بن كيران يهاجم مجددا الائتلاف الحكومي في المغرب

واصل عبدالإله بن كيران رئيس الحكومة المغربية السابق، انتقاده لحزب العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي)، بعد مصادقة لجنة برلمانية على مشروع قانون يعتمد الفرنسية في التعليم. في خطوة يراها مراقبون محاولة للتشويش على حكومة سعدالدين العثماني، واستغلال القانون المثير للجدل في تصفية الحسابات والعودة إلى دائرة الضوء من جديد.

  هاجم الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عبدالإله بن كيران، من جديد قيادات ووزراء الأغلبية الحاكمة في المغرب، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة جديدة لتشتيت الائتلاف الحكومي الذي يقوده سعدالدين العثماني.

ووجه بن كيران انتقادات لاذعة لرئيس الحكومة وأمين عام حزب العدالة والتنمية سعدالدين العثماني، بعد مصادقة لجنة برلمانية على مشروع قانون يعتمد الفرنسية في التعليم. قائلًا إنه يفكر في مغادرته، إذ لم يعد يشرفه الانتماء إليه بعد تلك المصادقة.

واستغل بن كيران الملتقى 15 لشبيبة حزب العدالة والتنمية بمدينة القنيطرة المغربية، ليمعن في الهجوم على العثماني والتلميح بالتأمر عليه للإطاحة به من رأس الحكومة التي يقودها، مشيرا إلى أن عودته إلى المشهد السياسي والحزبي واردة.

ويرى مراقبون أن تصريحات بن كيران الاستفزازية تهدف إلى إحداث انقسام كبير في صفوف حزب العدالة والتنمية ومحاولة لإيجاد طريق للعودة لقيادة الحزب، مستفيدا من الأزمة الداخلية للحزب التي يعاني منها عقب استقالات بالجملة في مختلف فروعه بالمملكة.

وأشارت مصادر من داخل الحزب إلى أن بن كيران يعيب على العثماني عدم تأييده له في عدد من المواقف والتصريحات التي أطلقها خصوصا منذ إعفائه من تشكيل الحكومة في العام 2016.

ويعتقد هؤلاء أن بن كيران الذي لم يكن يتوقع نجاح العثماني في مهمته بقيادة الحزب والحكومة والسيطرة على القرار الحزبي وقدرته على استقطاب عدد من القيادات التي كانت محسوبة عليه حين كان أمينا عاما للحزب، يسعى من خلال انتقاده له إلى تصويره كرئيس حكومة فاشل، وهو ما يفضح حجم ارتباكه بعد أن تبيّن أنه لم يعد فاعلا مؤثرا في الحزب والمشهد السياسي.

وأكدت بعض المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن العثماني يعي جيدا أساليب بن كيران وغايته الحقيقية من انتقاد قانون التعليم ثم انتقاله للهجوم على وزراء في التحالف الحكومي، مؤكدة أن العثماني حريص على إتمام ولايته الحكومية إلى غاية إجراء الانتخابات التشريعية. وقال العثماني إن الحزب “مبني على مبادئ ومرجعية واضحة”، و”سيبقى دائمًا وفيًا لمبادئه وتوجهاته”. وهذا هو أول رد من العثماني على انتقادات وجهت لحزبه (الإسلامي)، منذ أن وافقت لجنة في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) بالأغلبية، الثلاثاء الماضي، على مشروع قانون لإصلاح التعليم، يسمح أحد بنوده بتدريس بعض المواد باللغة الفرنسية.

وتابع “الذين يهاجمون الحزب لا يستطيعون أن يهاجموه في عمق مبادئه، وعندما تتعرض لهذا النوع من الحملات (فهو) دليل على أنك تحمل مصالح مشروعة”.

وفي سياق متصل هاجم بن كيران وزير الشباب والرياضة رشيد الطالبي العلمي بعد منعه “جمعية الرسالة”، المقربة من العدالة والتنمية، من مركز للتخييم في إحدى مدارس منطقة “واد لو” بضواحي تطوان لأسباب اعتبرها الوزير تخص سلامة الأطفال. كما رد على اتهامات صادرة من العلمي وهو القيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار، بتلقي العدالة والتنمية تمويلات خارجية، مطالبا إياه بـ”وضع طلب تحقيق من أجل فحص ميزانية الحزب”.

وأكد رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش ، مساندة حزبه لرئيس الحكومة. لافتا إلى أن للحزب الحق في إبداء رأيه في حال عدم رضاه عن قرار بعينه أو في حال وجود اختلافات على عكس ما يروج له بن كيران، وتابع “هذا لا يمنع أن نكون مساندين للحكومة كي تذهب بعيدا في التطبيق الفعلي لبرنامجها”.

بدوره أشار مصطفى بيتاس عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار، إلى ضرورة الالتفات للقضايا الكبرى التي تهم المواطن بدل الوقوع في فخ هذه التجاذبات التي لن تكون في صالح أي طرف.

مراقبون: هجوم بن كيران على الأغلبية الحاكمة يهدف إلى تشتيتها وإرباكها
مراقبون: هجوم بن كيران على الأغلبية الحاكمة يهدف إلى تشتيتها وإرباكها

ويقول المراقبون إن هجوم بن كيران على الأغلبية الحاكمة يهدف إلى تشتيتها وإرباكها خاصة بعد أن نجحت في تمرير قانون التعليم. ويشير المحلل السياسي، عمر الشرقاوي، إلى أنه بعدما فشل بن كيران في تفجير حزبه عبر قانون التعليم المثير للجدل، يحاول مرة أخرى تفجير الأغلبية بخطاب استفزازي وتوزيع الاتهامات.

وأرجع عمر الشرقاوي هذا السلوك إلى حالة اللاتوازن النفسي الذي يعاني منه بن كيران بسبب عزلته بين النخبة المتحكمة في حزب العدالة والتنمية التي نسجت علاقات مع دوائر القرار بعيدا عن وساطته، وعزلته عن محيطه السياسي.

وفي رد على انتقادات بن كيران قال جواد غسال، المستشار المكلف بالتواصل والإعلام في ديوان مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، وعضو الأمانة للعدالة والتنمية إن “كان حزب العدالة والتنمية متوقفا على عبدالإله بن كيران أو أي شخص لوحده فليسقط إذن”.

وأضاف غسال في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه “عندما كان بن كيران رئيسا للحكومة كانت جميع القيادات تفسح له المجال، وتخفض صوتها، حتى يظل قويا”، معتبرا أنها “كانت تناصره في قراراته، ومنها أن يجمد اسم عبدالعزيز أفتاتي من كل المهام، لأنه كان يشوش على مفاوضاته مع الأحزاب السياسية، أو أثناء تسيير الحكومة، أو في ملف الـ50 مليارا”.

واستقبل المشاركون في الملتقى الوطني الـ15 لشبيبة العدالة والتنمية، الأربعاء، بن كيران بالهتافات، ليستكمل هجومه هذه المرة على قيادات حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

وانتقد بن كيران تعيينات المناصب الحكومية مشيرا إلى أنه حذر العثماني من إدراج إدريس لشكر رئيس الاتحاد في الحكومة عبر “تهديده” بالتحرك في حال حصول الأخير على حقيبة وزارية. وكان إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس الكتلة النيابية للحزب قد استقال مؤخرا من منصبه على خلفية الجدل حول مشروع القانون، الذي أقرته اللجنة البرلمانية.

كما لام الأمين العام السابق للعدالة والتنمية، أعضاء حزبه المصوتين على الحبيب المالكي لرئاسة مجلس النواب، معتبرا أن حزبا حاز على عدد مقاعد قليلة في الانتخابات، لا يستحق هذا المنصب.

وفي تعليقه على هذا الموقف قال قيادي بالاتحاد الاشتراكي إن “تصريحات بن كيران الأخيرة تلزمه لوحده وأن الحزب ملتزم بالتحالف الحكومي”، مضيفا أن هذا الأخير “لم يعد له تأثير على قرارات الأغلبية التي تشكل الحكومة وقد فشل في توجيه نواب حزبه الذين صوتوا بأغلبية ساحقة على مشروع القانون الإطار للتربية والتعليم”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: