مشاورات سياسية محمومة في إيطاليا لتجنب فخ الانتخابات المبكرة

سيرجيو ماتاريلا يريد مفاتيح حل الأزمات الحكومية، المسارعة في حلّ الأزمة، بعد استقالة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي.

باشر رئيس الجمهورية الإيطالي سيرجيو ماتاريلا الأربعاء المشاورات مع القوى السياسية كافة، ومن ضمنها يسار الوسط، لتلقّي المقترحات بشأن تشكيل ائتلاف حاكم جديد، مع السعي إلى تفادي عقد انتخابات مبكرة في الخريف مهما بلغ الأمر.

ويريد رئيس الجمهورية، الذي يمتلك بموجب النظام البرلماني الإيطالي مفاتيح حل الأزمات الحكومية، المسارعة في حلّ الأزمة، بعد استقالة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي الثلاثاء.

وأوضح الصحافي من صحيفة “لاستامبا” والمتابع للشؤون الرئاسية أوغو ماغري الأربعاء أن “ماتاريلا لن يضيع الوقت ولن يسمح خصوصا بأن يقوم الآخرون بتضييعه. سيطلب الوضوح والإيجاز من أجل تفادي مناورات المماطلة”.

ورغم تقدمه في استطلاعات الرأي بنسبة تأييد تتراوح بين 36 و38 بالمئة، مقابل 15 إلى 16بالمئة لحركة خمس نجوم، لا يملك زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف ماتيو سالفيني سوى نسبة 17 بالمئة من مقاعد البرلمان.

ومدفوعا بذلك التأييد، وبحماية “قلب مريم العذراء الطاهر” له كما قال، يريد سالفيني أن يطلب من الرئيس سلك “الطريق المباشر” نحو الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة.

وبدأت الأزمة في 8 أغسطس الحالي مع انسحاب سالفيني من الائتلاف الحكومي بعد 14 شهرا من تشكيله مع حركة خمس نجوم التي اتهمها بمعارضة كل مقترحاته، وطالب حينها بإجراء انتخابات برلمانية مباشرة.

ومن بين سلسلة خيارات يمكن لرئيس الجمهورية اللجوء إليها، الدعوة إلى انتخابات مبكرة كملاذ أخير إذا تعذر تحقيق غالبية لتشكيل ائتلاف جديد.

رومانو برودي: أقترح تحالف بين اليمين واليسار على طريقة التحالف في ألمانيا
رومانو برودي: أقترح تحالف بين اليمين واليسار على طريقة التحالف في ألمانيا

ولكن ماتاريلا متردد بشأن خطوة الدعوة إلى انتخابات مبكرة في وقت تعاني فيه إيطاليا، ثالث اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، من صعوبات اقتصادية وديون، وعليها أن تقدم مشروع موازنتها لعام 2020 إلى المفوضية الأوروبية بالتزامن مع الموعد المحتمل لتلك الانتخابات في الخريف، حيث سيصغي الرئيس لاقتراحات كافة الأطراف قبل أن يتخذ قرارا قبل الجمعة.

وأعلن الحزب الديمقراطي (يسار الوسط) على لسان رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي عن استعداده لدراسة فكرة التحالف مع حركة خمس نجوم قصد تشكيل حكومة “مؤسساتية” يقودها من جديد كونتي. لكن هذه الفكرة لا تحظى بتأييد في أوساط الحزب الديمقراطي.

ويقول محللون إن ماتاريلا يمكن أن يمنح تأجيلا موجزا حتى الأسبوع المقبل لطرح الحل إذا رأى أن هناك احتمالا لإجراء تحالف غالبية جديد.

ويرى محللون أن رئيس الوزراء، الذي وصفه زعيم حركة خمس نجوم لويجي دي مايو “بخادم الأمة الذي لا يمكن لإيطاليا الاستغناء عنه”، قد خرج من هذه الأزمة أقوى ممّا كان عليه من قبل.

وقال رينزي إنه يأمل “أن تفتح صفحة جديدة لإيطاليا”. ويرى أن “اتفاقا بين حركة خمس نجوم والحزب الديمقراطي قد يكون حلا”، رغم العداوة السابقة بينهما.

ولكن هذه الفكرة لا تحظى بتأييد في أوساط الحزب الديمقراطي الذي أبدى رئيسه نيكولا زينغاريتي ترددا بشأن حكومة ثانية برئاسة كونتي على اعتبار أن حكومته الأولى قدمت تنازلات بشأن تشديدات أمنية دفع نحوها سالفيني عندما كان في الحكومة.

وأما العائق الآخر فهو خشية حركة خمس نجوم من ماتيو رينزي الذي يمكن أن يغتنم الفرصة للسعي إلى تولي رئاسة الحزب الديمقراطي من جديد.

ويمكن لرئيس الجمهورية أيضا دراسة فرضية اقترحها رئيس الوزراء السابق ورئيس المفوضية الأوروبية السابق رومانو برودي، تنص على تشكيل تحالف بين اليمين واليسار، على طريقة التحالف الحكومي في ألمانيا، يكون مواليا لأوروبا بحزم، أسماه “حكومة أورسولا”.

وعمليا، يقوم اقتراح برودي على إقامة تحالف من اليسار واليمين يمكن أن يضم حزب “فورزا إيطاليا” الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني، وذلك على طريقة الائتلافات الحكومية في ألمانيا. ويبرر برودي مقترحه بالسعي إلى “عودة إيطاليا عضوا فاعلا في الاتحاد الأوروبي”.

وفي استطلاع أجراه معهد “يوترند” لآراء المحللين السياسيين، حازت حكومة ائتلاف بين حركة خمس نجوم والحزب الديمقراطي على نسبة 36 بالمئة من التأييد، في مقابل 22 بالمئة لصالح انتخابات مبكرة، و12 بالمئة لحكومة “أورسولا”، ونسبة مماثلة لصالح حكومة تكون مهمتها إقرار موازنة والتحضير لانتخابات مبكرة في ربيع 2020.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: