رئيس المجلس الأعلى للحسابات في المغرب يُسَّجل تنامي الديْن العمومي وعجز نظام المعاشات ومحدودية أثر الاستثمار على التنمية

Aug 01, 2018

 

أفاد مسؤول مغربي رفيع أن المحاكم المالية في المغرب أنجزت 160 مهمة رقابية في مجال مراقبة التسيير، كما أصدرت ما مجموعه 2677 قرارًا وحكمًا في ميدان البت في الحسابات المقدمة من طرف المحاسبين العموميين، و215 قرارًا وحكمًا في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
جاء ذلك خلال استقبال العاهل المغربي محمد السادس، الأحد المنصرم في مدينة الحسيمة، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، الذي قدم التقرير السنوي المتعلق بأنشطة المحاكم المالية برسم سنتي 2016 و2017، وذلك طبقًا لمقتضيات الدستور المغربي.
وبعد أن ذكر جطو بأن دستور المملكة قد أوكل للمجلس الأعلى للحسابات مهمة ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قانون المالية، أبرز أن المجلس شرع في إنجاز مهمة رقابية سنوية حول النتائج الإجمالية لتنفيذ الميزانية، حيث أنجز لأول مرة تلك المتعلقة بسنة 2016 وينكب حاليًا على إنهاء تلك المتعلقة بميزانية 2017.
وسجل أهمية الاعتمادات المالية التي تخصصها الدولة للاستثمار عمومًا، ولتمويل الاستراتيجيات القطاعية على الخصوص، ولاحظ بالمقابل محدودية أثر هذا المجهود على التنمية بصفة عامة، وإحداث فرص العمل بصفة خاصة، حيث أوصى بهذا الخصوص بتبني النجاعة والمردودية في اختيار البرامج واستهداف تنمية مستدامة ومتوازنة تستفيد منها كافة الشرائح الاجتماعية ومختلف مجالات الأراضي المغربية.
وأضاف أنه بتعليمات من العاهل المغربي، قام المجلس بإنجاز مهمة تقييمية لعمل المراكز الجهوية للاستثمار، أسفرت عن تسجيل ملاحظات وتوصيات، كان قد قدمها جطو إلى الملك محمد السادس في 11 دجنبر 2017. ووقف المجلس، علاوة على ذلك، على بعض العوامل التي قد تمثل مخاطر على استدامة المالية العمومية، منها المستوى المرتفع للدين العمومي ووتيرته التصاعدية، وكذا إشكالية متأخرات الدولة إزاء بعض المؤسسات العمومية ومقاولات القطاع الخاص، والتي تهم أساسًا الإرجاعات برسم الضريبة على القيمة المضافة.
وأشار أيضًا إلى أن إشكالية ديمومة أنظمة التقاعد (المعاش) لا تزال مطروحة، مسجلاً بهذا الخصوص أنه على الرغم من الإصلاح الذي عرفه نظام المعاشات المدنية خلال سنة 2016 فإن عجزه المالي واصل تفاقمه.
ونظرًا لأهمية الميدان الاجتماعي، أوضح جطو أن المجلس الأعلى للحسابات كثف من مراقبة الأجهزة العمومية المدبرة لكل من ميدان التربية والتكوين والصحة العمومية.
ففي ميدان التعليم، يقول جطو، تم إنجاز العديد من المهام الرقابية منها المهمة التقييمية لنتائج البرنامج الاستعجالي للتربية والتكوين للفترة 2009-2012. وقد تعهدت الدولة لتنفيذ هذا البرنامج بتخصيص غلاف مالي برمجت على أساسها مشاريع تمخضت عنها التزامات.
وعلى مستوى الإنجازات، سجل المجلس عدم توفر الإدارات المعنية على حصيلة شاملة ودقيقة في شقيها المالي والكمي لجميع مشاريع وتدابير هذا البرنامج، غير أن المهام الرقابية التي أنجزها المجلس بينت عدم بلوغ كافة الأهداف التي حددها البرنامج. وهكذا، يضيف جطو، وبغض النظر عن تحسن بعض المؤشرات الكمية، سجل المجلس الأعلى للحسابات عدم تعميم التعليم الأولي، وعدم تغطية كافة الجماعات القروية بالتعليم الإعدادي والداخليات، وتفاقم نسبة الاكتظاظ، وبقاء حجم الهدر المدرسي في مستويات مرتفعة، واستغلال مؤسسات تعليمية في وضعية متردية، وعدم ضبط حاجيات النظام التعليمي من الموارد البشرية.
أما في ما يخص ميدان الصحة، فقال ان فإن التقرير السنوي يضم ملخصات مهمات مراقبة سبع مؤسسات استشفائية أنجزت بشراكة مع المجالس الجهوية. وقد سجلت هذه المراقبات الملاحظات نفسها التي تم تسجيلها خلال السنوات السابقة، بحيث أن تدبير المؤسسات الاستشفائية يعاني من اختلالات هيكلية تتعلق بالتخطيط الاستراتيجي والبرمجة، والحكامة الاستشفائية، وتدبير الخدمات الطبية، والفوترة وتحصيل المداخيل، وكذا تدبير الأدوية والمستلزمات الطبية.
وقال إن إيلاء الأهمية لبعض القطاعات التي تهم المواطنين والمرتفقين عن قرب لا يمنع المجلس الأعلى للحسابات من الاهتمام ببعض الأجهزة الهامة والاستراتيجية بالنسبة للمغرب، مشيرًا في هذا الإطار، إلى أنه سبق للمجلس أن أنجز مهمة على مستوى «صندوق الإيداع والتدبير»، وأوصى، تبعًا لذلك، بمراجعة الإطار القانوني والمؤسساتي المنظم للصندوق بالشكل الذي يسمح له بمسايرة أفضل الممارسات المتعلقة بالحكامة، وبدعم الخيارات الاستراتيجية بخطط قابلة للتحقيق وفقًا لجداول زمنية محددة.
وفي إطار تتبعه لتنفيذ التوصيات التي يصدرها، يؤكد جطو، توصل المجلس بالإجراءات المتخذة من طرف الصندوق لتنزيل هذه التوصيات، حيث سجل تفاعل إدارته مع مقترحات المجلس. كما أنجز المجلس سنة 2017 مهمة رقابية على مستوى مجموعة المكتب الشريف للفوسفات، تناولت، أساسًا، الأنشطة المرتبطة باستخراج الفوسفات ومعالجته عن طريق الغسل والتعويم، وكذا نقله عبر القطار أو الأنبوب من مواقع الاستخراج إلى الوحدات الكيماوية لمعالجته أو لأجل التصدير. ووقف المجلس على مجموعة من الملاحظات تهم التخطيط المتوسط والبعيد المدى للأنشطة المنجمية وبرمجة الإنتاج على المدى القصير، ومعالجة الفوسفات، واستعمال وصيانة معدات استخراجه ومعالجته، وكذا الآثار البيئية للنشاط المنجمي. وبناء على الملاحظات المسجلة، أصدر المجلس توصيات تجاوبت إدارة المكتب إيجابيًا مع العديد منها، وشرعت في تنفيذها على أرض الواقع. وسينجز المجلس على مستوى المؤسسة نفسها، مهمات أخرى ستنكب على الشق الصناعي، وكذا مجالات التوزيع والتصدير والنقل واللوجيستيك والشركات ذات الطبيعة التجارية.
علاوة على ذلك، أنجز المجلس مهام رقابية عدة تهم ميادين أخرى، منها على سبيل المثال تدبير القرض الفلاحي للمغرب، ومخطط الصيد البحري «هاليوتيس» وآليات السكن الاجتماعي والخدمات على الأنترنيت الموجهة للمتعاملين مع الادارة، وكذا أهداف التنمية المستدامة 2015 ـ 2030.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: