المغرب يقتحم رهان رقمنة الخدمات الإدارية

أكد مسؤولون ومحللون صعوبة التحديات، التي تواجه رهان الحكومة المغربية على رقمنة الخدمات الإدارية بشكل كامل، وأنها تحتاج لتسريع تأهيل الكوادر الملائمة وتطوير البنية التحتية التكنولوجية لتحقيق أهداف الجودة والسرعة وتعزيز الشفافية.

كشفت دراسة صادرة عن وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية في المغرب أن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود لمعالجة العقبات المتعلقة برقمنة الخدمات الإدارية.

وتظهر الدراسة أن 23 بالمئة من الخدمات فقط تمت رقمنتها، وهو ما يؤكد ضعف الجاهزية الإلكترونية لتقديم الخدمات الإدارية للمواطنين.

وأكد وزير الوظيفة العمومية محمد بن عبدالقادر أن عرض الخدمات الرقمية، الذي تطور بشكل كبير خلال العقد الماضي، لم يكن له تأثير إيجابي على جودة الخدمات المقدمة، خصوصا تلك التي تتطلب تعاملات ووثائق تنتجها إدارات أخرى.

وأشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تقييم الخدمات الإدارية على الإنترنت إلى أن التطور الإيجابي المسجل لا يعكس تطوره على أرض الواقع، خاصة الخدمات المتعلقة بتأسيس الشركات وتسجيل السيارات وجمع المعلومات الإحصائية رغم إدراجها ضمن أهداف برنامج الحكومة الإلكترونية.

ووقف المجلس على قصور في الوظائف المتوفرة لتقديم الخدمات العمومية عبر البوابات الإلكترونية المؤسساتية، من بينها النقص في الشفافية في تقديم الخدمات، وعدم نشر البيانات العمومية بطريقة تمكّن من إعادة استخدامها بسهولة.

ويقول خبراء المجلس إن المغرب لم يعرف أي تقدم ملموس في ما يخص الموارد البشرية، حيث بقي في أسفل الترتيب محتلا المركز 148 عالميا.

أما من حيث تطور البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات فتصنف البلاد في المركز 104، مما يشكل عائقا أمام استعمال واسع للخدمات الرقمية المقدمة من طرف المرافق العامة للدولة.

ويبدو أن محافظة الدولة على تصنيفها ضمن أسرع شبكات الإنترنت من الجيل الجديد على الصعيد الأفريقي وتطور البنية التحتية للاتصالات ومدى استغلالها لتقديم منتجات رقمية جيدة، فإنه لم يشفع لها بأن ترتقي بالخدمات الإدارية.

ووفق تصنيف مؤسسة أوبن سنيال البريطانية، احتل المغرب المركز الثاني أفريقيا خلال الربع الأول من هذا العام كأوسع التغطيات الشبكية للاتصالات عبر تقنية الجيل الرابع، والمركز الثالث على مستوى التصنيف الخاص بأسرع الشبكات في ما يخص تحميل الملفات عبر الإنترنت.

ويرى بن عبدالقادر أن الوقوف في وجه هذه المشاكل والتحديات أصبح أمرا ضروريا لرفع النضج الرقمي للخدمات الإدارية وتحسين أداء الإدارة.

محمد بن عبدالقادر: رقمنة الإدارة لم تحدث أثرا إيجابيا في جودة الخدمات المقدمة
محمد بن عبدالقادر: رقمنة الإدارة لم تحدث أثرا إيجابيا في جودة الخدمات المقدمة

وأشار إلى أن الوزارة ستعمل في هذا الاتجاه، وفي إطار التحولات والدعامات الأربع التي تعتمدها الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة 2018 – 2021، على وضع مخطط توجيهي للتحول الرقمي للخدمات الإدارية بالشراكة مع مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية.

ومن أجل تجاوز النواقص والاختلالات، أوصى المجلس الأعلى للحسابات باعتماد ونشر الاستراتيجية الرقمية الوطنية بشكل رسمي، والتركيز على الخدمات القريبة من اهتمامات ومتطلبات المتعاملين، والاعتماد على المقارنة المرتكزة على “أحداث الحياة” التي تعتمدها دول أوروبا.

ويُقصد بأحداث الحياة تلك التي تهم حياة المواطن وهي، فقدان العمل والبحث عنه والشروع في إعداد شكوى وحيازة وسياقة سيارة ومتابعة الدراسة في الجامعات وتأسيس شركة والقيام بأولى الإجراءات والقيام بالعمليات الاعتيادية للشركة.

ويقول اقتصاديون إن تحديث وتطوير أداء الإدارة المغربية والولوج إلى خدماتها بواسطة بالوسائل التكنولوجية وتسخير البنية التحتية لتكنولوجيات الاتصال، سيخدم المبادرات الحكومية والشركات للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

كما أنها ستعمل على الاستجابة لاحتياجات المواطنين وتخطي كل العوائق أمام رواد الأعمال، خصوصا في ما يتعلق بخدمات تغطي مختلف المجالات مثل التكوين والاتصالات والتسويق وحتى تطوير نماذج للأعمال.

وفي محاولة لتحقيق هدف التحول الرقمي تم إطلاق المنصة الإلكترونية “وراقي.ما” المتعلقة بالاستفادة المستدامة من الخدمات الإدارية عن بعد، لتحسين العلاقة بين الإدارة والمواطنين والمستثمرين.

وستقلص هذه المنصة التكلفة وطول الإجراءات، والتي بموجبها يمكن للمواطنين الاستفادة من الخدمات الإدارية عن بعد، من خلال استعمال التوقيعات الإلكترونية والمصادقة متعددة العوامل.

ويؤكد هشام العراقي الحسيني المدير الإقليمي لشركة مايكروسوفت الأميركية بالبلدان الناطقة باللغة الفرنسية في أفريقيا، أن هذه المنصة تعتبر حلا مبتكرا بالنسبة للمغرب.

وقال إن “فكرة إنشاء المنصة تهدف لجعل مسار عملية التصديق قانونية بالكامل، وتتم عن بعد، دون الحضور الشخصي، أو استعمال المستندات الورقية”.

وباعتبار أن تكنولوجيا المعلومات والاتّصال ركيزة أساسية لتحديث الإدارة، فقد سبق للوزير المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية أن أكد بأن الحكومة واعية بالأهمية التي يكتسيها التحول الرقمي في تطوير الإدارة العمومية المغربية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: