الحزب الحاكم يطعن في خارطة طريق بوتفليقة

مني معسكر السلطة بتصدع جديد بعدما صرح الأحد الناطق الرسمي لحزب جبهة التحرير الوطني حسين خلدون بأن “الندوة الوطنية التي يعكف الأخضر الإبراهيمي على عقدها لم يعد لها جدوى” وأن “الأولوية الآن للجنة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات، وتنظيم انتخابات رئاسية قبل الدخول في فراغ دستوري”.

ويعتبر انشقاق الحزب الحاكم، عن خيار الندوة الوطنية، أحد مؤشرات فشل خارطة الطريق التي طرحتها السلطة، لاسيما في ظل تصاعد خطاب داخل الحزب، يدعو إلى سحب جبهة التحرير الوطني من السلطة، والإعلان عن إعفاء عبدالعزيز بوتفليقة من رئاسة الحزب.

وأعلنت مجموعة الأحزاب السياسية والشخصيات المستقلة، التي دأبت على تنظيم لقاءات تشاورية بينها منذ اندلاع الحراك الشعبي في الجزائر، عن دخولها في تكتل “قُوى التغيير من أجل نصرة الشعب”، وقدمت خارطة سياسية جديدة، تنضاف إلى عدد من المبادرات المطروحة في المشهد السياسي الجزائري.

واقترح التكتل الجديد، خارطة طريق جديدة، أبرز ما جاء فيها نقل سلطات وصلاحيات الرئيس المنتهية ولايته عبدالعزيز بوتفليقة، إلى هيئة رئاسية، تتشكل من عدة شخصيات تتميز بـ”النزاهة والكفاءة والمصداقية”، تتبنى مطالب الحراك الشعبي، ولا يملك أي عضو فيها طموحات للترشح أو الترشيح للاستحقاقات الانتخابية.

وحصر التكتل مهام الهيئة الرئاسية في تسمية حكومة كفاءات وطنية لتصريف الأعمال، وإنشاء هيئة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات، وتعديل قانون الانتخابات بما يضمن شفافية ونزاهة المواعيد الانتخابية المقبلة.

ودعا الموقعون على بيان قوى التغيير، المؤسسة العسكرية إلى التزام الحياد في التجاذبات الحزبية والسياسية، ومساعدة الشعب الجزائري على تجاوز المرحلة الانتقالية وحمايتها، في ظل احترام الإرادة الشعبية وما تفرزه صناديق الاقتراع.

وأكد هؤلاء، على استمرارهم في دعم الحراك الشعبي وتثمين مطالبه السياسية، وحذروا الشارع الجزائري من “مناورات الاختراق والالتفاف، التي تقوم بها السلطة من أجل ربح الوقت والعمل على اكتساب ورقة النفس الطويل”، في إشارة إلى الحملة الدبلوماسية التي يقوم بها رمطان لعمامرة، لدى بعض العواصم الغربية، لإقناعها بدعم نظام بوتفليقة، واتهام الإسلاميين بالوقوف وراء الحراك الشعبي.

وتلتزم السلطات الجزائرية إلى غاية الآن، الصمت تجاه العروض السياسية التي اقترحتها عدة تكتلات سياسية ومستقلة، وتتمسك بخارطة الرئيس بوتفليقة، التي أطلقها في الـ11 من مارس الجاري، بالاستمرار في السلطة ولو بشكل يتنافى مع دستور البلاد.

وتداولت العديد من المواقع الإخبارية في الجزائر بشأن “استحواذ قوى الإسلام السياسي على السلطة في البلاد، في حال سقوط نظام الرئيس بوتفليقة”.

Thumbnail

واستقبلت الساحة السياسية المحلية، العديد من المقاربات السياسية التي تقدم بها ناشطون وخبراء قانونيون كما هو الشأن بالنسبة لمبادرة التنسيقية الوطنية من أجل التغيير في الجزائر، ومبادرة الخبير القانوني عبدالمجيد زعلاني، فضلا عن المبادرة المذكورة.

ويرى محللون سياسيون، أن حالة الاستقطاب في البلاد تسير نحو المزيد من التأزم في ظل المسافات المتباعدة بين السلطة والحراك الشعبي، وبداية العد التنازلي للوضع غير الدستوري، حيث تنتهي عهدة بوتفليقة في الـ28 من شهر أبريل المقبل.

وفي ظل بوادر العصيان المدني التي لاحت في الأفق من خلال الدعوات المتصاعدة على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى إضراب شامل يشل جميع القطاعات الحكومية، وامتناع مواطنين في عدد من المحافظات كبجاية والبويرة وباتنة، عن دفع مستحقات الكهرباء والغاز، تجد الحكومة نفسها في وضع أكثر عزلة وتضييقا عن إدارة شؤون البلاد بسلاسة.

وأظهرت تسجيلات متداولة العديد من مواطني مدينة باتنة في شرق البلاد، بصدد إرجاع فواتير الكهرباء إلى إدارة الشركة.

وفي خطوة تدعم الاحتجاجات الشعبية، ينظم اليوم موظفو وعمال البلديات إضرابا عن العمل، للتعبير عن دعمهم للحراك الشعبي، والالتحاق بمختلف القطاعات التي بادرت بتبني المطالب السياسية للشارع، ورفض الخيارات المطروحة من طرف السلطة، لاسيما خارطة الطريق المقدمة من طرف الرئيس بوتفليقة.

وباتت القيادة الحقيقية للحراك الشعبي والفاعلين من خلال توجيه رسائلها ومطالبها السياسية المتجهة نحو المزيد من الراديكالية، مصدر قلق حقيقي للسلطات الجزائرية وللقوى الإقليمية والدولية المتابعة لتطورات الحراك، وحتى الطبقة السياسية لم تجرؤ على تجاوزه، حيث اختار تكتل قوى التغيير الاصطفاف خلفه، تفاديا لأي اصطدام معه، يدفعه إلى مصير بعض الوجوه السياسية والشخصيات التي طوردت من قبل المحتجين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: