الأموال الأوروبية لا تكفي المغرب للحدّ من الهجرة

المفوضية الأوروبية وإسبانيا تؤكدان أن التعاون في مجال الهجرة يشمل منح مساعدات بقيمة 55 مليون يورو لتمويل برامج تدبير الحدود في المغرب وتونس، لكن الرباط تحتاج حوالي 60 مليون يورو لتعزيز رقابتها على الحدود.

المغرب أصبح بلد استقبال بعد أن كان بلد عبور

أكدت إسبانيا والمفوضية الأوروبية على “أهمية دعم وتعزيز الشراكة مع المغرب حول قضايا الهجرة. وشدد الطرفان، في بيان مشترك صدر في مدريد، الجمعة،على أن هذا التعاون يشمل الإفراج الفوري عن مبلغ مالي يقدر بـ55 مليون يورو، من أجل تمويل برامج تدبير الحدود في المغرب وتونس الذي اعتمده صندوق الطوارئ التابع للاتحاد الأوروبي والموجّه إلى أفريقيا.

كما عبر جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية، في رسالة بعث بها إلى رئيس الحكومة الإسبانية، عن دعمه لإسبانيا في ملف الهجرة بتخصيص دعم مالي لمساعدتها على استيعاب العدد المتزايد للمهاجرين غير الشرعيين على السواحل الإسبانية.

ويطالب المغرب بدعم مالي ولوجيستي من الاتحاد الأوروبي ليتمكن من مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي باتت مصدر قلق لبلدان ضفتي البحر المتوسط. ويؤكد المغرب أن قيمة الدعم الذي يحصل عليه حاليا ليس كافيا في مواجهة تنامي أعداد الأفارقة الراغبين في الوصول إلى أوروبا.

ووجه المغرب قائمة بالتجهيزات التي يحتاجها لدعم جهود التصديح للهجرة غير الشرعية. وتشمل القائمة تجهيزات وآلات مراقبة ورادارات ومروحيات تساعده على مراقبة دقيقة لحدوده، حيث تبلغ قيمتها حوالي 60 مليون يورو. وتحظى الرباط بمساندة إسبانيا في أهمية الدعم المالي واللوجيستي للتصدي للهجرة غير النظامية.

وتستنكر الرباط ضعف الدعم المالي الذي تحصل عليه من الأوروبيين. وشدد الناطق باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي، خلال مؤتمر صحافي، الخميس، على أن الدعم المالي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي للرباط لمحاربة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا لا يرقى إلى حجم “المجهود المبذول” من طرف المغرب وحجم “التضحيات” التي يقوم بها. وقال الخلفي إن “المغرب يبذل مجهودا استثنائيا في مجال محاربة الهجرة السرية (غير النظامية) والاتجار في البشر”.

وأشار إلى أن عدد محاولات الهجرة السرية إلى أوروبا التي أحبطها المغرب، خلال 2017، وصل إلى 65 ألف محاولة بعدما كانت في حدود 32 ألفا في 2016.

وفي وقت سابق، قال رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود جونكر في بروكسل إنه مستعد لرفع قيمة المساعدات التي يقدمها الاتحاد لإسبانيا والمغرب، لمواجهة الهجرة السرية لكن الاحتياجات التي عبر عنها المغرب تفوق الموارد التي يخصصها الاتحاد لهذا الملف.

ويقول صبري الحو الخبير في القانون الدولي والهجرة،إن قرار المفوضية الأوروبية بصرف المساعدات للمغرب وتونس يظهر أن أوروبا لا زالت بعيدة لتعامل دول شمال المتوسط بنفس قدر المعاملة التي تعامل به تركيا”. وأشار إلى أن تركيا فرضت في إطار المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي مبلغا يقارب خمسة مليارات دولار.

وتواجه الرباط وضعا جديدا بخصوص الهجرة بسبب عدد المهاجرين الوافدين على البلاد، وفق كريمة بنعيش سفيرة المغرب لدى مدريد، التي أكدت أن المغرب لم يعد “بلد معبر” بل أصبح “بلد استقبال” للمهاجرين بعد تسوية وضعية 52 ألف مهاجر من 113 جنسية.

ولفت الحو إلى أن شدة ضغط الهجرة إلى أوروبا من المغرب وما يبذله الأخير من جهود لمحاربة هذه الظاهرة ووضع التشريعات المناسبة لذلك “جعل المغرب شرطيا يسهر على الأمن القومي لأوروبا دون مقابل”.

وحسب منظمة الهجرة الدولية وصل إلى السواحل الإسبانية، خلال السنة الجارية، حوالي 23 ألف لاجئ بحرا، في حين لقي 307 مهاجرين مصرعهم أثناء محاولة الهجرة.

واشترطت المفوضية الأوروبية صرف الدعم المادي للمغرب بتحقيق الحدّ من تدفق المهاجرين عبر الحدود المغربية في اتجاه إسبانيا وبقية بلدان الاتحاد الأوروبي. وأشار الخلفي إلى أن أي تعاون بين دول غرب المتوسط سيعود بالنفع على الجميع، موضحا أن التعاون مع الاتحاد الأوروبي لا بديل عنه لكن في إطار المسؤولية المشتركة، “لأن تحديات الهجرة مسؤولية جماعية”.

وأكد الخلفي أن المغرب يقدم تضحيات جسيمة في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية وبإمكانياته الخاصة، لكن حجم دعم الاتحاد الأوروبي لا يرقى لحجم هذه الجهود المبذولة. كما أشار إلى أن الرباط اعتمدت مقاربة شمولية في تعاطيها مع قضايا الهجرة، مشددا على أهمية العمل الميداني من أجل مواجهة تحديات الهجرة السرية والاتجار في البشر.

والشهر الماضي، أعلنت السلطات المغربية الإطاحة بشبكة تنشط في مجال تزوير وثائق الهجرة إلى أوروبا. وأكد المكتب المركزي للأبحاث القضائية المغربي اعتقال 14 شخصا ينشطون في مدن مغربية عدة وبينهم من “يمتهنون تزوير المستندات والوثائق الإدارية الرسمية” و”وسطاء” في عمليات هجرة سرية.

وأشار المكتب إلى ضبط أختام لسفارات أجنبية وأخرى للمملكة المغربية وجوازات سفر سليمة الشكل مغربية وأجنبية، بالإضافة إلى طوابع مزورة وأوراق إقامة في دول أجنبية ومعدات وآلات تستعمل في التزوير.

وأضاف أن تفكيك هذه العصابة جاء إثر إيقاف شخصين كانا يسعيان للهجرة في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، وكانا يحملان أوراق إقامة مزيفة بدولة أجنبية، وكانا على أهبة السفر إلى دولة أوروبية.

وتعد الحدود الشمالية للمغرب من الممرات التي يسلكها المهاجرون غير النظاميين منذ سنوات للعبور نحو أوروبا، سواء منهم القادمون من دول أفريقيا جنوب الصحراء أو المغاربة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: