برلماني مغربي يواجه عاصفة غضب لتحريضه ضد متطوعات أجنبيات

استنكر ناشطون وسياسيون مغاربة ما جاء في تدوينة علي العسري النائب عن حزب العدالة والتنمية الذي انتقد فيها لباس متطوعات أجنبيات كن يساهمن في تحسين وضعية إحدى المناطق المغربية المهمشة، في حين كان يقتضي دوره القيام بواجبه في خدمة هذه الأماكن، بدلا من الانشغال بلباس المتطوعات.

أثارت تدوينة المستشار البرلماني المغربي علي العسري على موقع فيسبوك بشأن لباس عدد من المتطوعات البلجيكيات جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم اتهامه بالتطرف والتحريض، مما اضطر حزب العدالة والتنمية إلى التبرؤ من تصريحات النائب الذي ينتمي إليه.

وكتب العسري تدوينة على حسابه في موقع فيسبوك انتقد فيها مشاركة البلجيكيات في عملية تعبيد طريق بإقليم تارودانت دون التقيد بشروط السلامة، وارتداء لباس وصفه بـ”لباس السباحة”.

وتساءل العسري عما إذا كان هدف رسالة البلجيكيات إنسانيا، أم شيئا آخر في منطقة لا تزال معروفة بمحافظتها واستعصائها على موجات التغريب والتعري، حسب وصفه.

وواجه رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب تغريدة العسري باستنكار شديد، ووصفها الكثير منهم بالتطرف. وقالت ناشطة على فيسبوك:

مواطنة

لسانك حصانك.. هو مسؤول برلماني لذلك حاسبه المغاربة، هو من حزب يمثل المغرب بلدنا جميعا ليست لديه مطلق الحرية بالتصرف كما يحلو له، وبدل من ذلك كان عليه التوجه إلى المكان والمساعدة ليعطي للشباب العبرة ويحضر مجموعة من شباب الحزب معه ذكورا وإناثا.

وبعد أن وصل الأمر إلى الصحافة البلجيكية؛ تدخل نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سليمان العمراني وعلق قائلا في حسابه على فيسبوك:

سليمان العمراني

“إن تدوينة برلماني الحزب علي العسري لا تلزم الحزب في شيء، وطالما أكدنا أن الذي يلزم الحزب هو قرارات وبيانات وبلاغات ومواقف هيئاته وتصريحات مسؤوليه المخولين”.

واستدرك:

سليمان العمراني

حرية التعبير مقترنة بالمسؤولية كما لا يخفى، لذلك يلزم احترام القواعد القانونية والأخلاقية في ذلك، فضلا عن حسن التقدير من المسؤولين في الحزب.

ولاحقا اعتذر العسري عن التدوينة التي نشرها معتبرا مضمونها بريء تماما، وهي مجرد ملاحظات وتساؤلات مشروعة، مضيفا أنه لم يطلب منه أحد ذلك، مجددا اعتذاره لكل من أساء فهم مرامي كلامه، وأخطأ أو خطئ في تحليل مدلولها الإنساني والوطني.

وأكدت البرلمانية حنان رحاب، عن الاتحاد الاشتراكي، أن ما عبّر عنه علي العسري في حق المتطوعات البلجيكيات لم يعد مجرد وجهة نظر تعبر عن اختلاف في الرؤى والتقديرات للقيم والأخلاق داخل المجتمع، بل تعدى ذلك بكثير ليتحول إلى تشجيع صريح وتهيئة واضحة لنمو ونشأة الفكر المتطرف والتغطية عليه وعلى أعماله التواقة للعنف كوسيلة وغاية لحكم المجتمع..

واعتبر المحامي محمد الغلوسي، أن العسري عمد إلى تغذية التطرّف بتدوينته قائلا:

“لم تمر مبادرة فتيات بلجيكيات بتعبيد طريق قروية بتارودانت دون أن تخرج أصوات متطرفة وظلامية من جحرها
شخص يتم إعتقاله من طرف الشرطة القضائية لدعوته العلنية عبر الفايس الى قطع روؤسهن لأن لباسهن فيه مَس بالدِّين الحنيف
برلماني عن منطقة تارودانت يتساءل عبر صفحته على الفايس ما إذا كانت نوايهن هو فعلا تعبيد طريق قروية أم نشر العري وسط منطقة محافظة ؟
ترى هل من فرق بين” الرأيين ” ؟؟ألا يعتبر” رأي “البرلماني المحترم وقودا للشروع في قطع الروؤس ؟
هناك فرق شاسع بين حرية الرأي والتعبير التي يجب صَونها والدفاع عنها مهما إختلفت آراؤنا وبين ثقافة الموت والتحريض على القتل والكراهية والعنصرية والتي يجب التصدي لها بدون هوادة ولايجب الإنتظار حتى تقع المصائب لنتباكى جميعا على ماوقع !!
الحق في الحياة والعيش المشترك في مجتمع متسامح ومتعدد حق مقدس ne
محمد الغلوسي »

يذكر أن مجموعة من السائحات الشابات البلجيكيات، قد تطوعن لترميم مسلك طرقي بإحدى المناطق النائية بإقليم تارودانت، حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، صور ظهرن فيها، وهن يعملن فوق إحدى الشاحنات، ويقمن بترصيص الأحجار، لترميم المسلك الطرقي وفي صورة أخرى وهن بصدد إتمام أشغال التعبيد.

واعتبرت البرلمانية حنان رحاب، أن حجم الأضرار التي لحقت المغرب جراء هذا الموقف المتحجر والمتزمت لأحد ممثلي الأمة وانعكاساتها على سمعة البلاد وعلى مشروعها الحداثي الديمقراطي الذي انخرطت فيه، يقتضي من الهيئة السياسية التي ينتمي إليها ردا واضحا وإجراءات ملموسة تخرج من حالة الالتباس السائدة وتؤكد موقفها الصريح من هذه الواقعة.

بدوره اتهم العسري عدد من الإعلاميين والمدونين والمثقفين ممن يتهمون أي مختلف معهم بالتطرف والداعشية، بإرهاب السياح والأجانب في المغرب، مشيرا إلى أن هؤلاء يقدمون خدمات مجانية لهذا التنظيم الإرهابي المجرم.

وجاءت تدوينة البرلماني بعد اعتقال أستاذ للتعليم الابتدائي بمدينة القصر الكبير لنشره تدوينة أشاد فيها بأعمال إرهابية وحرض على قطع رأس المتطوعات البلجيكيات، بسبب لباسهن القصير وهن يقمن بأعمال تطوعية، في أحد مواقع البناء في تارودانت.

وفي هذا الإطار استنكرت جمعية “جسور ملتقى النساء المغربيات”، ما اسمته بـ”الخطاب العنصري المتطرف” المتضمن في تدوينتين صادرتين عن رجل تعليم بمدينة القصر الكبير ونائب برلماني عن فريق العدالة والتنمية، واللذين حرضا فيهما على “العنف والتطرف” ضد سائحات بلجيكيات كن يقمن بأنشطة اجتماعية تطوعية بمنطقة تارودانت.

واعتبرت الجمعية النسائية، “الخطاب الإرهابي المتخلف”، يضرب عرض الحائط المشروع المجتمعي المغربي ورسالة الدستور المغربي المرتكزة على المساواة واحترام الآخر، وأن ما صدر عن الأستاذ والنائب البرلمان، “تصرف هجومي” يمس بصورة المجتمع المغربي المعروف بالتسامح والتعايش وقبول الاختلاف.

وعلق متابعون على البرلماني عن العدالة والتنمية، بأن عليه الترافع سياسيا واقتصاديا عن المناطق النائية سواء بدائرته أو غيرها لرفع التهميش عنها وتوفير شروط العيش الكريم، بدل الهروب إلى الأمام بخلق معارك على الهامش لن يستفيد منه المجتمع المحلي والوطني بأي منفعة وإنما تسكب الزيت على خطابات التطرف والكراهية.

وتفاعلا مع تدوينتي الأستاذ والبرلماني قررت جمعية “ASBL Bouworde” البلجيكية التوقف عن إرسال متطوعين للمغرب هذا الصيف، وأوضحت الجمعية أنها تلقت اتصالات من السفارة البلجيكية في المغرب، بعدم إرسال فرق جديدة من المتطوعين إلى المغرب هذا الصيف، بسبب التهديدات التي تعرضت لها متطوعات الجمعية، بعد ظهورهن “بشورت” في إحدى مناطق تارودانت.

و استنكر حسن الرحالي تدوينة البرلماني علي العسري و خصوصا و ان ابنته شيماء كانت من بين الفتيات اللواتي تطوعن بإقليم تارودانت، و عبر عن أسفه لتواجد أشخاص في البرلمان المغربي لهم عقلية رجعية يمكنها ان تحطم كل ما بنته الدولة في سنين لإستقطاب السياح .

وتصحيحا لما صدر عن الأستاذ والبرلماني أقام فقيه دوار اضارنومان الذي تطوعت فيه البلجيكيات بإقليم تارودانت، مأدبة غداء على شرف المتطوعات، حيث نوه عدد من المتابعين بهذه المبادرة معتبرينها ترجمة لقيم الضيافة ومبادئ الإسلام المغربي الوسطي المعتدل، بعيدا عن خطاب التصلب والتطرف.

وأكد منتصر حمادة، الباحث في الشأن الديني، أن هذا نموذج تطبيقي يكشف الفرق بين التدين الفطري والتدين الأيديولوجي، مشيرا إلى أن الفقيه وريث مدرسة الاعتدال، ولا علاقة له قط بخطاب “الجاهلية” و”الحاكمية” و”الولاء والبراء” وما جاوره من أدبيات هذه الحركات والجماعات التي تسببت لنا في مشاكل حقيقية، في المنطقة وفي العالم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: