كوفيد 20.22

في غمرة التضحيات الجسام المبدولة ملكا وشعبا وبعض وطنيي هذا البلد من اجل مجابهة تحديات فيروس كورونا اللعين وذلك للخروج من هذا الوضع الغير المألوف و الرسو الى بر الأمان من جديد

ومابين لغة الأرقام و الإحصائيات التي تطالعنا بين الفينة والأخرى المبشرة بقرب انفراج الأزمة و عودة الحياة الى طبيعتها

و لأن الأمر يقتضي ونحن في زحمة هذه التطورات والمتغيرات التي تنبئ بتغيير قد يشمل جل مناحي الحياة ضرورة بعث شعاع الطمأنينة والأمل لقلوب تكابر في صمت رهيب ما ستؤول اليه الامور في الأيام الأسابيع و الشهور المقبلة خاصة واننا في شهر المغفرة والرضوان

تطالعنا أخبار بما يطبخ لنا ليلا بمطبخ التشريع بتسريبات قرب صدور مشروع قانون تحت رقم 22.20 المتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح

هذا المشروع و الذي حبكت خيوطه منذ مارس الماضي و بقراءة لأهم ما جاء فيه يتضح حجم التخويف و الترهيب الذي تحتويه نصوصه مما يطرح عديد من الإشكالات التي ستكون بتبعات خطيرة إبان إخراجه لحيز الوجود

وحيث انه إذا كانت مهمة التشريع وضع قواعد ملزمة لعموم المجتمع من اجل تنظيمه و تدبير شؤونه تحت غطاء القانون وحمايته إلا ان المتأمل في مشروع هذا الفانون سيجد ان ما ناضل من اجله المغرب على مدى سنين طويلة من تكريس لمبدأ حرية التعبير باعتباره حقا انسانيا و عالميا تم التنصيص عليه دستوريا في اطار سمو الإتفاقات الدولية والتي انخرطت فيها المملكة المغربية قد يغذو مجرد اضغاث احلام وقد يعود بنا الى درجة الصفر ودرجة العودة الى البحث مجددا عن ذات الإعتبار و بناء الصرح من جديد.

هذا المشروع المسرب ليلا في جنح الظلام والذي اريد له ان يكون اداة للترهيب ليس إلا المرفوض قانونا جاء خارقا لمقتضيات دستورية تم التنصيص عليها في الفصل 25 و التي تقضي بأن ” حرية الفكر و الرأي و التعبير مكفولة بكل أشكالها حرية الإبداع والنشر و العرض في مجالات الأدب والفن و البحث العلمي والتقني مضمونة ” مما تكون معه الحرية مقيدة مغتصبة و مسيرة لأهواء وخواطر مغلبة لمصالح طرف على طرف أخر

وما أثارني ايضا محاولة تمرير هذا المشروع و نحن في حالة حرب بلا هوادة نخوضها ضد فيروس كورونا اللعين مما نكون معه و الحالة امام  استغلال لظرفية خرجة وعبثا بمجهودات ملكية وشعبية كان لزاما الإنخراط فيها و تأييدها و مساندتها

زد على ذلك و انا اتأمل في هذا المشروع أجد نفسي و كأنني أمام قانون للشركات يخدم مصالح شركات معينة وجهت لها سهام الإنتقاذ الشعبية كألية ديمقراطية للتعبير وابداء الراي في منتوجات و عروض لم تنل رضى جل المغاربة

كما ان مشروع القانون استهدف ايضا صناع المحتويات و الفيديوهات عبر وسائل التواصل الإجتماعي إذ تم التقييد فيه بشكل كبير وكبير جدا على عملهم و ابداعاتهم رغم أن الأمر هنا إن كان يهدف لشل حركة صناع التفاهة فهو يضرب بمجموعة من صناع الوعي المجتمعي

ناهيكم أن تسريب هذا المشروع و في هذه الظرفية وامام هذه الإكراهات يقتضي معرفة مصلحة الجهة المسربة له و التي لا يمكن إلا ان تكون متضامنة في هذه الحكومة وبالتالي تصفية لحسابات سياسية في لعبة سياسية لا تعترف بالظروف و لا بالإكراهات و لا المصالح العليا للوطن والمواطنين

وأقول كمحام وحقوقي أننا في غنى عن هذا المشروع المخيف فإن كانت النوايا تتجه الى فئة رواد مواقع التواصل الاجتماعي وصناع المحتويات فإننا نملك من الترسانات و الأدوات القانونية ما يغنينا عن ذلك في نصوص القانون الجنائي المغربي و قانون الصحافة والنشر و التي لا تحتاج فقط إلا للتفعيل و التطبيق فهي أولى بالتطبيق من غيرها

مما يطرح معه علامة الشك والريبة لهكذا قانون ونحن امام كامل هائل من القوانين المماثلة .

إن مشروع القانون هذا على علته وما يحمله من خروقات قانونية وحقوقية و مجتمعية تعود الى عصور ما قبل التاريخ إن كانت النية فيه تتجه الى جس نبض المواطن المغربي فكلنا رافضون له جملة و تفصيلا

فلا يمكن ان نقبل بقانون يجعل مواطني المملكة المغربية في حالة سراح مؤقت و عرضة للإعتقال بضغطة بسيطة على زر  “جيم ” أو “إعجاب”

و بالتالي فإن كنا في حالة حجر صحي وحرب من أجل القضاء على فيروس كورونا المستجد 19 فإننا لا يمكن ان نقبل بفيروس كورونا المستجد جدا 22.20

و في انتظار بشائر الخير بعودة الحياة الى طبيعتها اقول اننا احوج وفي أمس الحاجة الى بناء الإنسان و القيم قبل الإغذاق بالتشريع تلو التشريع فنهضة اي مجتمع لن تقوم لها قائمة إلا ببناء الإنسان اولا .

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: