خلافات تهز صورة حزب الاستقلال المغربي

ماموني

يشهد حزب الاستقلال المغربي توترا داخليا، قبل موعد عقد مؤتمره الوطني الثامن الشهر المقبل، خصوصا بعد الصفعة التي تعرض لها البرلماني منصف الطوب من طرف عضو اللجنة التنفيذية للحزب يوسف أبطوي، السبت الماضي. وفي الوقت الذي يؤكد فيه يوسف أبطوي أن تسريب المقطع المصور للصفعة كان عن سوء نية لضرب سمعة حزب الاستقلال، يصر الطوب على متابعته أمام القضاء، بعد أن تسببت له الصفعة في ضغوط نفسية واجتماعية وأثرت عليه وعلى أفراد أسرته.

وعبّر برلمانيو حزب الاستقلال في بلاغ عن “تضامنهم المطلق واللامشروط مع عضو الفريق منصف الطوب، الذي تعرض لاعتداء من طرف يوسف أبطوي خلال انعقاد دورة المجلس الوطني للحزب”، مطالبين بتجميد عضويته وإعفائه من منصب المستشار الذي يشغله في ديوان رئيس مجلس المستشارين، النعيم ميارة.

وطالب فريق الحزب الذي يترأسه نورالدين مضيان، في مذكرته الموجهة إلى نزار بركة الأمين العام للحزب، بفتح تحقيق معمق مع عضوي الحزب محمد سعود ويوسف أبطوي، باعتبار “مسؤوليتهما الواضحة والمباشرة في الحادث المؤسف، لكشف أسبابه المعلنة والخفية، وخاصة أهدافه الرامية إلى زرع الفتنة والتشويش على النجاح الكبير الذي شهدته أشغال المجلس الوطني ومخرجات التوافق الواسع والمحمود الذي توج آخر اجتماع للجنة التنفيذية للحزب”.

 

رشيد لزرق: الاستقطاب داخل الحزب ليس جديدا ويحتاج إلى قيادة حازمة   

وقال يوسف أبطوي عضو اللجنة التنفيذية للحزب، إن “فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب غرد خارج سياق ما كان يرجى منه، بعد الاعتذار وتدخل الخيرين بالحزب من قيادييه ومناضليه لتطويق الحادث، وتفنن في نصب المشانق واستحضار كل معاني القتل المعنوي والرمزي”، متسائلا “متى كان الفريق البرلماني لأي حزب ينصب نفسه قاضيا لإصدار الفتاوى بل الأوامر التنظيمية بالطرد والتجميد والإحالات”.

وبعدما اعترف أبطوي بأن وقع الصورة التي نقلها المقطع المصور كان قاسيا، طالب في تدوينة على صفحته الرسمية بفيسبوك، المكتب التنفيذي للحزب بـ”البحث في الموضوع وإعطاء الأجوبة الحقيقية حول هذا الجرم التنظيمي الخطير لكل الاستقلاليات والاستقلاليين، بما يحفظ حرمة الأمانة التنظيمية، وترتب عليه الجزاءات القانونية الداخلية بما يتناسب وهذا التسريب الفضيحة”.

واعتبر رشيد لزرق، رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، أن “الاستقطاب، وتفاقم الأزمة التنظيمية داخل حزب الاستقلال، ليس جديدا ويحتاج إلى قيادة حازمة للتعامل مع المرحلة وتحلي أعضاء الحزب سواء البرلمانيين أو الذين يتحملون مسؤوليات داخل الحزب بالأخلاق السياسية العالية والانتصار للثقافة الجامعة، لتجاوز تداعيات واقع الاختناق داخله”.

وأضاف في تصريح لـه أن “بلوغ التعامل السياسي درجة العنف المادي والتشابك بالأيادي، والتلويح بإخراج الملفات، يوضح أن الصراع على أشده بين شخصيات لا يعنيها المشروع الحزبي ولا تعتبر الإطار السياسي أداة لتحقيق مشروع مجتمعي”. ولم تنته مشكلة الصفعة حتى تفجرت حادثة جديدة بشكاية وضعتها أمام النيابة العامة البرلمانية السابقة وعضو المكتب التنفيذي للمرأة الاستقلالية رفيعة المنصوري ضد رئيس الفريق بمجلس النواب نورالدين مضيان، تتهمه من خلالها بالتشهير والسب والقذف وتهديد حياتها الأسرية.

واتهم مضيان القيادي البارز داخل الحزب خصومه بـ”فبركة” ملف الشكاية الكيدية، التي وضعتها المنصوري في مواجهته أمام النيابة العامة، نافيا توفره على أي “تسجيل صوتي” يهدد الحياة الأسرية للبرلمانية السابقة رفيعة المنصوري، معتبرا أن “هذه التحركات لها علاقة مباشرة وواضحة بالمؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب”.

◙ حزب الاستقلال استطاع التعامل بالتوافق مع الخلافات لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى تاريخ انعقاد المؤتمر والتمديد لنزار بركة على رأس الحزب

وأكدت مصادر من داخل الحزب لـه ، أن ما حدث لا يعدو كونه تعبيرا عن اختلاف في وجهات النظر رغم التعسف الذي لمسناه من واقعة الصفعة، أما الشكاية الموجهة ضد مضيان فلن تؤدي إلى فقدان الثقة السياسية والأخلاقية في هذا القيادي، والحزب يمتلك آليات التحقق والزجر.

وأضافت ذات المصادر أن حزب الاستقلال استطاع التعامل مع الخلافات بسياسة التوافق لتقريب وجهات النظر للتوصل إلى تاريخ انعقاد المؤتمر والتمديد لنزار بركة على رأس الحزب، مسجلة أن الحزب تفاعل بشكل سريع وفعال مع التوجيهات الملكية الهادفة إلى أخلقة الممارسة الحزبية والسياسية، من خلال اعتماد معايير دقيقة للحصول على عضوية اللجنة التنفيذية وغيرها من مؤسسات الحزب، ما سيعزز ثقة المناضلين والمواطنين في هياكل الحزب وإعادة الاعتبار للفعل السياسي.

وتم الحسم في تزكية نزار بركة لولاية ثانية واختيار رئيس اللجنة التحضرية للمؤتمر الوطني عبدالجباري الراشدي، وقيادة لجنة القوانين من طرف رحال المكاوي، بعد مصالحة  بين تيار بركة وتيار حمدي ولد الرشيد إثر نزع فتيل التوتر بين الطرفين، حيث تعمل قيادة الحزب على تجاوز خلافاته الداخلية لإنجاح محطة المؤتمر الثامن عشر، لتظهر لشركائه في الحكومة بشكل خاص، أنه يمكن الاعتماد عليه ويتمتع بقوة تنظيمية متماسكة بعيدا عن التصدع والانشقاق.

ودرست اللجنة التحضيرية الوطنية للمؤتمر مشروع أجندة اشتغال اللجنة ومنهجية العمل والجدولة الزمنية لمختلف المحطات التحضيرية للمؤتمر، قصد ضمان الإعداد الجيد على المستوى الفكري والأدبي، بالإضافة إلى الجانب التنظيمي. وأبرم الحزب، وفق المجلس الأعلى للحسابات، اتفاقيات مع خمسة مكاتب دراسات من أجل إنجاز دراسات حول صورة حزب الاستقلال لدى الرأي العام ولدى مناضليه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: