى حد الآن تحويل مكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب إلى سفارتين، رغم  مرور عامين على توقيع الإعلان المشترك الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، والذي تم بموجبه تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل.

وذكرت مصادر مطلعة أن التردّد الذي يطبع المواقف الإسرائيلية بشأن قضية الصحراء المغربية، من الأسباب التي تحول دون رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب.

ونقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن أربعة مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين معنيين بشكل مباشر بهذه القضية، قولهم إن المغرب ربط خلال الأشهر الأخيرة “فتح سفارة في تل أبيب بالاعتراف الرسمي من قبل الحكومة الإسرائيلية بسيادته على الصحراء”.

وأوضح الموقع نقلا عن المصادر ذاتها أن المسؤولين الإسرائيليين أكدوا “أن المسؤولين المغاربة يطالبون باعتراف إسرائيلي رسمي بالصحراء، في كل مرة يثير فيها الإسرائيليون مسألة رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي”، وأضاف هؤلاء أن الحكومة الإسرائيلية قررت حتى الآن عدم الخوض في هذه القضية.

 

محمد لكريني: لا دعم إسرائيليا واضحا لسيادة المغرب على صحرائه
محمد لكريني: لا دعم إسرائيليا واضحا لسيادة المغرب على صحرائه

 

وبحسب هذه المصادر فإن وزارة الخارجية الإسرائيلية تعتقد “أن المغرب يستخدم قضية الاعتراف بالصحراء كذريعة لعدم فتح سفارة في تل أبيب بسبب الانتقادات في المملكة”.

ويؤكد المسؤولون أنفسهم أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية الجديدة “لن تواجه مشكلة في الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، خصوصا مع رغبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القيام بزيارة إلى المملكة المغربية في الأشهر المقبلة”.

وكشف مستشار الرئيس الأميركي السابق جاريد كوشنير، والذي أشرف على توقيع اتفاقية بين إسرائيل والمغرب، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي “لم يكن يرغب في مكتب اتصال، بل في فتح سفارة إسرائيلية في المغرب. وهو الاقتراح الذي رفضه بوريطة (وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة) تماما، إلى درجة التهديد بالإلغاء التام للاتفاق”.

وأكد محمد لكريني، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، أن قضية الصحراء المغربية تعد خطا أحمر وأولوية كبرى في السياسة الخارجية المغربية، إذ سبق للعاهل المغربي الملك محمد السادس أن أكد على أن هذا الملف هو المنظار الذي ينظر من خلاله المغرب إلى علاقاته وصداقاته مع الدول الأخرى، لذلك لم يتم الارتقاء بمكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب إلى سفارتين رغم مرور سنتين على استئناف العلاقات في ظل غياب موقف إسرائيلي واضح وصريح من هذه القضية الحيوية، ناهيك عما يتم القيام به في الأراضي الفلسطينية من انتهاكات.

وخلال زيارتهما إلى المغرب في الأشهر الماضية صرحت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أييليت شاكيد ووزير العدل الإسرائيلي آنذاك جدعون ساعر بأن إسرائيل تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، لكن وزارة الخارجية الإسرائيلية سرعان ما نأت بنفسها عن مواقف المسؤولين، قائلة إن “مقترح الحكم الذاتي المغربي هو تطور إيجابي”، دون أي دعم واضح لسيادة المغرب على صحرائه.

ومما يزيد من تعقيد العلاقات الإسرائيلية – المغربية قيام الحكومة اليمينية الإسرائيلية بخطوة مستفزة، تمثلت في قيام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باقتحام المسجد الأقصى الثلاثاء الماضي، وهو ما أثار رد فعل منددا من طرف المملكة.

وأصدرت وزارة الخارجية المغربية بيانا الأربعاء أعربت فيه “عن إدانة المملكة المغربية، من منطلق مواقفها الثابتة، اقتحام وزير إسرائيلي باحات المسجد الأقصى المبارك”، وأكدت في بيانها أن “المملكة التي يرأس عاهلها لجنة القدس، تدعو إلى الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في مدينة القدس والمسجد الأقصى، والحد من التصعيد وتفادي الأعمال الأحادية والاستفزازية”.

ومنذ توقيع الإعلان الثلاثي يوم الثاني والعشرين من ديسمبر 2020 تسعى إسرائيل إلى تحويل مكتبي الاتصال إلى سفارتين، وكان وزير الخارجية السابق يائير لابيد قد قال أثناء افتتاح مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، في أغسطس 2021، “إن إسرائيل والمغرب يعتزمان تطوير علاقاتهما الدبلوماسية وافتتاح سفارتين في غضون شهرين”، لكن هذا الأمر لم يحدث وبقيت العلاقات في هذا المستوى.

◙ ما يزيد من تعقيد العلاقات الإسرائيلية – المغربية تلك الخطوة المستفزة التي قام بها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باقتحامه المسجد الأقصى

واعتبر الأستاذ الجامعي محمد لكريني في تصريح لـه  أنه رغم مرور سنتين على الاتفاق المبرم ليست هناك مؤشرات حقيقية تبرز دعما مباشرا وواضحا من قبل الحكومة الإسرائيلية لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وبهذا نكون أمام سيناريوهين: السيناريو الأول إبقاء الحال على ما هو عليه.

والسيناريو الثاني، حسب لكريني، اعتراف إسرائيل الرسمي بسيادة المغرب على صحرائه ومن ثمة الرفع من التمثيلية الدبلوماسية بينهما، علما أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستكون في وضعية صعبة خصوصا وأن عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل ليست لها فترة طويلة وبالتالي قد تحافظ الحكومة الجديدة على المكتسبات التي تحققت خلال هذه الفترة وتحاول الاعتراف الرسمي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

وفي أغسطس 2021 تسرّع الرئيس السابق للبعثة الإسرائيلية لدى المغرب دافيد غوفرين في الإدلاء بتصريح لا أساس له؛ حيث قال إنه تم توقيع عقد بناء مقر السفارة الإسرائيلية الدائمة بالرباط، وقد تورط نفس المسؤول الإسرائيلي في اتهامات بالتحرش الجنسي والفساد في مقر عمله بالرباط وإخفائه هدايا، وتم فتح تحقيق في الواقعة من طرف الخارجية الإسرائيلية بعد توقيفه عن العمل.

وتم اعتماد لونا فيشر كام رئيسة لمكتب الاتصال الإسرائيلي مؤقتا، خلفا لدافيد غوفرين الذي لم يصدر إلى غاية الآن أي قرار رسمي من الخارجية الإسرائيلية بشأن استمراره في منصبه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: