هازار النجم البلجيكي يبرهن عن سلوكه الرياضي الرفيع رغم الخسارة

كان يجب أن نمتلك مثل هذه الروح الرياضية لعميد منتخب الشياطين الحمر اللاعب البلجيكي إدين هازار الذي سارع في تصريحه بعد المباراة إلى تهنئة المنتخب المغربي والاعتراف بقوته. بل وحتى وهو تحت صدمة خسارة منتخب بلاده، فهو يلبّس ابنه قميصنا الوطني .. قميص اللاعب بلال الخنوس، الذي هو أحد أبناء الجيل الثالث للهجرة المغربية ببلجيكا. والذي طالما اعتبر هازار نجمه الرياضي المفضل ..
هازار بسلوكه الراقي والمتحضر يبرهن على أن الكرة تسمو بالعلاقات الإنسانية، وتحقّق مبدأ التعايش بين الأجناس .. ولا يمكن أبدا بأي حال من الأحوال أن تكون سببا في فساد الأخلاق .. ولا سببا في خلق التنافر والبغض بين الشعوب ..
الكرة نتائجها دوارة، اليوم لك وغدا عليك .. ربحتنا بلجيكا في 1994 في أمريكا، وربحناها في قطر في 2022، وتستمر الحياة ..
لكنّ المؤسف والصادم، هو ما وصلنا أمس مباشرة بعد نهاية المبارة من أخبار مؤسفة لأحداث شغب مجاني في شارع واحد بحي Gare de midi بالعاصمة البلجيكية بروكسيل .
الأمر مدان، وغير منطقي نهائيا.. ولا زلنا نحاول أن نفهم لماذا هذه الفوضى؟ ولماذا هذا العبث ؟
فيستعصي علينا الإدراك، وتنغلق أمامنا سبل الفهم..
حتى في حالة الخسارة نرفض بتاتا هذه السلوكات الهمجية، فما بالنا والمنتخب الوطني قد ربح المقابلة ..
فيتضبب لدينا المشهد أكثر، ولا ندري من هؤلاء المشاغبون ؟ من أين أتوا؟ كيف ولماذا تصرفوا بتلك العدوانية؟

من المستفيد من محاولة إفساد الفرحة التي حلت بقلوب مغاربة الداخل والخارج .. ومن يحاول تشويه صورة الجالية المغربية بعد الإشعاع الجميل الذي تركه أبناء الهجرة على أداء المنتخب الوطني؟
(حوالي عشرين لاعبا ينتمون إلى مغاربة العالم بمن فيهم المدرب وليد الركراكي نفسه الذي ينحدر من مغاربة فرنسا )

ربما تحقيقٌ من العدالة بعد الاعتقالات في صفوف المشاغبين يكشف لنا بعضا من أسرار هذا الجيل التائه في أغوار الهجرة ..
ولم لا دراسة معمّقة تقوم بها مؤسساتنا الاستشارية التي تُنفق الملايين على الخوا الخاوي؟ دراسات تغوص في الأسباب الاجتماعية والنفسية والتربوية من أجل الفهم وليس من أجل التبرير ..
المفروض في شباب ومراهقين ولدوا وتربوا في كنف بلد أوروبي منحهم سبل العيش الكريم، أن يكون سلوكهم متشبّعا بقيم التحضّر .. وإلّا فإنّ خللا ما يعانون منه .. فراغات تنهش دواخلهم .. وضياع الرؤية لديهم وتخبّط الأحلام والأماني بعد غرقهم في بحر الفشل والإحباط ..

لقد أخطأت بلجيكا في التعامل معهم، وفشلت في احتضانهم .. وفشل المغرب في تأطير أبنائه بالخارج دينيا وثقافيا وسياسيا ..

فجوة الأمل والكوة التي انبعث منها النور كانت الأمهات في الهجرة .. النساء المغربيات المكافحات بمجهود خالص من أجل مواكبة مسار أبنائهن الدراسي أو الرياضي أو الفني في الخارج ..

السلوك التربوي أساسي وداعم لكل النجاحات في الهجرة وغيرها، ومواكبة الأسرة لأبنائها ضروري للوصول لبرّ الأمان .. وغياب دور الأسرة في التربية والتكوين ينتج الكوارث حتى ولو كنت تعيش في أرقى وأغنى بلد في العالم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: