الشباب العربي بين القطاع العام والقطاع الخاص

سافرت لعدة بلدان عربية، فتبين لي معنى جملة قالتها سرينا اهروني لديفد شارلي سامحون في مسلسل رأفت الهجان.
تقول الجملة ” العربي حينما يجد عملا يتشبث به ولا يفارقه أبداً” .

نعم، مرت سنين طويلة على ذلك المسلسل الذي جاء يبرر حدث النكسة التي يندى لها الجبين، والتي سجلها التاريخ بقلم كره يد من امتلكه.
نعم، جملة تنتقد واقع العالم العربي الإسلامي وشبابه، تهز كيان كل من له غيرة عن جذوره. حقيقة مرة لابد أن نعترف بها. بل لابد لنا أن نشكر سرين اهروني جزيل الشكر إذ أنها أشارت إلى آفة تعصف بنا نحن العرب وهي الاتكال على حكوماتنا العربية في إيجاد لقمة عيش، وهنا لا أريد أن أعرف كلمة ” عيش” لأننا نبحث عن أي عيش كان حتى ولو بأقل جهد أو أدنى قيمة.

كيف يعقل أن نتخاذل ونحن أمة أمرها الله بالعمل!!! ؟ وقل اعملوا…. الآية.
كيف يعقل لأمة أن تصل إلى أدنى درجة من العلم و أقصى درجة من الأمية والجهل وهي من أمرها ربها بالعلم!!!؟ اقرا…. الآية.
كيف يعقل هذا؟
معظم الشباب في العالم الإسلامي العربي يضع كل آماله في حياة مستقرة بين يدي حكومة بلاده، حيث نراه لا يصنع لنفسه فرص عمل، أو يخلق مقاولة متواضعة حسب إمكانياته المادية، بل حتى لا يرضى أن يشتغل في مجال آخر لجمع رأس مال لمشروعه.
فنراه يضيع وقته في المظاهرات والتنديد بحق الشغل أمام البرلمان أو الوزارات، وكأن لهذه الأخيرة عصى سحرية تقول للفرص الشغل كوني فتكون.
لماذا لا يستغني شبابنا في بلداننا العربية والإسلامية عن حكومة التي طال جوعه بسبب اتكاله عليها؟

الا يمكن لأي شاب او شابة خلق مقاولة صغيرة في تخصص تكوينه العلمي أو أي مشروع يمكنه العيش به؟
ألم يأمر الله مريم وقال لها هزي إليك بجذع النخلة…. الآية ؟
يمكن لشاب أن ينتظر أكثر من خمس سنوات في البحث عن عمل، كما يمكنه ان يتكل على الرزاق ويبدأ في مشروع، اي مشروع حلال ريثما يتحقق له مبتغاه؟

لا يكمن أن ننكر أن الغرب قد تقدم بفضل سياسة تشجيع الاستثمار والقطاع الخاص ، وارغم القطاع العام على تشجيع خوصصة بعض القطاعات الحكومية، وهذا يرجع إلى أن القطاع الخاص يخلق فرص العمل ويحارب تلك العادات الروتينية للموظفين الذين، ولا اعمم، يتماطلون في خدمة الشعب وهمهم الوحيد هو الراتب الشهري.

نعم، كيف يمكن لموظف في القطاع العام أن يخلص في عمله، فقط إن كان له ظمير مهني أو خلقي آو ديني، وفي حالة عدم توفره على هذا ولا ذاك فلا بد له من مراقبة مستمرة يقاس بها مردوده وكفائته وسط اي مؤسسة حكومية، اما وإذا كان موظفا داخل قطاع خاص، فمردوده محسوب بالثانية، و من الأحسن والاظمن لبقائه في وظيفته ، أن يكون عطاءه إيجابيا و على المستوى المطلوب.
مهندس، طبيب، نجار، حداد، صيدلي، صحفي معلم طباخ، كن ابن من شئت من المهن، ولكن لابد من الإخلاص في العمل، ولا بد من خلق مقاولات ولابد من الحكومات العربية ان تعي هذا ولابد لها أن تسهل لكل من أراد من شباب أمتنا أن يقدم شيء من داخل أو خارج وطنه ليساهم في نموه وفي ازدهاره.

لكن تبقى أسئلة مفتوحة مطروحة. هل هناك ضمانات حكومية في استمرار ونجاح أرباب القطاع الخاص؟ ثم هل هناك آليات استراتيجية تشجع الشباب عن الاستثمار و خوض مغامرات المقاولات؟
محمد العباني من بروكسيل.

elabbani.med@gmail.com

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: