حكومة إيطالية جديدة تستثني اليمين المتطرف رهينة توافقات الضرورة

أجرى الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا الخميس لليوم الثاني على التوالي مشاورات تهدف إلى حل الأزمة السياسية التي تهز البلاد بعد تفكك الحكومة الشعبوية.

وكان رئيس الوزراء جوزيبي كونتي استقال الثلاثاء بعد أشهر من انهيار التحالف ومحاولة زعيم حزب الرابطة وزير الداخلية ماتيو سالفيني إجبار البلاد على إجراء انتخابات مبكرة بعد 14 شهرا فقط من توليه السلطة.

وأثارت الحكومة الإيطالية غضب العديد من القادة الأوروبيين بسبب تبنيها خطا قوميا شعبويا وموقفا متشددا من المهاجرين خاصة من قبل سالفيني، ومحاولة انتهاك قوانين الاتحاد الأوروبي بشأن الميزانية.

ومن بين الخيارات الرئيسية تشكيل ائتلاف جديد وحكومة تكنوقراط لفترة قصيرة، أو إجراء انتخابات قبل موعدها المقرر بأكثر من ثلاث سنوات.

وحتى قبل أن يبدأ رئيس البلاد سيرجيو ماتاريلا مشاوراته مع القوى السياسية للبحث في إمكانية تشكيل ائتلاف حكومي جديد، صوت الحزب الديمقراطي، الذي يعتبر أول قوة يسارية في البلاد، بالإجماع على اقتراح سيقدمه إلى رئيس الدولة “لتشكيل حكومة تغيير” مع حركة 5 نجوم، المعروفة بمناهضتها للمؤسسات.

وقال زعيم الحزب الديمقراطي نيكولا زينغاريتي في مؤتمر صحافي عقده في ختام اجتماع لقيادة حزبه الأربعاء، إن الحزب يريد التفاهم مع حركة 5 نجوم على “برنامج قابل للتنفيذ يتشارك به أيضا مع غالبية برلمانية واسعة”.

نيكولا زينغاريتي: نريد التفاهم مع حركة 5 نجوم على برنامج قابل للتنفيذ
نيكولا زينغاريتي: نريد التفاهم مع حركة 5 نجوم على برنامج قابل للتنفيذ

ويدور خلاف بين الحزبين منذ سنوات. ولكن تشكيل تحالف يشهد إخراج سالفيني من الحكومة يشكل حافزا قويا للتوصل إلى تسوية.

ووضع الحزب الديمقراطي خمسة شروط على حركة 5 نجوم التي ولدت أصلا للتنديد بالنظام السياسي القائم والفساد الذي ينخره لكنها تضم تيارات عدة وأحدها معاد بشكل كبير للتجربة الوحدوية الأوروبية.

والشروط الخمسة التي عددها زينغاريتي هي “التمسك بالانتماء إلى أوروبا، والاعتراف الكامل بالديمقراطية التمثيلية وبالدور المركزي للبرلمان، والعمل على تنمية قائمة على احترام البيئة، وتغيير كيفية إدارة تدفق المهاجرين مع المطالبة بدور أكبر لأوروبا في هذا الصدد، وتعديل السياسة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بشكل يتيح المزيد من الاستثمارات”.

وصرح لاحقا أنه يعارض فكرة بقاء كونتي رئيسا للوزراء، رغم أن حركة 5 نجوم تود بقاءه في منصبه. لكنها قالت إنها “ستنتظر حتى نهاية المشاورات”.

وفي محاولة لتشكيل هذا التحالف، قال رئيس الحكومة السابق ماتيو رينزي الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي، إنه لن يشارك في التحالف.

وسخر سالفيني الأربعاء من حلفائه في الائتلاف السابق، وقال “خلال أسبوع تحولوا من الرابطة إلى رينزي”. وأضاف “مهما كان شكل الحكومة التي ستظهر، فإن أهدافها ستكون ضد الرابطة”.

ورحّبت الأسواق حتى الآن بنهاية حكومة الائتلاف غير المستقرة في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، حيث ارتفعت بورصة ميلانو الأربعاء.

ومعدل الديون في البلاد البالغ 132 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، هو ثاني أعلى معدل في منطقة اليورو بعد اليونان، كما تزيد نسبة بطالة الشباب حاليا عن 30 بالمئة. وتجد الحكومات المتتالية صعوبة مستمرة في خفض مستويات الدين والبطالة.

وقالت جين فولي المحللة الاقتصادية إن “المشهد السياسي غير المتجانس في إيطاليا، وتحديات الميزانية التي يواجهها ذلك البلد تتجاوز كونها أزمة دين سيادي”. ويتعيّن على روما تمرير الميزانية خلال الأشهر الخمسة المقبلة وإلا ستواجه ارتفعا تلقائيا في ضريبة القيمة المضافة التي ستكون الأسر المنخفضة الدخل الأكثر تضررا منها وقد تُدخل البلاد في ركود اقتصادي.

وصرح أندريا مونتانينو كبيرة الاقتصاديين في الاتحاد العام للصناعات الإيطالية “وصلت الأزمة إلى مفترق خطير بالنسبة لأوروبا وسط مخاطر حدوث ركود في ألمانيا وتشكيل مفوضية أوروبية جديدة، ويمكن أن يكون سببا رئيسيا في تدهور الثقة في منطقة اليورو”.

وعقب انتخابات العام الماضي، تشكلت الحكومة بعد أشهر من المشاورات الصعبة.

وأوضح ماتاريلا أنه يريد انتهاء المشاورات بسرعة لكن الخلافات بين الحزب الديمقراطي وحركة 5 نجوم عميقة، وهو ما يمكن أن يعقد جهود تشكيل ائتلاف. وسيحتاج تشكيل تحالف بين الحزبين الحصول على دعم الأحزاب الأصغر لتشكيل حكومة فعّالة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: