جدل في الولايات المتحدة بعد مهاجمة ترامب للناخبين اليهود

اليهود الأميركيون يفضلون الحزب الديمقراطي المنافس للحزب الجمهوري الداعم لترامب.

تنبع مهاجمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لليهود الأميركيين المؤيدين لخصومه الديمقراطيين من إحساس بأنه الأجدر بأصواتهم الانتخابية مقابل ما قدمه لإسرائيل من ولاء مطلق ودعم منقطع النظير لم يسبق لرئيس أميركي قبله القيام به. وتكشف تسريبات وثيقة صفقة القرن عدم اعتراف ترامب بحقوق الحد الأدنى للفلسطينيين وهي إقامة دولة على أراضي الضفة والقطاع، ما ينسف مخرجات اتفاقيات مدريد وأوسلو. ويسعى ترامب، الذي يحشد من خلال مهاجمة اليهود الديمقراطيين ونعتهم بعدم الولاء، للفوز بولاية ثانية تبدو في المتناول وينتظر أن يلعب فيها اللوبي اليهودي، وليس الناخبين، دورا حاسما.

 وجهت جماعات يهودية أميركية الأربعاء، انتقادات حادة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد أن قال إن تصويت اليهود الأميركيين للحزب الديمقراطي الأميركي، هو تعبير عن “عدم معرفة أو عدم ولاء كبير”، فيما أحجمت الحكومة الإسرائيلية التي تجمعها علاقات وطيدة بالرئيس الأميركي عن التعليق.

وعلى الرغم من محاولاته الكبيرة، لإرضاء اليمين الإسرائيلي، إلا أن استطلاعات الرأي وعمليات التصويت في الولايات المتحدة، تشير إلى أن اليهود الأميركيين، يفضلون الحزب الديمقراطي، المنافس للحزب الجمهوري الداعم لترامب.

وردا على سؤال عما قاله ترامب، قال وزير الطاقة يوفال ستاينيتز “يجب ألا نتدخل في الخلافات السياسية في الولايات المتحدة. فنحن لنا علاقات طيبة مع الديمقراطيين والجمهوريين ولا بد أن نستمر على هذا المنوال”.

وأعربت اللجنة اليهودية الأميركية، في تصريح مكتوب إنها تشعر “بالغضب” من تصريحات ترامب، داعية “الرئيس لوقف مثل هذا الخطاب المثير للانقسام والتراجع عن تصريحاته الساخطة”.

وقال ديفيد هاريس، الرئيس التنفيذي للجنة اليهودية الأميركية، إن تعليقات الرئيس “مثيرة للخلاف بشكل مثير للصدمة وغير ملائمة من قبل من يشغل أعلى منصب منتخب.

وأضاف إن لليهود الأميركيين، مثلهم مثل جميع الأميركيين، “مجموعة من الآراء السياسية وأولويات سياسية، وإن تقييمه لمعرفتهم أو ولائهم، استنادًا إلى تفضيلهم الحزبي، غير مناسب وغير مرحب به وخطير تمامًا”. وكتب جوناثان غرينبلات، الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير (منظمة يهودية أميركية)، في تغريدة  “ليس من الواضح من الذين يزعم رئيس الولايات المتحدة أنهم (غير موالين)، لكن اتهامات الخيانة تستخدم منذ فترة طويلة لمهاجمة اليهود، كما قلنا من قبل، من الممكن الانخراط في العملية الديمقراطية دون هذه الادعاءات، لقد طال انتظاره التوقف عن استخدام اليهود ككرة قدم سياسية”.

30 عضوا يهوديا في الكونغرس من الحزب الديمقراطي واثنان فقط من الحزب الجمهوري

ومن جهته قال منتدى السياسة الإسرائيلية “نحن نرفض تعليقات الرئيس ترامب التي تشير إلى الجهل والخيانة بين اليهود الأميركيين، إن كلمات الرئيس مُروّعة، ولكنها غير مفاجئة بالنظر إلى سجله من التصريحات غير اللائقة، وكذلك جهوده للاستفادة من إسرائيل باعتبارها قضية دسمة في السياسة الأميركية”.

وكتب الحاخام جونا بيسنر، مدير مركز العمل الديني لحركة الإصلاح، في تغريدة ”الادعاء بأن اليهود غير مخلصين لممارسة حق التصويت، هو أمر غير مسؤول وخطير، إن الحرية السياسية والدينية هي من السمات المميزة لهذه الأمة، وتحمي الناس من جميع الأديان”.

وأضاف مخاطبا ترامب “توقف عن استخدام الجالية اليهودية لتسجيل نقاط سياسية”. ومن منظمة “أغلبية ديمقراطية من أجل إسرائيل”، وصف كل من مارك ميلمان وآن لويس تصريحات ترامب بأنها “واحدة من أخطر الاتهامات التي واجهها اليهود على مر السنين، إذ أدت الاتهامات الكاذبة بالخيانة إلى قتل اليهود وسجنهم وتعذيبهم على مر القرون”.

وأكد لوغان بايروف، من منظمة “جي ستريت” اليهودية الليبرالية المؤيدة لإسرائيل، إنه لا يستغرب تحول هجمات الرئيس العنصرية على نساء تقدميات من غير البيض في الكونغرس إلى اليهود. ويرى في مهاجمة الرئيس للغالبية العظمى من اليهود الأميركيين ووصفهم بأنهم إما غير واعين أو خونة بالأمر الخطير.

وقالت هالي سويفير، وهي المديرة التنفيذية للمجلس الديمقراطي اليهودي في الولايات المتحدة إن هذه التصريحات تعتبر مثالا جديدا على استمرار ترامب في تسييس معاداة السامية. وأضافت “في وقت تزداد فيه الحوادث المعادية للسامية بسبب تشجيع الرئيس للقوميين البيض المتطرفين، يكرر ترامب عبارات من هذا النوع”.

وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الثلاثاء، إن الغالبية من اليهود الأميركيين يصوّتون للحزب الديمقراطي، وإن الديمقراطيين حصلوا على قرابة 80 بالمئة من أصوات اليهود في الانتخابات النصفية للكونغرس في العام 2018، مشيرة إلى وجود أكثر من 30 عضوا يهوديا في الكونغرس من الحزب الديمقراطي، واثنين فقط من الحزب الجمهوري. ووفقا لاستطلاع رأي شمل عددا من الناخبين سنة 2018، أيد 72 بالمئة من الناخبين اليهود المرشحين الديمقراطيين. وقال 74 بالمئة منهم إنهم لا يدعمون ترامب.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للدراسات أن 42 بالمئة من اليهود قالوا إن ترامب يفضّل الإسرائيليين أكثر، وقال 6 بالمئة إنه يفضل الفلسطينيين أكثر، ورأى 47 بالمئة أنه حقق التوازن في تعامله مع الطرفين. وكان اليهود الذين قالوا إن ترامب يفضل الإسرائيليين أكثر من المسيحيين (42 بالمئة مقابل 26).

وليست هذه هي المرة الأولى التي ينتقد فيها ترامب بسبب تصريحات يرى البعض أنها معادية للسامية. ففي 2015، تحدث ترامب، الذي كان مرشحا للرئاسة، إلى الائتلاف اليهودي الجمهوري حين أدلى بتعليق مماثل.

وقال حينها “لا تدعموني لأنني لا أريد أموالكم. أنتم تريدون أن تتحكموا في السياسيين الذين تختارونهم”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: