تباين البدائل يعطل الخروج من الانسداد السياسي في الجزائر

يسبّب تعدد التصورات السياسية المطروحة في الجزائر المزيد من الحرج لسلطة الأمر الواقع أمام الرأي العام، لاسيما وأنها لازالت تتلكأ في فتح الحوار الشامل الذي دعت إليه ولا تتفاعل مع الأفكار والطروحات المعروضة في المشهد المحلي.

ووضع تكتّل الميثاق السياسي للانتقال الديمقراطي الحقيقي، المشكل من عدة أحزاب سياسية وشخصيات مستقلة ذات توجهات علمانية راديكالية، شرط إطلاق سراح مساجين الرأي ورحيل جميع رموز النظام كأول مطلب مقابل الدخول في أي حوار سياسي مع السلطة.

وتعتبر أحزاب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة القوى الاشتراكية، وحزب العمال، أبرز القوى السياسية المكوّنة للتكتل الذي انطلق بمسمى “البديل الديمقراطي” قبل أن يستقر على الميثاق السياسي للانتقال الديمقراطي، بعد انتقادات سياسية وجهت إليه على خلفية التفرّد بخيار البديل.

وذكر البيان الذي توج الأحد أشغال التكتل في مقرّ حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن “التغيير والحوار لن يتما إلا إذا تم توقيف فوري لكل الأجهزة القمعية وتوظيف القضاء، مع فتح المجال السياسي والإعلامي” وهي مطالب تتقاسمها معظم الطروحات السياسية التي عرضت من أجل الخروج من المأزق الذي تتخبط فيه البلاد منذ بداية العام الجاري، رغم تباين التوجهات والخلفيات السياسية والأيديولوجية، حيث سبق لمنتدى عين البنيان وشخصيات اقترحت لتكوين لجنة الحوار من طرف تكتل التغيير المدني، أن رفعت نفس المطالب وشروط تهدئة أخرى قبل مباشرة أي حوار سياسي.

ويقصد بسجناء الرأي العشرات من الموقوفين من ناشطي الحراك الشعبي والمعارضين السياسيين، الذين أحيلوا على القضاء خلال الأسابيع الماضية، على خلفية توجهات سياسية كرفع راية الهوية الأمازيغية أو انتقاد قيادة المؤسسة العسكرية، كما هو الشأن بالنسبة إلى ضابط جيش التحرير الرائد لخضر بورقعة.

وفيما لا تمانع بعض أطراف المعارضة السياسية في التوصل إلى حلّ في إطار المقاربة الدستورية التي تصر عليها قيادة الجيش، فإنّ تكتل ميثاق الانتقال الديمقراطي، أكدت على ضرورة الدخول في مرحلة انتقالية بغرض “إنشاء مناخ سياسي مؤسساتي، ودونه فإن أي محاولة للقطيعة مع النظام ستكون فاشلة”.

وجدّد البيان دعوة التكتل جميع القوى السياسية والاجتماعية للانضمام إلى صفوفها من أجل ما أسمته بـ”الحفاظ على الأمل وتجسيد البديل الديمقراطي”. ومن جهة أخرى دعت حركة مجتمع السلم الإخوانية في اجتماع دورة مجلسها الشوري إلى “التمسك بوثيقة المنتدى الوطني للحوار التاريخية كخارطة طريق معقولة وواقعية، ودعوة المشاركين فيها والسلطة إلى متابعة مخرجاتها”.

Thumbnail

وبرزت خلافات عميقة بين التكتلين خلال الأسابيع الأخيرة، تحولت إلى سجالات سياسية بين رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، ورئيس حركة “حمس” عبدالرزاق مقري، خاصة في ما يتعلق بمسألة التباين في المواقف بين حلّ الأزمة في إطار الدستور أو في إطار مرحلة انتقالية.

واتهم بلعباس زعماء حزبيين وشخصيات مستقلة بالانصياع لتوجهات المؤسسة العسكرية، بسبب مخاوف لديها من مصير رئيسة حزب العمال لويزة حنون المسجونة منذ أكثر من شهرين على خلفية مشاركتها بمعية رموز نظام بوتفليقة في مخطط للإطاحة بقيادة الجيش، بحسب التهم الموجهة إليها من طرف القضاء العسكري.

وألمح رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في عدة تصريحات صحافية إلى أن انخراط بعض الزعماء السياسيين والشخصيات في مشاورات سياسية مع محيط بوتفليقة، قبل انطلاق الحراك الشعبي في فبراير الماضي جعلها تتوجس من تهم تطالها من طرف السلطة الحالية، ولذلك تذعن لتوجهات قيادة الجيش.

وكان رئيس حركة حمس قد أطلق خلال الثلاثي الأخير من العام الماضي مبادرة التوافق الوطني، وكشف عن إجرائه لاتصالات ومشاورات مع الرجل القوي في النظام السابق سعيد بوتفليقة وهو ما يعزز الفرضية التي يطرحها محسن بلعباس.

وأعلن الرئيس المؤقت الممدد له عبدالقادر بن صالح مؤخرا عن ترحيبه بالمبادرة التي أطلقها تكتل التغيير المدني، وبالشخصيات التي اقترحها من أجل إدارة الحوار المرتقب، وهو ما بعث شكوك عدة أطراف في وجود مناورة للسلطة من أجل الالتفاف على الحراك الشعبي عبر القوى الموالية لها، خاصة وأن الرجل الأول في المنتدى عبدالرحمن عرعار، هو نائب برلماني سابق عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي الموالي لنظام بوتفليقة والمؤيد لتوجهات سلطة الأمر الواقع الحالية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: