المغرب يكثف تحركاته استباقا لما ستطرحه واشنطن بشأن قضية الصحراء

تتحرك الدبلوماسية المغربية بشكل مكثف في العواصم الأوروبية وفي واشنطن استباقا لطرح مشروع القرار الأميركي الخاص بالصحراء المغربية على مجلس الأمن الدولي للتصويت المقرر نهاية الشهر الجاري.

وتوقف مسار التسوية الأممي مع الاستقالة المفاجئة للمبعوث الأممي الألماني، هورست كولر، الذي علل قراره بدواعي صحية، ما يستدعي البحث عن خليفة له.

ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة ستعطي فرصة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بتمديد بعثة المينورسو لفترة معقولة.

وتم عقد مائدتين مستديرتين بجنيف بمشاركة المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو، في دجنبر 2018 ومارس 2019، كما أعاد مجلس الأمن في قراره 2468 المعتمد في 30 أبريل 2019 التأكيد على دعم جهود الأمين العام بغية السير قدما بالعملية السياسية بنفس الشكل الذي انعقدت به هاتان المائدتان المستديرتان، بناء على روح الواقعية والتوافق لتحقيق نجاحها.

وأفادت مصادر دبلوماسية لـ“أخبارنا الجالية ”، بأن قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن نزاع الصحراء لن يخرج عمّا دأب عليه في القرارين السابقين، حيث سيتم التجديد للولاية الانتدابية للمينورسو لمدة ستة أشهر أخرى حتى يبقى الملف تحت أنظار المجلس دوريا، وأن القرار لن يحمل أي إشارة لتوسيع مهمة المينورسو وهو ما حملته المسودة الأميركية التي قدمت لمجموعة أصدقاء الصحراء، مع حثّ الأمين العام للأمم المتحدة على الإسراع في اختيار مبعوث خاص جديد للحفاظ على الدينامية التي توجت بمحادثات جنيف بين الأطراف المعنية.

في الوقت الذي تعمل فيه الدبلوماسية المغربية على محاصرة مناورات خصومها، يجري تدارس قضية الصحراء داخل مجلس الأمن

ومن المنتظر أن يتم طرح القرار الجديد بشأن نزاع الصحراء المغربية للتصويت يوم 29 أكتوبر، بالتزامن مع تسجيل وقوف فرنسا ضد خيار تقليص ولاية البعثة الأممية المينورسو لمدة ستة أشهر بدل سنة، وتعتبر باريس بأن هذه المدة الزمنية دون جدوى، بسبب عدم مراعاتها لحساسية المنطقة ووضعها الأمني ومحيطها الإقليمي.

وتجمع الدول الأعضاء في مجلس الأمن على حيوية إيجاد حل سياسي وتجاوز المعيقات التي تحول دون تحقيقه في المدى المنظور، ويوازن المغرب في علاقاته بين القوى الكبرى خصوصا بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية تفاديا لأي ضغط من أي قوة لا تخدم مصالحه في صحرائه، وهذا ما تأكد في حضور المملكة الوازن في قمة سوتشي بموسكو، ومخرجات الحوار الإستراتيجي المغربي الأميركي الذي ينعقد بشكل منتظم، ما يؤكد على أن المغرب يستثمر موقعه الجيوسياسي بشكل جيد كفاعل إقليمي ودولي وجهوي.

وشدد الخبير في الشّؤون الأمنية عبدالرحيم المنار السليمي في هذا الصدد، على أن الولايات المتحدة المكلفة بصياغة قرار مجلس الأمن بخصوص نزاع الصحراء تستشير المغرب في لحظة إعداد مسودة القرار، لأن الحوار الإستراتيجي فيه مصالح المغرب وواشنطن معا.

ورصدَ السليمي ما اعْتبرها إشارات أميركية داعمة لموقف المغرب في ملف الصحراء، وظل مقترح الحكم الذاتي حاضرا في القرارات الأميركية.

وفي سياق متصل، أكد عمر هلال السفير المندوب الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة الذي يرأس الوفد المغربي في الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة 18 لحركة عدم الانحياز، الأربعاء في باكو، على أن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد والأوحد للخلاف حول الصحراء المغربية.

وشدد على أن المملكة تثمن، في هذا الإطار، الجهود المبذولة من طرف الأمين العام للأمم المتحدة لإعادة إطلاق المسلسل السياسي على أساس المحددات التي وضعها مجلس الأمن منذ 2007 للتوصل الى حل سياسي واقعي ودائم مبني على أساس التوافق.

خلاف مستمر حول الصحراء

وفي ظل تلافي أي إشارة إلى دعم الانفصاليين، رفضت روسيا حضور بوليساريو لقمة روسية أفريقية يومي 23 و24 أكتوبر الجاري، وهو ما يصب في صالح المغرب الذي نجح في استثمار علاقاته المتطورة وعلى عدة مستويات مع موسكو، كما أن هذه الأخيرة تود تطوير مصالحها واستثماراتها بتمتين علاقاتها مع مغرب موحد ومستقر باعتباره بوابة أفريقيا، وهذا ما أكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن “حجم الاستثمارات الروسية المحتملة في أفريقيا خلال السنوات الخمس المقبلة كبير إلى حد واف، إذ توجد اليوم مشاريع استثمارية بمشاركة روسيا تقدر بمليارات الدولارات”.

وفي الوقت الذي تعمل فيه الدبلوماسية المغربية على محاصرة مناورات خصومها، يجري تدارس قضية الصحراء داخل مجلس الأمن هذا الأسبوع، تحت رئاسة جنوب أفريقيا التي تضغط في اتجاه إشراك الاتحاد الأفريقي في الملف تحت أي عنوان، للدفع بالأمم المتحدة إلى إعطاء الاتحاد فرصة التدخل في ملف الصحراء عبر إحدى آلياته وهو ما يرفضه المغرب.

ومن جهة أخرى، يتم الضغط على المنتظم الدولي للإسراع في تعيين مبعوث شخصي جديد للامين العام للأمم المتحدة خلفا لهورست كولر، يخدم مصالح الجزائر وجنوب أفريقيا خدمة لإستراتيجيتهما داخل أفريقيا من خلال ملف الصحراء.

وتسابق الدبلوماسية المغربية الزمن للوقوف في وجه تلك المحاولات للدفع بشخصية قد تستعيد تكرار تحيز بعض المبعوثين لأطروحة الانفصاليين، وهذا بالضبط ما أشار إليه زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي في رسالته، الأربعاء، إلى أعضاء مجلس الأمن، حين انتقد ضمنيا إشراك المغرب وإطلاعه على المشاورات الجارية بالأمم المتحدة لتعيين خليفة لهورست كولر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: