مفاوضات جنيف2 بشأن الصحراء المغربية تنتهي دون إحراز تقدم

أقر المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية هورست كولر بصعوبة التوصل إلى حل سياسي في المرحلة الحالية، مشددا على أن “الفترة المقبلة تتطلب أن نمر إلى طرح الأسئلة الموضوعية”.

ولفت كولر خلال مؤتمر صحافي في ختام الجولة الثانية من مفاوضات جنيف، إلى ضرورة شروع أطراف النزاع بالدخول في خطوات جريئة من أجل بناء الثقة، واعتبر ذلك عنصرا ضروريا لإحراز تقدم في الملف، موردا أن “سكان الصحراء يستحقون أن ينتهي هذا النزاع″.

وأعلن المبعوث الأممي عن موافقة جميع الأطراف المشاركة في الاجتماع على عقد جولة ثالثة من المحادثات بحضور نفس الأطراف وهي المغرب والجزائر والبوليساريو وموريتانيا، في خطوة تهدف إلى البحث في عناصر التقارب بين أطراف النزاع.

وقال الموفد الأممي إن لقاء جنيف2 مر في “جو من الصراحة والاحترام المتبادل” بين جميع المشاركين في اللقاءات، مشيرا إلى ترحيب الوفود بالزخم الجديد الذي نتج عن المائدة المستديرة الأولى في ديسمبر من العام الماضي.

وأكدت الوفود المشاركة أن المنطقة المغاربية ستستفيد استفادة كاملة من أرباح التسوية لنزاع الصحراء المغربية، وهي النقطة التي كانت محطة توافق بين المتدخلين.

وقالت مصادر مطلعة  إن المفاوضات لم تنجح في إحراز أي تقدم يذكر، مشددة على تشبث جبهة البوليساريو بخيار الانفصال عن المغرب بناء على مبدأ تقرير المصير، وهو ما جعل هورست كولر يلتقي بوفدها لإقناعه بإحداث تغيير على هذا الحل غير الواقعي والذي يعرقل مهمته في إيجاد نقاط التقاء بين الطرفين.

في المقابل شدد المصدر على أن المغرب ارتكز في مناقشاته على ما حققه على الصعيد التنموي في الأقاليم الجنوبية وتشبث سكانه بالسيادة المغربية واستعداده للمضي قدما في التفاهم على نقاط الاختلاف حول الحل السياسي لكن دون التنازل عن المقترح الذي قدمه منذ 12 سنة ممثلا في الحل الذاتي الموسع.

ولفتت المصادر إلى أن ضغوطات كثيرة مارسها المبعوث الأممي لتعديل المغرب لمقترحه، مضيفة أن الوفد المغربي مخول له فقط مناقشة المبادرات التي تقدمت بها الأطراف دون البت فيها.

وارتكز الوفد المغربي في مناقشاته على مقتضيات القرارين رقم 2414 و2440 الصادرين في شهري أبريل وأكتوبر 2018 عن مجلس الأمن الدولي، بتأكيد البحث عن حل سياسي واقعي عملي ومستدام ومتفق عليه من الطرفين يفضي إلى تقرير مصير المنطقة.

وحرص هورست كولر، على أن يكون الاجتماع فرصة للوفود من أجل التطرق إلى الرهانات الإقليمية وبحث إجراءات زرع الثقة.

وقال صبري الحو، الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء في تصريح  له ، إن المائدة المستديرة التي جمعت البوليساريو والمغرب بتركيبة من ممثلي سكان الصحراء المؤيدين للوحدة الترابية، تضع الجبهة الانفصالية في مكانها وحجمها، وتحرجها في ادعاء احتكار تمثيلية كل سكان الصحراء.

وتعمل الجزائر جاهدة على الدفاع عن أحقية البوليساريو في تأسيس دولة داخل الصحراء المغربية تمكنها من السيطرة على منفذ مائي نحو المحيط الأطلسي، وأكدت المصادر  أن الجزائر والبوليساريو تريدان تمرير مقترح تقرير المصير دون المرور عبر آلية الاستفتاء، وباعتراف أفريقي وأممي بعنصر الأرض والسكان لإنشاء دولة جنوب المغرب.

وأضافت أن الجزائر دفعت من خلال وزير خارجيتها رمطان العمامرة في جنيف إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه بتأييد مطالب الانفصال بحق تقرير المصير ودون طرح آليات جديدة لتجاوز فشل المفاوضات السابقة. وتضغط الجزائر من داخل عواصم أخرى لإقحام الاتحاد الأفريقي في النزاع وهو ما رفضه المغرب واعتبره نسفا لجهود الأمم المتحدة.

ويلتزم المغرب بالحل السياسي المبني على التوافق انطلاقا من قرارات مجلس الأمن دون الارتهان لقراءة البوليساريو التي تتشدد فيها على رؤية غير واقعية لمبدأ تقرير المصير.

وتعتمد البوليساريو والجزائر على جنوب أفريقيا، لمساندة خطط الانفصال التي أصبحت أكثر هشاشة بعودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي والدعم الأوروبي والأميركي لسيادة المغرب على أرضه.

واستغل الوفد المغربي بجنيف الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول الثروات البحرية والفلاحية، كورقة سياسية لتثبيت موقفه القانوني في المباحثات واعتباره أرضية للانطلاق في مفاوضات مستقبلية حول الحل النهائي وهو ما لم تقبله البوليساريو.

وأسرت مصادر لـ”العرب” بأن الأمم المتحدة تدفع من خلال كولر إلى إحياء خطة المبعوث السابق جيمس بيكر الثانية للتسوية التي تنص على إجراء استفتاء بعد أربع سنوات ونصف السنة كحد أدنى وخمس سنوات كحد أقصى.

وتستند الخطة على ثلاثة خيارات هي الاستقلال والانضمام إلى المغرب وهما مسألتان كانتا قد أدرجتا في خطة سابقة، وخيار ثالث هو استقلال ذاتي ضمن المغرب. وقد سبق للمغرب أن رفض الخطة التي قدمها جيمس بيكر عندما كان مبعوثا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في العام 2003.

ويتوقع صبري الحو أن تصطدم خطة بيكر من جديد بنفس المشاكل والعراقيل التي صادفتها منذ سنوات بعجز الأمم المتحدة في إيجاد توافق حول القاعدة والجسم الانتخابي كأساس لصحة نتائج أي استفتاء شعبي، مضيفا أن إمكانية العودة إلى الخطة يستدعي السيطرة أولا على مخاوف الأطراف وعلى الأسباب التي جعلتهم يرفضونها سابقا.

ويدافع المغرب عن سيادته وحدوده ضد أي تحركات للانفصاليين بمقربة من الجدار العازل وكان قد استبق أي مناورة محتملة من طرف البوليساريو على الحدود برفع التأهب العسكري إلى الحالات القصوى في كل قطاعاتها خصوصا مع الانشقاقات التي ظهرت في الآونة الأخيرة في صفوف ميلشيات البوليساريو.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: