افتتاح مسجد محمد السادس بكوناكري يعزز النفوذ الديني للمغرب في غرب أفريقيا

ماموني

تشرف مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، بتنسيق تام مع السلطات الغينية المختصة، على الافتتاح الرسمي لمسجد محمد السادس بكوناكري، الجمعة، في خطوة تعكس سعي المغرب إلى نشر قيم الاعتدال والتسامح في القارة الأفريقية، ومواصلة جهوده في مكافحة التطرف.

ويقول مراقبون إن هذه المبادرة ستساهم في تعزيز الروابط التاريخية والدينية بين المغرب ودول غرب أفريقيا، فضلا عن تحصين هذا الجزء من القارة من تسلل المرجعيات الدينية الدخيلة.

وتم تشييد مسجد محمد السادس في العاصمة الغينية كوناكري، وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أعطى إشارة انطلاق أشغاله في 24 فبراير 2017، وفقا للمعايير المعمارية المغربية الأصيلة، بطاقة استيعابية تفوق 3 آلاف مصل، على مساحة تبلغ هكتارا. ويضم المسجد قاعة كبيرة للصلاة وقاعة للندوات ومكتبة ومدرسة قرآنية وفضاء تجاريا وقسما إداريا ومساحات خضراء.

 

رشيد لزرق: افتتاح المسجد يعكس قيم الاعتدال للمغرب في مواجهة التطرف

ويهدف ذلك إلى إقامة الصلوات وتحفيظ القرآن الكريم ونشر الموعظة، في إطار العلاقة الأخوية التي تجمع بين الشعبين الغيني والمغربي، وذلك من أجل تحقيق استفادة جمهورية غينيا من التجربة والخبرة المغربيتين في مجال تدبير الحقل الديني وتعزيز القيم الدينية الداعية إلى التسامح والتضامن والحوار، على أساس الثوابت الدينية المشتركة بين البلدين الشقيقين.

وعلى هامش حفل الافتتاح وفي إطار أنشطتها الاجتماعية الخيرية، ستقوم مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، بتنسيق تام مع فرعها بكوناكري والأمانة العامة للشؤون الدينية، بتوزيع أكثر من ألف قفة، وذلك ترسيخا لقيم الإنسانية والتضامن والتعاون داخل المجتمع الغيني، وفقا لرؤية الملك محمد السادس، رئيس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.

وفي وقت سابق أكد رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بجمهورية غينيا، عبدالكريم ديوباتي، أن الثوابت الدينية المشتركة بين المغرب وباقي البلدان الأفريقية تعتبر أحد المكونات الأساسية للهوية التي توحد أبناء شعوب هذه البلدان في المواقف والقناعات والاختيارات الدينية التي أصبحت قوية أكثر من أي وقت مضى بفضل جهود ومبادرات مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، التي يحرص الملك محمد السادس على أن تكون إطارا للتعاون وتبادل التجارب وتنسيق الجهود بين العلماء الأفارقة.

واعتبر رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، أن “الافتتاح الرسمي للمسجد، وقبله مبادرات أخرى تحت إشراف مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، يعكس قيم الإسلام المعتدل الذي يمثله المغرب في مواجهة كل أشكال التطرف، ما جعله نموذجا يحتذى به في غرب أفريقيا وفق إستراتيجية واضحة للمملكة المغربية لمواجهة الغلو والتطرف والمشاريع الناسفة لقيم الاعتدال”.

وأضاف أن “المغرب يقوم بأدوار على عدة مستويات، منها الجانب الديني والروحي، بتعليمات ملكية تهم تعزيز نفوذ الرباط داخل العمق الأفريقي في إطار إستراتيجية متكاملة يحضر فيها الروحي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي، خصوصا وأن المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وتصوف الإمام الجنيد، تعتبر مرجعيات للسلوك الديني المشترك بين المملكة والدول الأفريقية، ستساهم بقوة في حماية الأمن الروحي ومواجهة التطرف وقطع الطريق أمام من يريدون نشر الفهم الخاطئ للدين الإسلامي خدمة للتعصب والتشدد”.

مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحمل على عاتقها توحيد جهود علماء المغرب وباقي دول القارة السمراء لحماية العقيدة الإسلامية

وتحمل مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة على عاتقها توحيد جهود علماء المغرب وباقي دول القارة السمراء لحماية العقيدة الإسلامية والوحدة الروحية للشعوب الأفريقية من كل النزاعات والتيارات والأفكار التضليلية، خصوصا في السنوات الأخيرة مع زيادة محاولات زرع الفتنة لتحقيق أهداف سياسية ظهرت جليا في التحركات الإيرانية لتصدير التشيع والإسلام السياسي.

وتحمل المغرب مسؤولية تكوين الأئمة والمرشدين الأفارقة، وبناء المساجد، وتوزيع الصحف، حيث حصل مسجد الحسن الثاني بالعاصمة الغابونية ليبروفيل الأحد الماضي على نسخ المصحف الشريف، والتي تكتسي أهمية خاصة، على اعتبار أن ذلك يساهم في تعزيز الروابط الروحية والثقافية بين البلدين ويجسد القيم الأساسية للإسلام، من قبيل التضامن والسلام والتسامح.

ومن شأن هذه المبادرة، التي تؤكد على مدى متانة العلاقات التاريخية بين المغرب والغابون، أن تساهم في تعزيز الفهم الحقيقي للإسلام، على أساس مبادئ الأخوة والاحترام المتبادل.

وفي هذا الصدد أكد أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي محمد لكريني أن “ما يقوم به المغرب في غرب أفريقيا على المستوى الديني نابع من اقتناع المملكة بضرورة تحصين دول القارة الأفريقية من أية مشاريع متطرفة تهدف إلى تفتيت دول المنطقة من المدخل الديني، لهذا يتحمل مسؤوليته كاملة للحفاظ على الهوية الدينية المبنية على ثوابت غاية في الرسوخ على مدى قرون خلت، والمتسمة بالوسطية والاعتدال والتسامح”.

من جانبه أكد الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى محمد يسف أن “المملكة تسير وفق ثوابت بناء الأمن الروحي والأمن المادي والاجتماعي للمواطنين، وتبني منهج العلم والإيمان، وهو ما مكنها من البقاء محافظة مع مواكبة العصر والأخذ من حكمة الحكماء ومن فهم أصحاب الفهم”.

وأشاد المسؤولون الأفارقة بالأثر الواسع والإشعاع البالغ لمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات في مختلف البلدان الأفريقية التي يستفيد أبناؤها من القيمين الدينيين وطلبة العلم الشرعي بتكوين علمي وديني عميق يمكّن من التشبع بقيم الوسطية والاعتدال، وهو ما يجعل النموذج المغربي في تدبير مجال الشأن الديني يحظى بالقبول وتسعى الكثير من البلدان الأفريقية إلى استلهامه والاستئناس به.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: