بريكست يكبّل الحكومة البريطانية ويفكّك حزب المحافظين

يواصل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الّذي كبّله مجلس العموم البريطاني برفض استراتيجيته بشأن بريكست، سياسية الهروب إلى الأمام والبحث مجدّدا عن ثغرات قانونية يمكن تطويعها للالتفاف على قرارات المجلس. ما يزيد من حدّة الأزمة السياسيّة غير المسبوقة الّتي عصفت بالبلاد مع إعلان تعليق عمل البرلمان البريطاني بداية من منتصف سبتمبر الجاري، وهي “حيلة سياسية، لكنّها قانونية” لجأ إليها جونسون، للمضي قدما في استراتيجيّته من أجل الانفصال. ونقل رئيس الوزراء البريطاني معركته من مجلس العموم إلى داخل حزبه المحافظ، الذي يبدو أنّ عاصفة الاستقالات شقّت صفوفه، ما يضعف شعبيّته.ومع رفض المعارضة البريطانية إجراء انتخابات مبكّرة في البلاد يظلّ بوريس جونسون رهينة في 10 داونينغ ستريت، حيث تبقى الاستقالة المخرج الوحيد المتاح أمامه، إلّا أنّه يرفض الاستسلام.

يصرّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على مواقفه رغم إعلان وزيرة العمل والتقاعد آمبر رود استقالتها من الحكومة الغارقة في أزمة سياسية، فيما أعلنت الحكومة البريطانية، الأحد، أنّ النائبة تيريز كوفي عُيٍّنَتْ في منصب وزيرة العمل والتقاعد.

وقالت وزيرة العمل في بيان “لا يمكنني أن أبقى بينما يتمّ استبعاد محافظين جيّدين ومخلصين ومعتدلين”، في إشارة منها إلى قرار جونسون إقالة 21 نائبا متمرّدا من الحزب المحافظ صوّتوا هذا الأسبوع مع المعارضة لصالح مشروع قانون إرجاء بريكست في مجلس العموم.

وغادرت آمبر (56 عاما) الحكومة الّتي كانت تعتبر من دعاماتها، وكذلك حزب المحافظين، منتقدة استراتيجية جونسون في رسالة نشرتها عبر تويتر.

ورأت الوزيرة المستقيلة، التي كانت قد صوّتت للبقاء ضمن الاتّحاد الأوروبي في استفتاء 2016، أنّ “الهدف الأساسي” للحكومة لم يعد التوصّل إلى اتّفاق خروجا مع الاتّحاد الأوروبي.

وأضافت “الحكومة تخصّص الكثير من الطاقة للاستعداد لسيناريو الخروج دون اتفاق، ولم أر الكثافة ذاتها في مباحثاتنا مع الاتّحاد الأوروبي”.

ساجد جاويد: رئيس الوزراء لا ينوي طلب مهلة إضافية خلال المجلس الأوروبي يومي 17 و18 أكتوبر

وتشكّل هذه الاستقالة ضربة قوية أخرى لرئيس الحكومة، الّذي لم يعد يملك أغلبية في البرلمان الذي عطّل استراتيجيته بشأن بريكست.

وتبنّى النواب ثم أعضاء مجلس اللوردات أواخر الأسبوع الماضي مشروع قانون يجبره على تأجيل موعد بريكست، المقرر في 31 أكتوبر، لثلاثة أشهر، إذا لم يتوصّل إلى اتّفاق طلاق مع الاتّحاد الأوروبي بحلول 19 أكتوبر، أي غداة القمّة الأوروبية المقبلة.

“صنداي اكسبريس”، الأحد، “أرفض قبول هذا التأجيل غير المفيد من زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن”.

وصرّح وزير الخارجية دومينيك راب بأنّ “الأسبوع كان صعبا لكن في الواقع رئيس الوزراء متمسك بما قاله”.

ويحتاج التأجيل الجديد لبريكست، الذي كان في الأصل مقرّرا في 29 مارس 2019 وأُجِّلَ مرّتين، إلى موافقة بالإجماع من باقي دول الاتّحاد الأوروبي الـ27.

وفي تصريح لصحيفتي “ميل أون صنداي” و”صنداي إكسبرس” اتّهم جونسون مجموعة النواب بقيادة جيريمي كوربن، زعيم حزب العمال أبرز أحزاب المعارضة، بالسعي إلى “تعطيل بريكست” و”إجبار البلاد على القبول بمزيد من التسويف والتأخير”.

وينوي جونسون أن يمنح المعارضة، الاثنين، “فرصة أخيرة” للتصويت لانتخابات مبكّرة، لكن إذا فشل في تمرير مقترحه فإن الحكومة “ستستمر ببساطة”.

وبحسب “صنداي تايمز” فإن جونسون مستعدّ لنقل المعركة إلى المحكمة العليا لتحدّد ما إذا كان بإمكانه أن يتجاهل القانون الّذي يفرض عليه تأجيل بريكست.

وقال مصدر في مقرّ رئاسة الحكومة البريطانية إنّه “إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول 18 أكتوبر، فسنخرب التأجيل”، في حين ذكر مصدر آخر أنّ جونسون مستعدّ لتجاوز كل عقبة في طريقة “بلا هوادة”.

المعارضة: جونسون سيعرّض نفسه إلى سلسة من العقوبات

وأضاف راب “بالتأكيد لن يتجاوز القانون”. وأنّ “ما سنفعله مع هذا القانون هو التحقّق بدقة مما يطلبه أو لا يطلبه”.

ومن جهته، قال وزير المال ساجد جاويد إنّ رئيس الوزراء لا ينوي “قطعا” طلب مهلة إضافية خلال المجلس الأوروبي يوميْ 17 و18 أكتوبر.

وكانت الحكومة قد حاولت هذا الأسبوع أن تمرّر في البرلمان مقترحها تنظيمَ انتخابات مبكّرة، لكن البرلمان رفض. ولا يبدو أن المحاولة الثانية، الاثنين، سيكون مصيرها مغايرا.

وقالت القيادية في حزب الخضر سيان بيري إنّ أحزاب المعارضة “موحّدة تماما” في رفضها تبنّي اقتراح تنظيم انتخابات مبكّرة حتى استبعاد مخاطر بريكست دون اتفاق مع بروكسل.

وتجري المعارضة استشارات بشأن عواقب تجاوز جونسون لهذا الرفض. وبحسب محامين من الدرجة الأولى، فإن جونسون سيعرّض نفسه إلى سلسة من العقوبات.

وقال فيليب ساندس أحد هؤلاء المحامين، إن جونسون قد يجد نفسه في السجن إذا لم يحترم إرادة البرلمان. وأكّد “سيرضخ للقانون أو يستقبل”.

وصرّحت جو سوينسون رئيسة حزب الديمقراطيين الأحرار أنّه “في وقت تتفكّك فيه الحكومة، باتت ضرورة وقف بريكست واضحة تماما. يجب أن ننظم تصويتا شعبيا مع خيار البقاء” في الاتحاد الأوروبي.

واستقبل هذا الحزب ثلاثة نواب جدد، من بينهم فيليب لي الذي كان قد غادر حزب المحافظين.

ويخطّط حزب العمال مع مجموعات أصغر لاستراتيجية لن تترك بديلاً لجونسون سوى الاستقالة.

دعوات لاستقالة جونسون

وقال جونسون الجمعة إنّه لا يرغب حتى في مجرد التفكير في الاستقالة.

وأضاف “سأذهب إلى بروكسل وسأتوصّل إلى اتفاق وسنضمن خروجنا في 31 أكتوبر. هذا ما يتعين علينا القيام به”.

وعند سؤاله عما إذا كان سيقدّم استقالته إن أخفق في تحقيق ذلك أجاب “هذه فرضية لا أرغب حتى في التفكير فيها”.

والخميس، استقال جو جونسون، الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء البريطاني من منصبه وزيرا ونائبا برلمانيا بعدما شعر أنه “ممزق بين ولائه لعائلته والمصلحة الوطنية”.

وكتب جو جونسون / 47 عاما/ في تغريدة عبر موقع تويتر “تشرفت بتمثيل دائرة أوربينغتون (في جنوب شرق إنكلترا) لتسع سنوات وشغل منصب الوزير في عهد ثلاثة من رؤساء الوزراء”.

وذكر إيان موراي عضو مجلس العموم عن حزب العمال المعارض أنّ استقالة جو جونسون “مدمّرة”.

وكتب موراي عبر موقع تويتر “حتى شقيق بوريس جونسون يعلم أنّه لا يمكن الثقة به في صنع قرارات من أجل المصلحة الوطنية”.

وكان جو جونسون مشاركا في حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء الخروج عام 2016، وقد أيّد الدعوات المنادية بإجراء استفتاء ثان.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: