وثائق تؤكد أن الجزائر كانت على علم بإجراءات مصادرة أملاكها في الرباط

نشرت مجلة “جون أفريك” في نسختها الإلكترونية الاثنين وثائق عبارة عن مراسلات رسمية تحمل ردود القنصلية العامة للجزائر في الدار البيضاء، وتثبت أن التمثيلية الدبلوماسية للجزائر في المغرب كانت على علم بإجراءات مصادرة المباني التابعة للسفارة الجزائرية في المغرب قبل عامين على الأقل.

وأثبتت ذات الوثائق بشكل قاطع أن هذه التمثيلية كانت تراسل الدبلوماسية المغربية وحتى وقت قريب، بشكل ودي على أساس تبادل محتمل للأملاك العقارية بين الرباط والجزائر.

وأظهرت مراسلة نشرتها ‘‘جون أفريك‘‘ أن الجزائر، التي تحتج على ما أسمته دبلوماسيتها بـ‘‘مصادرة عقاراتها في الرباط‘‘ كانت قد أعلنت هي نفسها، وكتابة بشكل رسمي، قرارها بمصادرة مقر إقامة السفير المغربي بالجزائر العاصمة. وتحقيقا لهذه الغاية، فإنها تتخذ، في مذكرتها الشفهية المؤرخة في 14 مارس 2022، الذريعة لمخطط ‘‘تهيئة عمرانية مزعومة‘‘ لمدينة الجزائر العاصمة.

سفيان شويطر: حلال المساس بالبعثة المغربية في الجزائر وحرام لو يمس مقر البعثة الجزائرية في الرباط

وبالإضافة إلى هذه الوثائق التي تثبت مرة أخرى سقوط الدبلوماسية في مستنقع التصعيد المجاني وغير المبرر الذي يعكس عمق الخبث والحقد التي تستشعره الجارة ضد المملكة، فإن الواضح اليوم أنها تتظاهر بأنها نسيت أنها تبادلت مراسلات مع السلطات المغربية، منذ أكثر من عامين، بشأن نقل ملكية العقار المجاور لشركة MAE المغربية.

واستغرب أستاذ القانون الدولي الجزائري سفيان شويطر طريقة تعامل الجزائر مع الإجراءات المغربية. وقال في تدوينة “اتضح أن الجزائر في 14 مارس من سنة 2022 أبلغت وزارة الخارجية المغربية عن طريق القنصلية العامة الجزائرية بالدار البيضاء، بأن مقر إقامة السفير المغربي بالجزائر ستمسّه اجراءات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة”.

وأضاف “يعني حلال المساس بالبعثة المغربية في الجزائر وحرام لو يمس مقر البعثة الجزائرية في الرباط”.

وكانت  وزارة الخارجية الجزائرية اتهمت الأحد المغرب بمصادرة ممتلكات لسفارتها، وقالت الوزارة في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية إن الحكومة الجزائرية “سترد على هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة”.

وحسب مصادر مطلعة   فإن المغرب ما فتئ يعمل على “الحفاظ على علاقة ودية بين البلدين وعلى الأخوّة بين الشعبين”، معتبرا أن حديث الخارجية الجزائرية عن “مصادرة ممثلياتها الدبلوماسية في المغرب” مجرد “ادعاءات لا أساس لها من الصحة”.

وأفاد المصدر بأن الوزارة أبلغت، في وقت مبكر من يناير 2022، “رسميا وفي مناسبات عديدة، السلطات الجزائرية برغبة الدولة المغربية في شراء المبنى المذكور وديا”، مؤكدا أن “القنصل العام للجزائر في الدار البيضاء استقبل في الوزارة بما لا يقل عن 4 مرات بهذا الخصوص”، كما أحيلت “8 مراسلات رسمية إلى السلطات الجزائرية التي ردت بما لا يقل عن 5 مراسلات رسمية”.

علاوة على ذلك، نوّه المصدر نفسه بأن السلطات الجزائرية ردت، في “اثنتين من مراسلاتها، على العرض المغربي بالإشارة إلى أن تقييما مملوكا للدولة لهذه الممتلكات جار وأنها ستبلغ استنتاجاتها بمجرد الانتهاء منها”، قبل أن تضيف أن “الإفراج عن المبنى وإزالة محتوياته سيتم وفقا للأعراف الدبلوماسية بمجرد الانتهاء من عملية البيع”.

وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية، أنه رغم قانونية المسطرة التي يتبعها المغرب والتي تحترم الإطار القانوني الدولي إلا أن الجزائر تصر على تسييس الملف لأغراض تضليلية محضة للاستهلاك الإعلامي وبغية الاستمرار في خلق زوبعة سياسية مرتبطة بالعداء للمغرب.

هشام معتضد: الجزائر تصر على تسييس الملف لأغراض تضليلية

واعتبر أن الرباط احترمت المساطر المؤسساتية في إجراءاتها ولم ترد تسييس القضية من منطلق إيمانها بمهنية التدبير الإداري بعيدًا عن المزايدات السياسية خاصة في ظل تصاعد التشنج من طرف النظام الجزائري تجاه كل ما هو مغربي أو متعلق بالسياسة المغربية.

ولفت معتضد، في تصريح لـه إلى أن رغبة الجزائر في استثمار الموضوع تندرج في إطار الحملة التي تديرها ضد المغرب والتي ارتفع إيقاعها في السنوات الأخيرة مع تراجع أسهم النظام الجزائري في المنطقة، وهو توجه رسمي لن يتوقف على ملف نزع الملكية وسيستمر، وستعمل الجزائر دائما على خلق تأويلات سياسية للتحركات المغربية من منظور العداء للمغرب لأن شرعيتها السياسية تم بناؤها في السنوات الأخيرة في هذا الاتجاه.

وقالت وزارة الخارجية الجزائرية في بيانها “لقد دخلت المملكة المغربية في مرحلة تصعيد جديدة في تصرفاتها الاستفزازية تجاه الجزائر، وقد تجلت هذه الاستفزازات الجديدة مؤخرا من خلال مشروع مصادرة ممتلكات سفارة الدولة الجزائرية في المغرب”.

وأضاف البيان أن الجزائر تعتبر أن ذلك “يشكل انتهاكا جسيما لاحترام وواجب حماية الممثليات الدبلوماسية لدول ذات سيادة الذي تكرسه القوانين والأعراف الدولية”، مشيرا إلى أن “المشروع المغربي، الذي يتنافى مع الممارسات الدولية المتحضرة، ينحرف بشكل خطير عن التزامات اتفاقية فيينا حول العلاقات الدبلوماسية، التي تفرض عليه احترام وحماية السفارات المتواجدة على ترابه مهما كانت الظروف”.

وأعلنت الجزائر عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في أغسطس 2021، مبررة ذلك بالقول إن المملكة المغربية لم تتوقف يوما عن أعمال غير ودية وعدائية تجاه الجزائر منذ استقلالها.

واعتبر هشام معتضد أن النظام الجزائري واع تماما بأن التوقف عن خلق فقاعة العداء للمغرب داخل الرأي العام الداخلي سيكلفه خروجه من تدبير الشأن العام، لأنه لا يتوفر على برنامج سياسي واضح وتوجه إستراتيجي قادر على تلبية تطلعات الشعب الجزائري، وبالتالي خياره الوحيد من أجل خلق شرعية مزيفة هو التشبث بالعداء للمغرب باستغلال مثل هذه الملفات للتضليل السياسي، مع إقحام رأيها العام داخل ديناميكيتها العدائية للمغرب وذلك بتوجيه إعلامها الرسمي وغير الرسمي على مقاس الأيديولوجية العدائية للمغرب.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: