السلطات المغربية تطرد الألماني الماسوني صاحب مشروع نصب الهولوكوست

طردت السلطات المغربية الألماني الماسوني صاحب مشروع نصب الهولوكوست الذي كان يبنيه بالقرب من مراكش، وقامت السلطات الأسبوع الماضي بهدمه بعدما أثار احتجاجات واسعة واستنكارات شديدة في الأوساط المغربية، فيما أعلنت المنظمة التي يرأسها فتح باب التبرعات لإعادة بناء النصب.
وأصدرت السلطات قراراً بطرد أوليفر بينكوفسكي، صاحب المشروع، وهو مواطن ألماني ماسوني يتبنى الأيديولوجية الصهيونية ويدعم المثلية الجنسية، بسبب «إقامته غير الشرعية في المغرب»، وذلك بعد ردود الفعل المغربية بعد الكشف عن مشروع النصب التذكاري للهولوكوست بضواحي مراكش، وقيام السلطات الأسبوع الماضي بهدم ورش المشروع.
وكتب بينكوفسكي على صفحته في «فيسبوك» أن السلطات المغربية أمهلته ثلاثة أيام لمغادرة البلد، بعد أن فتح معه الدرك الملكي بالمنطقة تحقيقاً أمنياً، يوم الإثنين الماضي، حول قيامه بتشييد بنايات بدون الحصول على ترخيص مسبق من الجهات المختصة، وحول وضعية إقامته غير القانونية بالمغرب، بسبب عدم قيامه بتجديد بطاقة إقامته منذ أكثر من ثلاث سنوات، إذ تشير أول بطاقة إقامة حصل عليها، سنة 2015، إلى أنه كان يقيم في جماعة «أولاد حسون» المجاورة لمراكش، قبل أن ينتقل إلى القرية الصغيرة «آيت فاسكا»، التي تبعد بحوالي 26 كلم عن المدينة في الطريق المؤدية إلى وارزازات.
وأضاف أن البحث القضائي التمهيدي تناول اتهامه باختلاس الكهرباء لمشروعه «الإنساني» المناهض للمذابح النازية وضد اضطهاد الأقليات العرقية والجنسية، من الإنارة العمومية للقرية المعزولة «آيت فاسكا»، ناهيك عن استعماله للإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية، وقد رجّح المحققون بأنه كان يحاول من خلال اللجوء إلى الإنترنت الفضائي التهرب من القوانين المحلية وتجاوز رقابة ورصد الأجهزة الأمنية الوطنية المختصة.

أعلم مستشار الملك بالمشروع

ورداً على التصريحات التي أدلى بها ممثل الطائفة اليهودية في مراكش، جاكي كادوش، والتي أيّد فيها قرار السلطات بهدم النصب التذكاري لعدم احترام المنظمة الألمانية صاحبة المشروع، «بيكسل هيلبر»، للإجراءات القانونية، ولعدم استشارتها لممثلي الطائفة اليهودية محلياً ووطنياً، وقال بينكوفسكي» «إذا كان سيرج بيرديغو، الأمين العام لمجلس الطائفة اليهودية في المغرب، لا ينقل المعلومات لجاكي داكوش فهذا ليس خطأنا، ولقد أحيط المستشار اليهودي للملك (في إشارة إلى المستشار الملكي أندري أزولاي) علماً بمشروعنا، وتمت دعوته إليه»
وقال الناشطون المغاربة المناهضون للتطبيع مع الكيان الصهيوني «إن بناء متحف صهيوني بضواحي مراكش تدنيس لأرض المغرب، وأعلى درجات التطبيع مع الكيان الصهيوني ومؤسساته الموازية»، واعتبروا «قراراً للحكومة المغربية بالسماح لمؤسسة صهيونية باستباحة أرض المغرب، أو غض النظر عن هذا البناء، معادياً للشعب المغربي، الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية».ونقل في وقت سابق عن منظمة بيكسل هيلبر، التي يرأسها بينكوفسكي، أن المغاربة معادون لليهود ولا يحترمون حرية الإبداع والجمال، إلا أن بينكوفسكي قال في تدوينته على «فيسبوك»: «لم نصف المغرب بمعاداة السامية، ولكن منظمتنا تشعر بخيبة أمل تجاه السلطات المغربية، التي كانت ترى ما نفعله هنا كل يوم ونبثه على الهواء مباشرة منذ  سبتمبر من 2018 وحتى أواخر  أغسطس 2019 .. لقد كنا نرسل معلومات عن المشروع إلى جميع السفارات المغربية حول العالم. وقبل انطلاقه، أبلغت شخصياً السفارة المغربية في برلين عن جميع المشاريع المخطط لها».

هدم أعمال فنية

وأضاف بينكوفسكي بأن الهدم أتى على «أعمال فنية» لم تكن مشمولة بالقرار، ولم تكن جزءاً من تصريح الهدم، نافياً بأن يكون سرق الكهرباء لمشروعه من أعمدة الإنارة العمومية: «لم نسرق الكهرباء التي كانت تكلفنا أسعاراً مرتفعة تتراوح بين 200 و300 أورو شهرياً.. على العكس من ذلك، عندما كان برج المياه المحلي معطلاً على القرية بأكملها، كان صنبور مياه مشروعنا في الخارج موضوعاً رهن إشارة السكان المحليين».
ونفى الاتهامات بالماسونية وبالشذوذ الجنسي، موضحاً بأنه يرتبط بعلاقة عاطفية مع فتاة برازيلية جميلة، كما نفى قيامه بأي نوع من الاستغلال للأطفال المحليين أو تشغيلهم في ورش مشروعه، وأن منظمته كانت تتلقى تبرعات هي دراجات عادية وملابس وقبعات وأشياء صغيرة لتوزعها على الأطفال في الأحياء الفقيرة.
ونصب صاحب مشروع نصب الهولوكوست، في اتجاه رفع دعوى قضائية ضد السلطات المغربية، المحامي المغربي إسحاق شارية لـ»الدفاع عن حقوقه»، الذي اعتبر هدم نصب الهولوكوست هدماً للإبداع. وقال شارية، وهو قيادي في الحزب الليبرالي الحر المغربي، في تدوينة على حسابه بموقع «فيسبوك»، إنه ناقش بشكل مستفيض مع الممثل القانوني لمنظمة «هيلبر بيكسل» في المغرب، أوليفر بينكوفسكي، «لمعرفة ملابسات هذه القضية التي أخذت بعداً سياسياً وإعلامياً». ونقل شارية عن الجمعية «إن الأمر بعيد تماماً على ما تم ترويجه وإشاعته، ذلك أن الجمعية المذكورة كانت تقوم بإنشاء عمل فني هو مجسم يصور بطريقة فنية مجزرة الهولوكوست التي راح ضحيتها اليهود على يد النظام النازي في ألمانيا، وما تعرضوا له من بشاعة التعذيب والتصفية العرقية، في مرحلة دموية من تاريخ الإنسانية لا يجب أن تنسى حتى لا تتكرر». وتابع شارية أن ممثل الجمعية أكد أن «المجسم لا يعدو أن يكون عملاً فنياً يدخل في إطار حرية التعبير التي يحميها الدستور المغربي والمواثيق الدولية، وتم تشييده داخل بقعة أرضية خاصة وغير مفتوحة للعموم، وهو بالتالي لا يحتاج إلى أي ترخيص أو مراقبة سواء قبلية أو بعدية، ما يعتبر تعدياً على حرية الإبداع والفكر، كما أن الأمر لا يتعلق بأي دعاية صهيونية أو سياسية أو فيه أي مساس بمشاعر الشعب المغربي ومبادئه كما سعى البعض لترويج ذلك إعلامياً».
ونقل عن أوليفر قوله إنه فوجئ بالسلطات المحلية تقتحم المحل الخاص حيث يوجد المجسم وتشرع في تهديمه، «دون أي محاولة لتفهم الأمر من جانبه الفني والإبداعي والثقافي الذي يسعى للتعريف بحقبة مأساوية من تاريخ الإنسانية». وأن مالك المشروع يطالب بوقف عملية الهدم مع تعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به»، وذيل شارية تدوينته بوسم (هشتاغ) «أوقفوا هدم الإبداع».
ودعت منظمة «بيكسل هيلبر» الألمانية، بعد هدم السلطات المغربية ما بني من مشروع نصب الهولوكست، إلى التبرع لإعادة بناء هذا النصب التذكاري، وطالبت عبر تدوينة لها على صفحتها عبر «فيسبوك»، بفتح باب التبرعات ابتداء من الأسبوع المقبل لتشييد النصب التذكاري المثير.
واعتبرت المنظمة في تدوينتها أن الفن لا يحتاج إلى تصريح في المغرب، وذلك احتجاجاً على منع السلطات لإتمام بناء المجسم التذكاري بحجة عدم توفر المنظمة على التصريح.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: