مدريد تعتبر الرباط حجر الزاوية في مواجهة الهجرة والإرهاب

حصلت إسبانيا على جرعة أكبر من التفاؤل بعد الجهود التي قام بها المغرب في مكافحة الهجرة غير القانونية والاتجار بالبشر والجريمة المنظمة ومكافحة الإرهاب خلال الأشهر القليلة الماضية.

ويقول مراقبون إنه بدون دعم المغرب فإن الوضع في الاتحاد الأوروبي سيكون صعبا، ولهذا تسعى مدريد إلى توسيع التعاون مع الرباط في جميع المجالات، بما في ذلك إدارة الحدود.

وأوضح وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، عقب مباحثات مع نظيره المغربي عبدالوافي لفتيت، الخميس بالرباط، أن البلدين تمكنا من تقليص موجات الهجرة السرية بأكثر من 50 في المئة بفضل التعاون المهم بينهما في محاربة منظمات الاتجار بالبشر.

وأكد مارلاسكا أن الجانبين قاما بعدد من عمليات الإنقاذ في عرض البحر لمرشحين للهجرة السرية، مشيرا إلى أن المغرب وإسبانيا يعتمدان أيضا مقاربة وقائية من خلال تفكيك عدد هام من شبكات الجريمة والهجرة السرية.

وكان مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية، خالد الزروالي، قد اعترف بأن بلاده مستهدفة من قبل شبكات تهريب البشر، وبأن تفكيك هذه الشبكات لا يعني تراجع الهجرة.

وعززت الرباط طيلة العام الماضي إجراءاتها لمكافحة شبكات تهريب البشر، على اعتبار أن الضغط الذي سُجِّلَ في عامي 2017 و2018 ظل قائما.

فرناندو مارلاسكا: بفضل المغرب تقلص عدد المهاجرين إلى أكثر من النصف

وقال لفتيت “هناك انسجام تام بخصوص أغلب النقاط التي تطرقنا إليها، وسنواصل العمل معا في جميع المجالات التي تهم البلدين”.

وقدم الاتحاد الأوروبي العام الماضي للمغرب دعما ماليا بنحو 140 مليون يورو لمحاربة الهجرة غير النظامية، كما أن الرباط وقّعت مؤخرا اتفاقا آخر مع الاتحاد الاوروبي بقيمة 100 مليون يورو.

ويقول الزروالي إن الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوربي، التي تشمل دعما ماليا، هي بداية جيدة بما أنها “ستمكننا من العمل وفق تعاون وثيق”.

وأشار إلى أن هذا ليس كافيا، لأن المغرب يصرف أموالا أكثر مما يتلقى، ومع ذلك “لدينا تأكيدات من شركائنا الأوروبيين بأننا بصدد العمل في إطار منطق تعاون رابح-رابح”.

وانخفض عدد المهاجرين غير النظاميين الذين تدفقوا إلى إسبانيا عبر مضيق جبل طارق، إلى حدود أغسطس الماضي بنحو 39 في المئة بمقارنة سنوية.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد المهاجرين الذين يتسللون إلى أوروبا بطرق غير قانونية بلغ 18 ألف مهاجر، ما يعني أن مدريد تقترب من هدفها المتمثل في الحد من الهجرة غير الشرعية بمقدار النصف خلال العام الماضي.

وظلت الرباط تعتمد لسنوات طويلة على إمكانياتها الخاصة، وما بين 2004 إلى 2016، استطاعت الحد من موجات الهجرة نحو إسبانيا بأكثر من 90 في المائة. لكن الضغط تزايد في 2018 ولذلك أطلقت تعاونا مع الاتحاد الأوروبي.

وتدعم إسبانيا الخطة التي وضعتها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا، بشأن آلية مؤقتة لتوزيع المهاجرين الذين يتم انتشالهم في البحر المتوسط.

وهذا التحرك الأوروبي يأتي في إطار موقف أكثر شمولاً تجاه الهجرة غير القانونية باعتبارها تحديا وليست قضية دورية حيث يجب معالجتها بسياسة تعاون وحدوية.

وتزامنت الزيارة التي قام بها مارلاسكا إلى المغرب مع خطاب الملك الإسباني فيليبي السادس، الذي أكد فيه على أهمية علاقات الصداقة المتميزة التي تجمع إسبانيا بالمغرب والإمكانات الهائلة المتاحة للتعاون الثنائي.

وأشار ملك إسبانيا إلى أن منطقة المغرب العربي تشكل بحكم قربها والمصالح المشتركة بعدا أساسيا في العمل الدبلوماسي الخارجي لبلاده.

وأكد في خطاب ألقاه خلال حفل استقبال أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد بمدريد الأربعاء الماضي، ومن ضمنهم كريمة بنيعيش سفيرة المغرب بإسبانيا، على أهمية وضرورة اعتماد سياسة أوروبية حقيقية حول الهجرة واللجوء.

ويرى ملك إسبانيا أن الاستراتيجية يجب أن ترتكز على الحوار والتعاون مع بلدان المنشأ وبلدان عبور المهاجرين وتعمل على دعم وتعزيز التعاون في مجال التنمية ومكافحة مافيات تهريب والاتجار بالبشر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: