جائزة المدينة المستدامة والمرنة لمدينة العيون المغربية

نالت مدينة العيون في الصحراء المغربية المرتبة الثانية في جائزة المدينة المستدامة والمرنة، ضمن جوائز الدورة الرابعة عشرة لجائزة منظمة المدن العربية، التي تم إعلان نتائجها الثلاثاء بمقر مؤسسة الجائزة في الدوحة.

وتعد العيون أهم مدينة في الصحراء المغربية، تمتد على طول الضفة اليسرى للساقية الحمراء، وتتميز بعدة مباني مصممة بأسلوب عصري يحترم العمارة الكلاسيكية في الصحراء، بينما في الجزء السفلي من المدينة الحي القديم. وتوسعت بفضل إنجازات الحكومة فيها بإقامة مشاريع تنموية كبرى شاملة ومتواصلة في مختلف المجالات.

وأعلنت لجنة تحكيم جوائز الدورة الرابعة عشرة خلال مؤتمر صحفي، أن 11 مدينة تبارت على جائزة المدينة المستدامة والمرنة ليحصد “المركز الأول أمانة عمان الكبرى في الأردن، والمركز الثاني ولاية جهة العيون- مدينة العيون في المملكة المغربية، والمركز الثالث محافظة ظفار في سلطنة عمان”.

وتجسد المشاريع التنموية الكبرى والمهيكلة التي تم إنجازها أو التي هي في طور الإنجاز، والتأهيل النموذجي لمدينة العيون والأقاليم الجنوبية للملكة، العناية التي توليها الدولة المغربية لهذه المنطقة من أجل جعلها مركزا دوليا للاستثمار، ورافعة كبرى لدعم وتعزيز الإشعاع الدولي للصحراء المغربية.

وتعززت التنمية في مدينة العيون بالإضافة إلى الأقاليم الجنوبية للمغرب بفضل النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، الذي أعطى انطلاقته العاهل المغربي الملك محمد السادس عام 2015، والذي رصد له ميزانية مالي يقدر بـ 77 مليار درهم (1دولار أميركي= حوالي10 درهم مغربي)، مما جعل منها اليوم قطبا استثماريا عالميا تنافسيا ومنفتحا على العمق الإفريقي وجزر الكناري.

وتمكنت المدينة من رفع من وتيرة التنمية والحفاظ على الاستثمار المحلي والأجنبي الذي ساهم في تغيير وجه الأقاليم الجنوبية من خلال الورشات الكبرى التي يتم إنجازها، والتي شكلت وجهة للوفود الأجنبية للوقوف عن قرب على المستوى التنموي السوسيو-اقتصادي المتواصل الذي تشهده الجهة.

وحسب معطيات للمركز الجهوي للاستثمار بالعيون – الساقية الحمراء، فقد بلغ عدد المشاريع التي صادقت عليها اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار خلال عام 2022، حوالي 90 مشروعا استثماريا بقيمة إجمالية ناهزت 13.5 مليار درهم، ومكنت من إحداث 6755 فرصة عمل.

وحصلت العيون على مؤهلات اقتصادية عديدة وفرص استثمارية وإمكانات هامة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة ترتبط أساسا بالاقتصاد البحري والأخضر. وفضلا عن القطاعات التي تمثل عصب الاقتصاد الجهوي، كالصيد البحري وتربية المواشي والمناجم، فإنها أصبحت اليوم قطبا هاما فيما يخص إنتاج الطاقات المتجددة للريح والشمس مع إمكانات هامة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

والإمكانيات الهائلة التي تزخر بها الأقاليم الجنوبية في مجال الطاقات المتجددة بفضل مناخها المشمس والرياح القوية، والاستثمارات الكبرى التي قامت بها السلطات العمومية والشركات متعددة الجنسيات، مكنت من تعزيز جاذبية مدينتي العيون والداخلة لدى المستثمرين على المستويين الوطني والدولي.

وساهمت هذه المشاريع ذات البعد الاستراتيجي بشكل كبير في تحسين ضمان التزويد بالطاقة، وتلبية الطلب المتزايد على هذه المادة الحيوية من طرف المواطنين والفاعلين الاقتصاديين، وكذلك في تعزيز الإشعاع الدولي للصحراء المغربية.

واستقطب إقليم العيون أكثر من 52 في المئة من المشاريع الاستثمارية، ثم إقليم بوجدور 37 في المئة، و إقليمي طرفاية والسمارة بـ 11 في المئة من المشاريع المصادق عليها من قبل المجلس الإداري للمركز الجهوي للاستثمار بالعيون لعام 2022.

وتفيد المعطيات الرسمية بأن بنك المشاريع التابعة لجهة العيون – الساقية الحمراء يشمل أكثر من 80 فرصة استثمارية من الجيل الجديد، في مجالات الاقتصاد الأزرق والأخضر والصناعة والخدمات، موزعة على 214 مشروعا بسقف استثماري 112 مليار درهم، وهو ما من شأنه إحداث أكثر من 18 ألف فرصة عمل مباشرة في أفق عام 2030، وتعزيز التطور النوعي لاقتصاد الجهة، الذي سجل خلال السنوات الأخيرة نسب نمو متميزة للناتج الداخلي الخام بفضل خطة الاستثمار العمومي والخاص في ظل تنفيذ النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية.

وتتوفر في المنطقة فرص هامة في قطاع تربية الأحياء البحرية وفي المجال الصناعي، لاسيما الصناعة التحويلية المرتبطة بتثمين منتوجات الصيد البحري، والصناعات الأخرى خصوصا المرتبطة بالطاقات المتجددة من أجل الرفع من الاندماج الصناعي الجهوي.

وفي المجال السياحي، تزخر المدينة بمؤهلات تجعل منها وجهة للسياحة وسياحة الأعمال، بفضل توفرها على واجهة بحرية تقارب 600 كلم وكثبان رملية ومحمية النعيلة ومواقع متعددة للنقوش الصخرية والمعالم التاريخية (دار البحر ونصب سانت اكسبيري بطرفاية ومنارة بوجدور…).

وفي ما يتعلق بالمجال الفلاحي، فقد وفر النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية أراضي مروية بضواحي بوجدور تقدر بحوالي 1000 هكتار، باستثمار إجمالي يقدر بـ 465 مليون درهم، (تخصص 270 مليون درهم منها للإعداد الهيدروفلاحي).

وبخصوص المشاريع التي تهم الشباب في أقاليم المنطقة، فقد غطت كل القطاعات الحيوية واستهدفت الرأسمال البشري بكل فئات المجتمع خصوصا الشباب والنساء، وتشمل تفعيل برنامج أقطاب التميز، عبر إنشاء المركز الاستشفائي الجامعي بالعيون باستثمار مالي يبلغ 1.2 مليار درهم، وإنجاز مشروع “تيكنوبول” فم الواد باستثمار 2 مليار درهم باعتباره قطبا للتكوين والابتكار وكلية الطب، ومعهد التكوين المتخصص في الطاقات المتجددة بطرفاية، والبنيات التحتية الرياضية والتعليمية والثقافية.

كما عرفت المنطقة إحداث مدينة المهن والكفاءات بمدينة العيون، والتي فتحت أبوابها خلال الموسم الحالي لاستقبال متدربي الجهة، كفضاء يضمن عرضا تكوينيا من الجيل الجديد، يلبي حاجيات المهنيين المحليين والوطنيين في عدد من القطاعات.

فقد استقبلت هذه المؤسسة، التي تجسد التزام مكتب التدريب المهني وإنعاش الشغل بالمساهمة في تنمية الجهة وإحداث القيمة على مستوى الأقاليم الجنوبية، والتي تصل طاقتها الاستيعابية إلى 2000 مقعد بيداغوجي، و1250 متدربا خلال هذا الموسم، من بينهم 630 في السنة الأولى من التكوين الأساسي، و620 متدربا في التكوين التأهيلي.

وأكد المدير الجهوي لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بالأقاليم الجنوبية، الطيب سامي الصلح، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن مدينة المهن والكفاءات بجهة العيون – الساقية الحمراء تعد مؤسسة من “الجيل الجديد” توفر تكوينا خاصا ومتنوعا، يركز على شعب ذات مؤهلات وإمكانيات عالية، مشيرا إلى أن هذه المؤسسة، التي تمتد على مساحة بلغت 6 هكتارات، تطلبت اعتمادا ماليا يفوق 300 مليون درهم.

وأضاف الصلح أن مدينة المهن والكفاءات بالعيون، التي أحدثها المكتب في إطار تنزيل خارطة الطريق المقدمة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس سنة 2019، لمواكبة الدينامية التنموية المستدامة التي أملتها التحولات الاقتصادية والطلب المتزايد على الكفاءات، تهدف إلى تأهيل وتكوين الشباب بالأقاليم الجنوبية، بهدف تمكينهم من الوصول إلى سوق الشغل، والاستجابة لاحتياجات المقاولات على المستويين الجهوي والوطني.

وأوضح أن تنمية الكفاءات الذاتية والمواهب تشكل صلب تكوين المتدربين، وذلك من خلال الفضاءات المشتركة والمختلفة المتاحة لهم، مشيرا في هذا السياق إلى حاضنة الابتكار، ومركز التوجيه المهني لدعم ومواكبة الشباب.

أما بالنسبة للربط المجالي للمناطق الصحراوية، فيتم إنجاز مشروع الطريق السريع تزنيت – الداخلة، الذي يندرج في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية بهدف هيكلة الطريق الوطنية رقم 1 على طول 1055 كيلومتر، بكلفة مالية تقدر بحوالي 10 مليارات درهم، والذي سيمكن من تزويد الأقاليم الجنوبية للمملكة بمحور طرقي يتصف بأعلى المعايير الدولية ودرجة عالية من السلامة.

كما أن هذا المشروع، الذي يشكل رافعة هامة للاستثمارات، والذي تجاوزت نسبة إنجازه 85 في المئة، يهدف إلى تقليص مدة التنقل، وتجنب الانقطاعات على مستوى الطرق بسبب الفيضانات وزحف الرمال وتسهيل نقل البضائع من وإلى مدن الجنوب مع تحسين الربط مع أهم المراكز الوطنية للإنتاج والتوزيع، فضلا عن إحداث باحات للاستراحة ومواقف للشاحنات، مما سيمكن من التأثير بشكل إيجابي ومباشر على سكان المنطقة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: