علاقات متينة بين المغرب والسعودية وإن اختلفت المواقف في الملفات الإقليمية

أكدت زيارة ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي بالمغرب، إلى الرياض واستقباله من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عمق العلاقة بين البلدين وأنها لا يمكن أن تتأثر بأي خلافات في وجهات النظر حيال أَي قضايا إقليمية.

وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) إن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالمغرب، سلم رسالة من العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى العاهل السعودي الذي استقبله، الأربعاء، في مكتبه بقصر اليمامة في الرياض.

ويرى محللون وخبراء في العلاقات الدولية أن حفاوة الاستقبال، وعلى مستوى عال، تحمل مغزى دبلوماسيا واضحا يعكس بالدرجة الأولى أهمية العلاقة مع المغرب بالنسبة إلى السعودية وتفهما سعوديا واضحا للسياسة المغربية، وهو ما تحرص عليه الرباط بالمثل، ما يقلل من تأثير بعض الاختلافات في وجهات النظر تجاه بعض القضايا الإقليمية في الفترة الماضية.

ويقول رضا الفلاح، أستاذ القانون الدولي، إن العلاقة المتينة بين الرياض والرباط قادرة على تجاوز تقلبات النظام الدولي وهشاشة تقاطعات التحالفات في منطقة الشرق الأوسط والمغرب الكبير.

وأضاف الفلاح في تصريح لـ”أخبارنا الجالية ”، أن العلاقات المغربية السعودية بالرغم من ثبات مرتكزاتها تبقى معرضة لاهتزازات شديدة خاصة في السياق الراهن الذي يعرف حدّة غير مسبوقة في منطق الصراع الإقليمي وتعقيدا في منطق التحالفات بين الدول.

وسبق لناصر بوريطة أن أكد، في مارس الماضي، أن العلاقات مع دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، هي علاقات تاريخية عميقة، وأن هناك رغبة دائمة لدى المغرب في الحفاظ عليها، لافتا إلى أنه “ربما قد لا نتفق على بعض القضايا، لأن السياسة الخارجية هي مسألة سيادة. وفي المملكة المغربية هي قائمة على مبادئ وعلى ثوابت”.

وقال بوريطة إن “التنسيق يجب أن يكون من طرف الجانبين، وليس حسب الطلب، ويجب أن يشمل جميع القضايا المهمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على غرار الأزمة الليبية”.

ويشير المحللون إلى أن العلاقات الدولية لا تقوم على تطابق المواقف، ولكن على تشابك المصالح، وأن كل دولة تبحث عن المواقف التي تلائم مصالحها، دون أن يلغي ذلك التنسيق والتشاور خاصة بين بلدين يتشابهان في بناء السياسة الخارجية على خطاب دبلوماسي هادئ يسعى إلى التجميع ويدير الخلافات بعيدا عن الأضواء.

ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي خلال اللقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان
ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي خلال اللقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان

واعتبر أمين صوصي العلوي، الباحث في العلوم السياسية في تصريح لـ”أخبارنا الجالية ”، أن زيارة بوريطة هي أفضل ردّ على الحملات التي قادتها بعض المنابر بهدف التشكيك في متانة العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن العمل الدبلوماسي لا تحركه الرغبة في الردّ على الشائعات، وأن هذه الزيارة متسقة تماما مع سير العلاقات الثنائية المغربية السعودية. لكن هذا لا يمنع أن تتضمن رسائل طمأنة وتأكيد للردّ على التشويش الإعلامي الذي تعرضت له خلال الفترة الأخيرة.

وتأتي الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المغربي إلى السعودية في خضم التطورات التي تعيشها المنطقة، خصوصا ملف القدس وقضية الوحدة الترابية للمغرب، إلى جانب الأزمة الليبية التي أخذت نصيبا أكبر من المباحثات بين الجانبين لما لها من تأثيرات على أمن واستقرار المنطقة ومصالح البلدين المشتركة.

وأكدت مصادر سياسية مغربية أن الرباط أوضحت وجهة نظرها المبنية على الحل السياسي واتفاق الصخيرات للتعاطي مع المشكلة الليبية.

ومن المتوقع أن تعددّ أقطاب القوة دوليا وإقليميا والتغير في بنية الفاعلين سيدفعان السعودية والمغرب إلى إعادة هيكلة الإطار العام لمصالحهما المتبادلة ورسم حدود جديدة لتفاعلهما مع القضايا الإقليمية والدولية دون التخلي عن المواقف الاستراتيجية التي تشكل دعامة التحالف الذي يجمعهما.

ويعتقد رضا الفلاح أن المرحلة المقبلة ستتميز، وعلى أعلى مستوى، بتوجه يقوم على ضبط توازن جديد في العلاقات الثنائية بما يكفل الحفاظ على الأسس المتينة والأهداف الاستراتيجية التي تؤطر التحالف المغربي السعودي.

وكانت العلاقات بين البلدين على مدى العقود الماضية تتسم بالتوافق التام في المواقف بشأن الكثير من الأزمات الدولية، سواء على الصعيدين العربي أو الدولي، والاختلاف الحاصل حول بعض القضايا دفع المغرب إلى طلب المزيد من التفسيرات وتوضيح بعض المواقف، وهو ما جعل المحلل السياسي المغربي هشام معتضد، يعتبر أن الدولة المغربية عبَّرت عن التشبث بمبادئ الحوار وتبادل الآراء حول العديد من قضايا التعاون الثنائي الاستراتيجي مع المملكة السعودية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: