وزير الثقافة المغربي السابق: محطات تلفزيونية وإذاعات تقرأ علينا بيانات النيابة العامة ضد مواطنين عزل

أبدى وزير مغربي للثقافة في ندوة حول «هل الصحافة الآن عامل في تقدم المغرب»، قلقا اتجاه الصحافة واتجاه مشروع التقدم ككل في المغرب. وقال محمد الأشعري، وزير الثقافة (1998-2007) وتولى من 2000- 2002 حقيبة الاتصال الى جانب حقيبة الثقافة، أن الصحافة لا يمكن أن تكون قوية في ظل قوى سياسية منهارة ولا يمكن أن تنوب عن المعارضة، وأن تكون حديقة خلفية لصراع الفيلة ومختبرا لصنع المخلوقات العجيبة.
وأضاف الأشعري في ندوة نظمتها وكالة الأنباء المغربية في الرباط الثلاثاء «يجب علينا أن نسلم بأن الصحافة الحرة لا يمكن أن تبنى إلا في نظام ديمقراطي حقيقي، وفي انتظار ذلك يجب أن نسلم أيضا بأنه لا خيار لنا سوى الاستمرار في النضال من أجل حرية الصحافة، والوقوف في وجه الضربات الموجعة التي تتلقاها باستمرار، وهو أمر لا يمكن أن تقوم به الصحافة لوحدها، ويجب أن يكف الصحافيون على اعتبار أن الأمر يهم المهنة لوحدها لأنه يهم التطور السياسي للبلاد»، وانتقد وضعية الصحافة الثقافية في المغرب، متسائلا كيف يمكن أن نواجه الظلاميين بدونها؟ فهل ننتظر من الدولة أنها هي «تنهينا منهم».
وانطلق الأشعري في حديثه من مجموعة من الإشكاليات المرتبطة بالوضع الحالي للصحافة في المغرب، خصوصا في ما يتعلق بما فعله الزمن السياسي والتكنولوجي ثم النفسي، بواقع الصحافة اليوم، «الصحافة المغربية تعيش أزمة في الوقت الراهن مرتبطة بعدم تحديد مفهوم أساسي يتمثل فيما هو التقدم الذي نريده للصحافة». وأكد على أنه «بعد ما يقرب 20 سنة من أوهام إصلاح هذا القطاع، ما زالت هناك قنوات وإذاعات ليس لها من العمومية إلا الإسم، تقرأ علينا بيانات النيابة العامة ضد مواطنين عزل»، مستغربا مما أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريره الأخير الذي يقر من خلاله بالتضخم في التمويل الذي تتلقاه الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، مقابل تقلص مستمر للتمويل الذاتي وقال إن «خصائص الوضع السياسي وفشل الإصلاح، هما عاملان مترابطان يعوقان الصحافة في أداء مهامها اليومية، ومن ضمنها مواكبة الأخبار السياسية ومشاريع التنمية وإشاعة نوع من المناخ الإيجابي ضد الإحباط واليأس والوعي السلبي».
وشدد وزير الثقافة والاتصال السابق على أن الصحافة عامل تقدم، «سواء من حيث ما تثيره من قضايا أم ما تتعرض له من متاعب، فهي اليوم الجبهة الأكثر حيوية ومصداقية في الدفاع عن مشروع التقدم، والدفاع عن الديمقراطية»، وأكد أن «الساحة تعج بالمنابر الموجهة والأقلام المأجورة ومنابر النهش التي تهبّ عند أول صفير»، مردفا «لكن هذه الظواهر كانت دائما موجودة عانى منها الوطنيون إبان مقاومة الاستعمار، وعانى منها الديمقراطيون إبان مقاومة الاستبداد، ولكنها دائما ستبقى محط النسيان».
واضاف «يجب أن نسلم بأن الصحافة الحرة لا يمكن أن تبنى إلا في نظام ديمقراطي حقيقي بانتظار ذلك يجب أن نسلم أيضا بأنه يجب الاستمرار من أجل حرية الصحافة والوقوف في وجه الضربات الموجعة التي تتلقاها باستمرار وهو أمر لن تقوم به الصحافة وحدها لأن الأمر يهم التطور السياسي للبلاد، ولا بد أن يصبح القضية المشتركة لكل الديمقراطيين في المغرب».
وقال «اليوم هناك انقسام خطير في الجسم الصحافي، بين جزء من الصحافة تمارس نوعا من النقد والمتابعة، أي الصحافة غير الموالية، وما بين صحافة مضادة لها، وهذا الانقسام مقلق جدا لأنه في بعض الأحيان يتحول الأمر إلى صحافيين يقتلون صحافيين، وهذا من الأشياء المؤلمة في الحقل الصحافي المغربي، وللأسف الشديد هذا الوضع تشجع عليه آليات قائمة وهذا ليس سرا، فهناك صحافة معروف من يقف وراءها وممولوها وهي من تقوم بهذه المهام الخطيرة».
وأضاف «نحتاج إلى جرأة سياسية من أجل إصلاح القطاع الإعلامي وأنا مؤمن بأن إشاعة مناخ إيجابي في الوضع الصحافي المغربي هو بداية الحل، واليوم أنا أشعر أن هناك جوا محبطا في الوسط الصحافي بمعنى «مكاين ما يدار»، وهذا هو السائد في الصحافة اليوم، فليس هناك مناخ إيجابي لبناء مقاولات إعلامية قوية ومقنعة، و في ذهن كل صحافي اليوم هناك إحساس بأن الوضع غير مشجع في هذا المجال»، وشدد على أن هذا المناخ السائد يجب أن يتغير لأنه مناخ سلبي ولا يفيد الإصلاح، لأن البلد الذي يصبح فيه الصحافيون خائفين، فيه ما يقلق.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: