إسبانيا تبحث عن وساطة لإنهاء أزمتها مع المغرب

ماموني

بدأت إسبانيا تحركات جديدة تستهدف هذه المرة وضع حدّ للأزمة المتفاقمة مع المغرب وذلك في وقت استشعرت فيه مدريد خطورة تداعيات تلك الأزمة على مصالحها الاقتصادية، على وقع تواتر الحديث عن رفض الرباط تجديد عقد تسيير أنبوب غاز المغرب العربي-أوروبا، الذي يمر من الجزائر عبر المغرب، وجبل طارق إلى قرطبة.

بدأت إسبانيا رحلة البحث عن وساطة لحلحلة الأزمة مع المغرب حسب ما أكدته تقارير إسبانية محلية، وذلك في وقت تتوجس فيه مدريد من تداعيات استمرار التصعيد مع الرباط الاقتصادية وغيرها.

وبالتوازي مع تقارير محلية أشارت إلى أن مدريد تريد وساطة أميركية لإنهاء النزاع مع الرباط، قالت صحيفة “الموندو” الإسبانية إن المغرب رفض تجديد عقد تسيير أنبوب غاز المغرب العربي – أوروبا، الذي يمر من الجزائر عبر المغرب، وجبل طارق إلى قرطبة، وهو خط تم تدشينه سنة 1996.

ويرى مراقبون أن قرار المغرب عدم تجديد الاتفاقية الموقعة منذ 25 سنة هو قرار سيادي وستكون له تأثيرات على الاقتصاد الجزائري والإسباني على حد السواء.

وقال رضا الفلاح أستاذ القانون الدولي، إن “قرار المغرب هو قرار سيادي في إطار شروط العقد الذي ستنتهي مدة سريانه هذه السنة”، مشيرا إلى أنه إذا كان المغرب مستعدا للتخلي عن استيراده للغاز الجزائري فهذا التوجه تسوغه مبررات اقتصادية ودوافع تقليص التبعية للغاز الجزائري في المقام الأول.

ويأتي ذلك في وقت تُحاول فيه إسبانيا إيجاد مخرج للأزمة مع المغرب عبر إيجاد وساطة يبدو أن مدريد تريدها أن تكون أميركية حيث روجت الصحافة الإسبانية للقاء مهم كان سيعقده رئيس الحكومة بيدرو سانشيز الاثنين مع الرئيس الأميركي جو بايدن، على هامش قمة الناتو المنعقدة في بروكسل.

رضا الفلاح: رفض المغرب تجديد عقد تسيير أنبوب الغاز هو قرار سيادي

غير أن اللقاء لم يكن مبرمجا في برنامج لقاءات الرئيس الأميركي قبل أن يتوضح أنه لقاء في ممر المركز الذي يحتضن الاجتماع الدولي، مدته 20 ثانية تقريبا.

وأعلنت كارمن كالفو النائبة الأولى لرئيس الحكومة الإسبانية في وقت سابق أن سانشيز سيلتقي بايدن على هامش قمة حلف شمال الأطلسي، متوقعة أن يتم الحديث عن ضرورة مشاركة الولايات المتحدة في حل النزاع الإسباني المغربي.

وتسعى مدريد إلى استمالة واشنطن للضغط على الرباط حيث كانت إسبانيا قد هاجمت اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على صحرائه وتم إقصاؤها من مناورات الأسد الأفريقي 21، المستمرة في المغرب بمشاركة واشنطن وعدد من الدول.

والجمعة الماضي جمع اتصال وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن بنظيرته الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا حيث شملت المحادثات بين الطرفين ملف الصحراء المغربية.

ويرى الفلاح “أن إمكانية الوساطة الأميركية تبقى واردة لكن شريطة عدم الإضرار بمصالح المغرب وأن تكون مخرجاتها غير ظرفية أو مؤقتة، بل تتماشى مع ما ينتظر الجارين من تحديات تنموية وأمنية على المديين المتوسط والبعيد”.

وأوضح أن “ورقة الوساطة الأميركية كخيار لتسوية الأزمة لا يمكن أن تلجأ إليها مدريد بنفس منطق الاستقواء بطرف ثالث الذي نهجته عبر إقحام البرلمان الأوروبي في الأزمة”.

وكمحاولة لتخفيف حدة الأزمة مع المغرب، وجه سانشيز، في جولة بأميركا الوسطى، دعوة للمغرب إلى تجاوز الأزمة واستئناف الحوار والتعاون قائلا إن “هناك أشياء كثيرة توحدنا أكثر من تلك التي تفرق بيننا وعلينا تعزيز أجندة بناءة تجعلنا نستأنف هذا الحوار، ذلك التعاون الذي ميز إسبانيا والمغرب لسنوات عديدة”.

ولفت الفلاح إلى أنه “إذا كانت إسبانيا راغبة في تسوية أزمتها مع المغرب فالأحرى أن تعرب عن نواياها الحسنة في إطار القنوات الدبلوماسية الثنائية التي حرص المغرب على أن تبقى قائمة بالرغم من التصعيد الإسباني عبر إقحام الاتحاد الأوروبي”.

تُحاول إسبانيا إيجاد مخرج للأزمة مع المغرب عبر إيجاد وساطة يبدو أن مدريد تريدها أن تكون أميركية

وتصر مدريد على موقفها من الصحراء المغربية ما من شأنه أن يعقد الأزمة حيث أكدت أرانشا غونزاليس لايا الأسبوع الماضي أمام البرلمان أن “موقف الحكومة الإسبانية من نزاع الصحراء لم يتغير مع هذه الحكومة الائتلافية التي يقودها بيدرو سانشيز ولن يتغير في المستقبل”.

وأوضحت أن موقف مدريد من قضية الصحراء هو “سياسة دولة، ولهذا فهو ثابت، وهذه الحكومة لم تغيره، وبصراحة لن تغيره؛ لأنها ترتكز على مبادئ غير قابلة للتجزئة، مثل الدفاع عن التعددية واحترام الشرعية الدولية، وهما ركيزتا العمل الدبلوماسي”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: