شبح الفشل يخيم على مفاوضات جنيف 2 بشأن الصحراء المغربية

عاد أطراف النزاع على الصحراء المغربية من جديد إلى جنيف حيث تعقد جولة ثانية من المحادثات يومي الخميس والجمعة، برعاية المبعوث الأممي هورست كولر وسط آمال ضعيفة بإحراز تقدم.

جنيف – بدأت أطراف النزاع حول الصحراء المغربية الخميس والجمعة، اجتماعات جديدة بمدينة جنيف السويسرية بعدما أفضت اجتماعات سابقة في موفى عام 2018 إلى توافق بعقد لقاءات أخرى في مطلع العام الجاري.

ويخيم شبح الفشل على مفاوضات جنيف 2 نظرا إلى غياب مؤشرات على استعداد أي طرف لتقديم تنازلات وعدم حصول أي مستجدات أو تطورات سياسية أو عسكرية من شأنها الضغط على أحد الأطراف.

وأكد المغرب في بيان صادر عن وزارة الخارجية أن الهدف من اللقاءات الجديدة التوصل إلى حل واقعي يقوم على التوافق.

وتأتي المحادثات الجديدة قبل عقد أربع جلسات سابقة بمجلس الأمن وعقب دعوة المبعوث الأممي الخاص بالصحراء المغربية الألماني هورست كولر في نهاية شتنبر 2018 الأطراف المعنية بالنزاع إلى اجتماع “طاولة مستديرة” في جنيف، لبحث قضية الصحراء.

وعقد الاجتماع المذكور، في ديسمبر الماضي، بمشاركة كل من المغرب و“البوليساريو” (طرفا النزاع)، والجزائر وموريتانيا (دولتان مراقبتان). وأفضت المباحثات، التي دامت يومين في مكتب الأمم المتحدة، إلى اتفاق على عقد اجتماع في الربع الأول من 2019.

وبدأ النزاع حول الصحراء المغربية في 1975 وتحديدا عقب إنهاء الاحتلال الإسباني بالمنطقة، ليتحول في ما بعد إلى مواجهة مسلحة بين المغرب والبوليساريو توقفت عام 1991، إثر توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار كان برعاية الأمم المتحدة.

اختيار التعاون المشترك بين المغرب والجزائر، بدل التنازع والتجزئة، هو أحد مفاتيح إنهاء النزاع المفتعل

وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح كحل حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، بينما تطالب جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، بتنظيم استفتاء تقرير مصير في الصحراء، هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة التي تبلغ مساحتها 266 ألف كلم مربع، وهي المنطقة الوحيدة في أفريقيا التي لم تتم تسوية وضعها بعد فترة الاستعمار.

وينعقد الاجتماع الجديد قبل أيام من بدء مناقشة قضية الصحراء المغربية في مجلس الأمن الدولي؛ حيث يتضمن برنامجه لشهر أبريل المقبل، أربع جلسات خاصة بنزاع الصحراء.

وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب والبوليساريو إلى 2008، ولم يحدث تطور يُذكر منذ ذلك التاريخ.

ورجح سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “العين” للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي ، “عدم حصول أي تقدم في اتجاه حلحلة الوضع في الصحراء، خاصة في ظل غياب أي تغيير في المحددات الرئيسية للنزاع”.

وأضاف الأكاديمي المغربي أنه “لا يمكن توقع أي نجاح لهذه الجولة؛ فهي ليست مفاوضات حقيقية، فضلا عن عدم استعداد أطراف النزاع لتقديم تنازلات من شأنها تعبيد الطريق لمفاوضات حقيقية”.

ورأى أن هذه “الجولة كسابقاتها، وكالتي ستليها، لا يُنتظر منها شيء، وأحسن ما يمكن أن يتمخض عنها هو التعبير عن حسن النوايا، والاستعداد لإيجاد حل سلمي للنزاع، دون أي تأثير في أرض الواقع”.

واعتبر أن “حصول تغيير في موقف الجزائر هو وحده الكفيل بإحداث تغيير في مسار النزاع”.

وشدد الصديقي على أن “حل النزاع حول الصحراء المغربية يتوقف بشكل أساسي على موقف الجزائر ومدى استعدادها للدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب، باعتبارها طرفا في النزاع، وليست مراقبا”.

ودعا المغرب، بشكل متكرر خلال الأشهر الأخيرة، إلى “انخراط فعلي للجزائر في أي حل لنزاع الصحراء”. لكن الجزائر تشدد على أن النزاع بين المغرب والبوليساريو، وأنها فقط طرف مراقب، وتدعم قرارات الأمم المتحدة، التي أعلنت في 1964 الصحراء “إقليما غير مستقل له الحق في تقرير مصيره”.

وكان العاهل المغربي، الملك محمد السادس، قد دعا في 6 نونبر الماضي الجزائر إلى إنشاء لجنة مشتركة لبحث الملفات الخلافية العالقة، بما فيها الحدود المغلقة.

Thumbnail

وبينما لم يصدر رد مباشر من الجزائر على دعوة العاهل المغربي، دعت الخارجية الجزائرية، في الـ22 من الشهر ذاته، إلى عقد اجتماع لوزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي، في “أقرب وقت”، لبحث إعادة بعث التكتل الإقليمي؛ فيما بدا وكأنه رد غير مباشر على الدعوة المغربية.

وتأتي هذه المحادثات الجديدة -على عكس سابقاتها- في وقت تعيش فيه الجزائر توترا جراء الاحتجاجات الشعبية العارمة المنادية بتغيير النظام، وهو ما يجعل دبلوماسيتها منشغلة بالأزمة الداخلية أكثر من بقية الملفات الأخرى.

ويجري وزير الخارجية رمطان العمامرة جولة خارجية من أجل حشد الدعم الدولي لخارطة الطريق التي تقدمها السلطة لإنهاء الاحتجاجات. وتطرح تلك التطورات العديد من الأسئلة حول إمكانية تغيير الجزائر لموقفها بشأن النزاع حول الصحراء المغربية.

ويقول سلمان بونعمان -باحث مغربي في العلاقات الدولية- إن “الحل في حوار مغربي جزائري مباشر ومسؤول في سياق بناء تكتل مغاربي قوي، وتجاوز الإرث التنازعي والصراعي الذي غطى المرحلة التاريخية السابقة بعد استقلال الدول في شمال أفريقيا”.واعتبر أن الحراك الحالي في الجزائر ربما يسفر لاحقا عن تغير في الموقف الجزائري.

وسبق أن صرحت الخارجية الجزائرية، على لسان القائمين عليها، أكثر من مرة بأن الجزائر “ليست معنية بهذا النزاع وبأنه ليست لها أية أطماع” في إقليم الصحراء، مؤكدة أن القضية “يجب أن تُحل على مستوى الأمم المتحدة”.

وأردف بونعمان قائلا إن “اختيار التكامل والتعاون بين البلدين (المغرب والجزائر)، بدل التنازع والتجزئة، هو أحد مفاتيح إنهاء النزاع، خاصة أن المشتركات القائمة أقوى من الخلافات السياسية والإقليمية في المنطقة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: