روسيا تدخل سباق التنافس الدولي على أفريقيا من بوابة المغرب العربي

لا يبدو أن روسيا قد اكتفت بالعودة القوية إلى الشرق الأوسط من بوابة الملف السوري، وأن نفوذها المتصاعد سيتجه إلى أفريقيا التي يتوقع أن تكون محورا رئيسيا للتنافس الدولي، وهو ما يظهر بصفة جلية من خلال تعدد المتدخلين في الملف الليبي والصراع الذي خرج إلى العلن فيها بين فرنسا وإيطاليا، فضلا عن التنافس غير المعلن مع الولايات المتحدة.

وتحمل زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى المغرب و  الجزائر وتونس مؤشرا على أن موسكو ستبدأ معركة التنافس مع القوى الغربية متسلحة بنجاحاتها في سوريا وامتلاكها مختلف مفاتيح الحل هناك، ما مكنها من نيل ثقة دول المنطقة بما في ذلك الدول المحسوبة تقليدا على الولايات المتحدة.

وستستفيد روسيا من حماس دول في شمال أفريقيا لبناء شراكات اقتصادية وتجارية مع موسكو كرد فعل على ارتباك استراتيجية واشنطن تجاه المنطقة في ضوء حالة التردد التي تعيشها السياسة الخارجية الأميركية تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب تجاه مختلف القضايا الدولية، وخاصة في أفريقيا.

وقالت أوساط مغربية مطّلعة إن زيارة لافروف إلى الرباط لها وجهان، الأول إعطاء دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين على اعتبار المغرب على رأس قائمة الشركاء الأفارقة لروسيا، والثاني انتظار موقف إيجابي لروسيا في ملف الصحراء المغربية خاصة أن زيارته للجزائر كونت لديه رؤية واضحة حول ما أسفرت عنه مباحثات المائدة المستديرة بجنيف.

وأشارت إلى أن دور المغرب في إنجاح اتفاق الصخيرات بشأن ليبيا سيكون عنصرا مهما بالنسبة إلى روسيا التي بعثت بوزير خارجيتها لمعرفة رؤى دول المنطقة لكيفية حل دائم في ليبيا، في وقت فشلت فيه المقاربات المدعومة من الغرب في التوصل إلى نتائج ذات بال بسبب الأجندات الخفية الساعية إلى فرض واقع يحقق مصالح الدول المعنية بقطع النظر عن مصالح الليبيين.

وتدعم موسكو خيار التسوية الإقليمية للحل في ليبيا، وهي تسوية تقوم على مبادرة ثلاثية بين تونس ومصر والجزائر، لكن تم القفز عليها لفائدة مبادرات فرنسية وإيطالية لم تحقق وفاقا ليبيا حولها.

وتقول روسيا إن أي حل في ليبيا لا بد أن يجمع مختلف الفرقاء بما في ذلك أنصار العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. كما تدعم دورا مستقبليا لنجله سيف الإسلام القذافي.

وكان الناطق باسم الجيش الليبي العميد أحمد المسماري قد دعا موسكو إلى القيام بمبادرة لإنقاذ الحل السياسي في ليبيا المتعثر حاليا.

وقال المسماري في تصريحات سابقة لوكالة سبوتنيك الروسية إن “رأي الجانب الروسي، مثلما صرح لافروف، يقوم على أساس أن الحل يجب أن يكون حلا سياسيا باتفاق كل الليبيين وبإجماع كل الليبيين على حل ليبي داخلي”.

وفي تونس، التي يزورها اليوم، ينتظر أن يحرص وزير الخارجية الروسي على إظهار دعم بلاده للانتقال السياسي في البلاد مع فتح الباب أمام اتفاقيات ولو محدودة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.

ويقول مراقبون إن روسيا تحظى بفرص واعدة لتعميق دورها كمنافس اقتصادي في شمال أفريقيا، فضلا عن دور سياسي في حل أزمات المنطقة يستفيد من تراجع الثقة في واشنطن خاصة بسبب عدم دعمها للانتقال الديمقراطي في تونس، والمواقف المتناقضة لها بشأن مسألة الصحراء المغربية، وعدم حماسها لإنهاء الصراع في ليبيا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: