قيادة حكيمة تصنع معجزة المغرب الاقتصادية

قالت مجلة ‘فوربس أفركا’ في تقرير تحت عنوان “النموذج المغربي” إن هذه المعجزة الاقتصادية في المملكة هي ثمرة قيادة حكيمة، مضيفة أن “المغرب يدافع عن إمكانات نجاح القارة، من خلال توجيه الاستثمارات نحو اتفاقيات التجارة الحرة وتطوير البنيات التحتية والخدمات المالية”، مضيفة أن المملكة التي باتت تحظى بمكانة إقليمية كبيرة أصبحت أبرز المستثمرين في القارة الافريقية.

وقد رسمت مبادرة الأطلسي التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس، ملامح المرحلة القادمة التي من المتوقع أن تحدث نقلة نوعية ليس في المغرب فحسب بل في الدول الافريقية التي انخرطت في المبادرة قناعة منها بصواب التوجه والتخطيط المغربي وبالفوائد التي ستجنيها.

وأضافت أن المغرب تحول في السنوات الأخيرة إلى “قوة” إفريقية على المستوى الصناعي، وأضحى مرجعية خاصة في قطاعي السيارات والطيران.

وسلطت الضوء على انجازات المملكة المغربية في القطاعات الرئيسية ضمن عدد خاص تحت عنوان “المغرب: إطلاق الفرص في ملتقى القارات”، مستعرضة ما يتوافر عليه المغرب من ثروات متعددة وإرادة ملكية كانت وراء التحولات الضخمة التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة.

وقالت في تقرير بعنوان ‘المغرب: إطلاق الفرص على مفترق طرق القارات’، إنه من خلال تعظيم إمكاناته في مجال الطاقة المتجددة وصناعة السيارات، يستعد المغرب لترسيخ مكانته كمركز للاستدامة والابتكار، مستحضرة تصريحات للعاهل المغربي قال فيه “لقد أصبح المغرب اليوم وجهة لا مفر منها في السوق العالمية”.

وتابعت “داخل مدنها المتاهة التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى ومراكزها الحضرية الصاخبة المليئة بالأسواق الملونة التي تتنافس على جذب انتباه زوارها، يتمتع المغرب أيضًا بجاذبية مميزة للاستثمار”.

وأوضحت أن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا تشجع على الاستثمار الأجنبي من خلال مناطقها الاقتصادية الست الخاصة وتطبق حوافز تتراوح بين الإعفاءات الضريبية ودعم النفقات المتعلقة بالاستثمار.

وأضافت أنه منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أدخل المغرب ثلاث سياسات صناعية وطنية دعمت تمويل البنى التحتية المادية في القطاعات الرئيسية وتطوير قطاع التصنيع، موضحة أن إحدى هذه السياسات تشمل صندوق التنمية الصناعية والاستثمار في البلاد، ودعمت تحديث وتطوير قدرة القطاع الصناعي على استبدال المنتجات المستوردة.

ويقول وزير الصناعة والتجارة رياض مزور “لقد أثبتنا كدولة إفريقية أننا قادرون على تحويل وإنشاء وتصنيع منصة يمكنها التنافس مع دول أخرى في العالم وتقديم منتجات عالية الجودة”.

وفي الواقع، أصبحت منتجات المغرب قادرة على المنافسة عالميا مع اكتساب صناعة السيارات زخما في السنوات الأخيرة. وتتحول البلاد تدريجيا من تجميع المركبات إلى الإنتاج الكامل، وهي الآن تقود صناعة السيارات الأفريقية بطاقة إنتاجية تبلغ 700 ألف مركبة سنوياً. ويتميز القطاع بحجم مبيعات مرتفع للصادرات تجاوز 8.7 مليار دولار أمريكي خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023.

Thumbnail

لقد نجح المغرب في إنتاج السيارات وصناعة الطيران. يقول طارق هامان القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للوكالة المغربية للطاقة المستدامة “اليوم، تبرز السيارات باعتبارها واحدة من المنتجات ذات القيمة التصديرية الأعلى للبلاد”. ويتم دعم قطاع السيارات من خلال اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وبالتوازي مع نجاحه في صناعة السيارات، أصبح المغرب لاعبا مهما في إنتاج الطاقة منخفضة الكربون للتخفيف من تغير المناخ وبناء القدرة على الصمود في مواجهة أسعار الطاقة المتقلبة والمكلفة.

وباعتباره أحد أوائل البلدان في أفريقيا التي قامت بمواءمة التنمية الاقتصادية مع حماية البيئة، يشارك المغرب بشكل استباقي في إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث يعد مجمع نور ورزازات للطاقة الشمسية المركزة هو الأكبر في العالم.

ويقول محسن الجزولي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة “اليوم، يتم تسليط الضوء على القدرة التنافسية للطاقة الخضراء في المغرب. في عالم يتحول إلى إزالة الكربون، يكتسب الإنتاج المغربي ميزة تنافسية متميزة”.

ويحتل المغرب المرتبة التاسعة عالميا في إنتاج الكوبالت وهو العنصر المستخدم في إنتاج البطاريات لتخزين الطاقة وطاقة الرياح، كما يمارس المغرب تأثيرا كبيرا في تعزيز التنقل الأخضر من خلال دعمه لسلسلة التوريد.

وعلى الصعيد الدولي، تستفيد المملكة من الفرص الناشئة في إعادة تشكيل سلاسل القيمة العالمية. ومع قيام المصنعين في أوروبا بتوسيع قاعدة مورديهم لتقليل مخاطر سلسلة التوريد، فإن قرب المغرب من القارة وأدائه الاقتصادي الكلي جعل من البلاد وجهة مفضلة للعديد من الشركات متعددة الجنسيات لإنشاء مصانع.

ويقول محمد الغراري الرئيس التنفيذي لشركة الحسينية القابضة “نحن مرتبطون بشكل جيد للغاية بمختلف القارات، ولدينا نظام مصرفي قوي ولدينا استقرار ولدينا فئة شابة من السكان والقطاع الخاص هو الفاعل الرئيسي في المغرب”.

وأظهر المغرب التزامه القوي بإصلاحات الاستثمار الجارية من خلال تقديم ميثاق استثمار جديد في ديسمبر 2022: بيئة الأعمال وتجسيد التزام الدولة بدعم المستثمرين واعتبارهم عوامل أساسية في النهضة الاقتصادية للمملكة. ويقول الجزولي إن هذا يعزز ثقة المستثمرين في الدولة المغربية كشريك اقتصادي.

ومن خلال توفير الشباك الواحد للمستثمرين وتبسيط الإجراءات الإدارية وإنشاء صندوق وطني للاستثمار، يساهم الميثاق الجديد في الارتقاء ببيئة الأعمال في المغرب.

وتفيد اتفاقيات التجارة التفضيلية التي أبرمتها المملكة مع أكثر من 60 دولة، المستثمرين من خلال وضع إطار قانوني للاستثمار وتقليل الحواجز التجارية، فيما تواصل الحكومة المغربية توسيع تعاونها مع البلدان الأخرى.

Thumbnail

وفي نهاية العام 2023، وقع الملك محمد السادس ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، 12 مذكرة تفاهم تركز على المشاريع الاستثمارية ومبادرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية في مختلف المجالات والقطاعات.

وأشارت مجلة ‘فوربس أفركا’ إلى أن إن اختيار المغرب لاستضافة أحداث دولية رفيعة المستوى يدل أيضا على المكانة الإيجابية للبلاد وقدرة بنيتها التحتية التي تتساوى مع البلدان المتقدمة.

ويقول الجزولي “إن استقرار المغرب وأدائه الاقتصادي القوي أقنع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بتنظيم اجتماعاتهما السنوية في المغرب، ومؤخرا، أقنعت اللجنة التنفيذية للفيفا بتكليف المملكة بالمشاركة في استضافة كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال”.

ومع قدرته على المساهمة في التحول العالمي إلى الطاقة المتجددة ودوره المتوسع في صناعة السيارات، من بين أمور أخرى، يرسم المغرب مسارا نحو النفوذ العالمي.

ولا يتوقف الأمر على هذه المؤهلات فحسب، إذ تشير ‘فوربس أفركا’ في تقريرها إلى موقع المغرب الاستراتيجي الذي يربط بين إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط.

كما أكدت أن المملكة باتت تحظى بمكانة هامة على الساحة الدولية بما اكتسبته من ثقة عالمية، مذكّرة باستضافتها لفعاليات دولية كبيرة مثل احتضان مدينة مراكش في أكتوبر من العام الماضي الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

واختيار المؤسستين الماليتين العالميتين لعقد اجتماعاتهما السنوية في المغرب لم يكن اختيارا اعتباطيا بل مدروس وبناء على الثقة العالية في قدرات الرباط التنظيمية وقد جرت الفعاليات في أجواء ايجابية من الناحية الأمنية والتنظيمية واللوجستية.

وقالت المجلة إن هذا “الحدث البارز الذي جمع نخبة عالم المال يجسد قدرة المغرب على استضافة مؤتمرات ذات صيت عالمي وأيضا الأهمية المتزايدة التي تحظى بها المملكة في المحافل الدولية”.

وعرضت كذلك إلى التحولات الضخمة التي تشهدها المملكة في السنوات الأخيرة وهي التحولات الاقتصادية النوعية التي يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس وفق رؤية استشرافية ومقاربة تنمية شاملة بدأ المغرب يجني ثمارها سياسيا واقتصاديا.

وأظهر الاقتصاد المغربي قدرة عالية على الاستجابة بفاعلية للصدمات في السنوات الأخيرة وصمودا يعتبر استثنائيا في خضم أزمات متتالية، بينما لا تحجب هذه القدرة العالية على امتصاص الصدمات الاقتصادية وجود تحديات بعضها ناجم عن مشاكل محلية وأخرى ناجمة عن الاضطرابات الجيوسياسية المتناثرة.

وفي كل الحالات تبدو المؤشرات الحالية ايجابية لجهة التعافي وتحقيق نسب نمو مدفوعة بخطة تحولات يقودها العاهل المغربي الذي يعتمد على مقاربة تنموية متوازنة وواقعية إضافة إلى رؤية استشرافية تعطي أولوية للدولة الاجتماعية.

ودشن المغرب الذي يستعد لاحتضان فعاليات كأس أمم افريقيا 2025 وكأس العالم بالشراكة مع اسبانيا والبرتغال في 2030، جملة من المشاريع التنموية الضخمة تشمل تطوير البنية التحتية الرياضية والبنية التحتية للنقل البري والبحري والجوي بما يشمل توسيع شبكة الطرقات والموانئ والمطارات وتعزيز أسطول الخطوط الجوية الملكية بطائرات من طرازات حديثة كما يواصل بثبات تنفيذ مشاريع واعدة في أقاليمه الجنوبية وهي المشاريع التي ستحول على المدى المنظور الصحراء المغربية إلى قطب عالمي للاستثمار.

Thumbnail

وعدل المغرب كذلك بوصلته صوب الاستثمار في الطاقات البديلة والنظيفة من خلال محطات ضخمة للطاقة الشمسية ومزارع الرياح والتي من المتوقع أن تحدث نقلة نوعية في تلبية احتياجات السوق المحلي من الطاقة وتصدير الفائض منها.

وتستعد بريطانيا والمغرب لمدّ أطول كابل كهربائي عبر البحر في العالم بطول 3800 كيلومتر وبكلفة قد تصل إلى ما يعادل 21 مليار دولار والذي من المتوقع أن يوصل التيار الكهربائي المولد من الطاقة الشمسية من محطات الصحراء المغربية إلى نحو 7 ملايين شخص في المملكة المتحدة.

وفي يناير الماضي، توقع البنك الدولي في تحديث لتوقعاته للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، أن يرتفع معدل النمو في المغرب في العام الحالي إلى 3.1 بالمئة ارتفاعا من 2.8 بالمئة في العام الماضي وإلى 3.3 بالمئة في العام 2025، بينما يأتي هذا التقييم استنادا إلى واقع التحولات التي يشهدها الاقتصاد المغربي وإلى مؤشرات تعافيه من تداعيات الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا وهي الأزمة التي تسببت في أزمات مالية واقتصادية في دول العالم.

ويقول البنك الدولي إن معدل النمو سيرتفع في بعض البلدان خاصة في جيبوتي والمغرب وتونس، لكنه حذّر في الوقت ذاته من أن الصراع في الشرق الأوسط يزيد من حالة عدم اليقين، مشيرا إلى أن اشتداد الصراع سيكون له تداعيات سلبية غير مباشرة على بعض دول الجوار من بينها تنامي نسبة اللجوء والنزوح.

كما أوضح أن من بين منغصات النمو في الشرق الأوسط وشمال افريقيا ما يتعلق بالكوارث الطبيعية والتغير المناخي.

لكن في المقابل فإن المملكة المغربية تعاني من جفاف سيكون له تأثير على الإنتاج الزراعي خاصة على محصول القمح وهو ما قد يثقل كاهل الدولة إذا استمرت موجة الجفاف. وقد اتخذت السلطات جملة من الإجراءات في مواجهة حالة الإجهاد المائي.

وتعرضت منطقة الحوز في المغرب إلى زلزال في الفترة الماضية أسفر عن دمار وسقوط قتلى، لكن السلطات أظهرت قدرة عالية على التعاطي مع الأزمة الطارئة والتأقلم السريع مع متطلباتها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: