الاتحاد الأوروبي عاجز عن وضع حلول جذرية لأزمة كورونا

الانقسامات التقليدية بين دول الشمال والجنوب تعود للظهور إلى العلن مرة أخرى حيث ترفض الدول الأقل تأثرا بالوباء التضامن مع المناطق الأكثر تضررا وذات المديونية العالية

راوحت خطط زعماء ورؤساء حكومات دول الاتحاد الأوروبي خلال قمة عقدت الخميس عبر دائرة فيديو مغلقة، هي الرابعة من نوعها، منذ تفشي الوباء، مكانها في ظل اختلاف وجهات النظر حول تحديد ملامح خطة موحدة تساعد على الخروج من الأزمة.

وبدا الانقسام بين دول الاتحاد السبع والعشرين لتحديد مستقبل التكتل لما بعد انتهاء أزمة كورونا بسبب الخطة المقترحة والتي رأى دبلوماسيون أنها شبه مستحيلة.

وكان في قلب المحادثات موضوع إنعاش الاقتصاد الأوروبي بعد الوباء العالمي عبر استثمارات كبيرة وحتى “صندوق” مخصص لذلك.

وبينما يرى الجميع أن خطة من هذا القبيل يجب أن تصل قيمتها إلى مئات مليارات اليورو، لكن يبدو أن التوافق على ما تبقى من الخطة مستحيل، من قيمتها الدقيقة إلى تمويلها مرورا بعلاقتها أم لا بميزانية الاتحاد الأوروبي على المدى الطويل.

في مؤشر على عمق خلافاتهم، لم يصدر قادة الاتحاد كالعادة بيانا مشتركا في ختام القمة، التي قال قصر الإليزيه إن التوصل إلى اتفاق لن يتم قبل الصيف

وفي الأسابيع الأخيرة تنافست الدول الأعضاء والهيئات الأوروبية لاقتراح الحلول، ويُظهر الجدل من جديد الانقسامات القديمة بين الشمال والجنوب التي ظهرت في أعقاب الأزمة المالية عام 2009.

وتعود الانقسامات التقليدية بين دول الشمال والجنوب للظهور إلى العلن مرة أخرى، حيث ترفض دول مثل ألمانيا وهولندا الأقل تأثرا بالوباء التضامن مع الدول الأكثر تضررا وذات المديونية العالية مثل إيطاليا وإسبانيا، بحجة أن الأخيرة لم تحترم القواعد الأوروبية بشأن ضبط عجز الموازنة في سنوات النمو.

ولا تزال روما ومدريد وباريس تعتقد أن أفضل وسيلة للخروج من الأزمة هي وضع آلية دين عام، عُرفت غالبا باسم سندات كورونا، وهو أمر يرفضه المعسكر الآخر بقيادة ألمانيا وهولندا.

ولخص مسؤول أوروبي كبير الأمر بالقول إن “بلدان الجنوب لديها انطباع بأن بعض الدول، وهي أقوى اقتصاديا في الوقت الحاضر، ستستغل هذه الأزمة لتعزز قوتها أكثر. أما دول الشمال فتعتقد أن جيرانها في الجنوب يريدون اغتنام الوباء لينقلوا إليها أعباء الديون التي اقترضوها في الماضي”.

وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الخميس أن بلادها مستعدة لتقديم “مساهمات أكبر بكثير” في ميزانية الاتحاد الأوروبي “في روحية تضامن” وذلك “لفترة محدودة”، لكنها رفضت تشارك الديون السيادية، الذي تطالب به مدريد وروما وباريس.

الخطة المقترحة رأى دبلوماسيون أنها شبه مستحيلة
الخطة المقترحة رأى دبلوماسيون أنها شبه مستحيلة

وأهمية التشارك في الديون لدول الجنوب هي أن ذلك يسمح لها بالاستفادة من معدلات الفائدة المتدنية في دول الشمال لتمويل مرحلة ما بعد الأزمة.

وفي مؤشر على عمق خلافاتهم، لم يصدر قادة الاتحاد كالعادة بيانا مشتركا في ختام القمة، التي قال قصر الإليزيه إن التوصل إلى اتفاق لن يتم قبل الصيف. وقال دبلوماسي فرنسي لوكالة الصحافة الفرنسية “يتطلب الأمر اجتماعا مباشرا وجها لوجه بين رؤساء الدول والحكومات، ولسنا في الوقت الحالي قادرين على عقده”.

وكتب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال المكلف بالإشراف على اجتماعات القمة، في الدعوة التي وجهها إلى رؤساء الدول والحكومات “أقترح الاتفاق على العمل على إنشاء صندوق إنعاش في أسرع وقت ممكن”. وسُرّبت الأربعاء وثيقة من أجهزة المفوضية تقترح زيادة موارد الاتحاد لتأمين تمويل إضافي لمواجهة الفايروس.

وتستمرّ الأضرار الاقتصادية لإجراءات العزل في التفاقم في القارة الأكثر تضررا من الوباء في العالم بتسجيلها أكثر من 112 ألف وفاة جراء الفايروس من أصل 180 ألفا هو إجمالي الوفيات في العالم منذ ظهور الوباء في الصين للمرة الأولى في ديسمبر الماضي.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: