الموت المجاني يلاحق الجزائريين

بين خطابات اعتبرها البعض، مجرد تهويل على مواقع التواصل الاجتماعي وخطابات الاستهتار بالوباء بين مختلف شرائح المجتمع، تبقى وحدها الحقيقة العارية، التي تقض مضاجع الأسر المفجوعة ونعي الأمهات والزوجات في الجزائر، التي تملأ منصات التواصل الاجتماعي، التي هجرتها الابتسامة والأفراح منذ أن اشتدت الأزمة الصحية وتدهورت الأوضاع في العديد من المدن والبوادي والأرياف.

ها هي مدينة بسكرة تقع تحت أنياب الفيروس وتفقد الكثير من نخبتها وناسها وكل يوم تتسع المقابر وتكثر الجنائز، مثلها مثل غرداية، التي فقدت أكثر من أربعين شخصا في أسبوع واحد.
هل هذا تهور أم تأويل أم واقع مرير علينا ابتلاعه أمر من العلقم. بالرغم من حظر التنقل، الذي بدأ اليوم بين بلديات الولاية الواحدة وبين الولايات 29.
ها هي لجنة متابعة تفشي وانتشار فيروس كورونا تعلن عن تسجيل 483 حالة إصابة جديدة و7 وفيات، بينما بلغ عدد حالات الشفاء 368 حالة من بين العدد الإجمالي للمصابين، الذي بلغ 19195 .
قد تختلط أسباب الوفيات، وقد يكون من يموتون مرضا وكمدا وحسرة أكثر بكثير من مرضى الفيروس. هكذا يتوشح الفضاء الأزرق بالسواد والأحزان وكأنها نهاية العالم وفنائه وكأن أبواب الفرح أغلقت، فهل سيكون لغثاء الكباش والحملان نفس نوتة أفراح أعياد الأضحى قبل سيلان دماء البشر لأتفه الأسباب ولأكثرها عنفا وعداوة وبغضاء؟
هل ستعلق آثام البشر على رقاب الأضاحي الحيوانية؟
هل تغير القرابين الحيوانية قرابين الأنس ويحدث التبادل؟ أم فتحت شهية الإنسان للقتل في هذا الزمن الرديء؟!

عندما يسبق الحدس القضاء والقدر

تركت حادثة مقتل المحامية الشابة ياسمين طرافي ذهولا وألما بين زملائها وبين الناس من مختلف مستوياتهم . تنديد واسع على خلفية قتل محامية في منطقة البويرة على منصات التواصل الاجتماعي، مقال لحساين فضيلة (الاخبارية) المرفق بصورة للمحامية ذات الـ28 ربيعا عليه عبارة «وبأي ذنب قتلت ابنة المهنة النبيلة… المحامي خط أحمر، حيث ندد العديد من المحامين بجريمة القتل التي راحت ضحيتها المحامية على يد مجهولين. جريمة اهتز لها الشارع في ولاية البويرة.
صور المحامية ملأت صفحات رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وكذلك تصريحات جدتها التي ربتها ووالدتها ممن كانتا تنتظران أن تفتح لها الدنيا ذراعيها لا أن يقطع أملها وطريقها ثلاثة ممن خلقوا «رجالا» ليعيثوا فسادا».
وبالعودة لما كانت تنشره المحامية سامية طرافي على صفحتها الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت تردد كثيرا طلب السماح والعفو من زملائها في المهنة وحتى كل من عرفوها، وكتبت في صفحتها «أرجو السماح من كل من يعرفوني ومن لا يعرفوني، فموت الفجأة أصبح يتردد كثيرا في الفترة الأخيرة…».
ويرجح بعض المحامين زملائها في المهنة أن تكون المحامية قد تعرضت لتهديدات من قبل مجهولين. بينما «الغد الجزائري» وفي مقالها المعنون «قتل وحشي لمحامية بالبويرة … وهذه تفاصيل الجريمة» أضافت بيان النيابة العامة التوضيحي بشأن القضية أن التحريات الأولية مكنت قبل منتصف الليل من اليوم نفسه من توقيف ثلاثة أشخاص مشكوك في ضلوعهم في الواقعة ويتعلق الأمر بكل من «ص.ص.ح البالغ من العمر 29 سنة و»ع.أ البالغ من العمر 32 سنة، إضافة إلى ع.م.ي البالغ من العمر 23 سنة.
المحامية فارفت الحياة بينما أسعف مرافقها وهو في المستشفى في حالة غيبوبة.
تعزية رئيس الجمهورية قد لا تطفئ حرقة الأم التي طلبت أن يعاقب الجناة أقصى عقوبة. وهو الموت. كما قتلوا ابنتي يقتلون!
في وقت نخاف من رذاذ العاطس ولمس المحموم والأسطح ونتفادى تقبيل أقربائنا، هناك من يقتل ويلطخ يديه بدم أخيه دون وخز للضمير، هكذا تصرف يصبح «كورونا» أرحم

اترك رد