هل ينافس عبدالصمد ناصر الجزيرة بقناة جديدة من الرباط

يتجه الإعلامي المغربي عبدالصمد ناصر إلى إطلاق قناة فضائية جديدة مستقلة مقرها المغرب، تركز على قضايا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتداولت صفحات مغربية وعربية على مواقع التواصل الاجتماعي الخبر باهتمام، بسبب الضجة التي أثيرت قبل أشهر بمغادرة ناصر قناة الجزيرة.

وذكرت تقارير مغربية محلية أن القناة الجديدة تهدف إلى تعزيز حرية الصحافة في العالم العربي. وستقدم محتوى إعلاميا متميزا يتسم بالموضوعية والدقة ومن المقرر أن تبدأ البث في نهاية العام الجاري، وستكون متاحة على الإنترنت في المغرب ودول أخرى.

ويترقب الجمهور العربي إطلاق القناة الفضائية باهتمام بالغ، بالنظر إلى الشعبية التي يحظى بها ناصر لدى عموم المتابعين، إذ من المنتظر أن تكون منبرا يحظى بمساحة واسعة من حرية التعبير خصوصا أن ناصر أرجع سبب إنهاء عمله في الجزيرة إلى أنه “رد على مصادرة الحرية”.

وقالت مصادر إن ناصر بالفعل اتفق مع شركائه من حيث التمويل وطريقة العمل وسياستها التحريرية. ويأتي إنشاؤها في وقت يشهد فيه الإعلام العربي حالة من الاضطراب، حيث تتبنى العديد من القنوات الإخبارية رؤية الحكومات أو الجهات السياسية التي تقف وراءها.

القناة يمكن أن تشكل إضافة للمشهد الإعلامي لكن الرهان هو قدرة المنبر على إقناع الجمهور بطريقة التعاطي مع الحدث

وينظر متابعون إلى الخطوة بأن ناصر سيستفيد من خبرته الطويلة في قناة الجزيرة والتي يحسب لها تأثيرها الواسع في العالم العربي، رغم الانتقادات الموجهة لخطها التحريري وسياستها المتناسبة مع التيار المتشدد والإسلام السياسي وتبنيها مواقف مثيرة للجدل تهدف إلى اللعب على العواطف أكثر من نقل الحدث والموضوعية، وهو السبب الذي أدى إلى خروج ناصر من الجزيرة.

وناصر صحافي مغربي عمل في قناة الجزيرة منذ عام 1997، قرابة 26 سنة، حيث قدم العديد من البرامج الإخبارية والسياسية. وهو معروف بأسلوبه النقدي في تناول القضايا السياسية.

وكانت قناة الجزيرة قد أعلنت في مايو الماضي عن فصل ناصر من العمل، دون أن توضح أسباب القرار. بينما وصف ناصر قرار الطرد بأنه “تعسفي” و”غير مبرر”، حيث كان قد نشر تغريدة أثارت ضجة واسعة دافع من خلالها عن المغربيات في مواجهة قناة جزائرية.

وأعاد ناصر تثبيت تغريدة نشرها على موقع تويتر سابقا، بعد أن أنهت شبكة الجزيرة تعاقدها معه وانتشر وقتها هاشتاغ على تويتر باسم ناصر، فيما تم تداول معلومات بأن يتم تعيين ناصر في التلفزيون المغربي لإدارة إحدى القنوات التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والتي اشتغل بها سنوات التسعينات، للاستفادة من خبرته الطويلة.

من المنتظر أن تكون القناة منبرا يحظى بمساحة واسعة من حرية التعبير خصوصا أن ناصر أرجع سبب إنهاء عمله في الجزيرة إلى أنه “رد على مصادرة الحرية”

ويرى مراقبون أن قناة ناصر الجديدة يمكن أن تلعب دورا مهما في تعزيز حرية الصحافة في العالم العربي، انطلاقا من المغرب الذي يشهد انفتاحا وتنمية على مختلف المستويات ويركز على الإعلام لإبراز الإمكانيات في البلاد.

ومن المرجح أن يستفيد ناصر أيضا في القناة الجديدة من الشعبية الواسعة التي يحظى بها في المغرب والعالم العربي، لشد الجمهور ولفت الانتباه إلى المنبر الإعلامي الجديد، حيث عبر عن تفاجئه بحجم الحملة التضامنية التي عبر عنها المواطنون المغاربة بمختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وبسيل المكالمات والرسائل التي وصلت إليه في هذا الإطار. وقال عبدالصمد ناصر إنه “فخور بهذه الحملة التضامنية وفخور بهذا الشعب وأجد نفسي عاجزا عن التعبير الملائم عن هذه المواقف الطيبة التي عبر عنها المغاربة، وسأظل مدينا لهم ولهذه المواقف النبيلة”.

ويضيف المراقبون أن إطلاق قناة إخبارية جديدة في المغرب سيساهم في إغناء المشهد الإعلامي، ويعتبر إضافة جديدة يحتاجها القطاع الذي يواجه انتقادات متزايدة من قبل الفاعلين فيه.

ويؤكدون أن التواصل الفاعل مع الجمهور في حاجة ماسة إلى خطاب جديد وتصور منفتح يجمع الفاعلين القدامى، أي المؤسسات الإعلامية التقليدية، مع الفاعلين الجدد الذين يستحوذون على سوق وسائط التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتهم يوتيوب.

إطلاق قناة إخبارية جديدة في المغرب سيساهم في إغناء المشهد الإعلامي، ويعتبر إضافة جديدة يحتاجها القطاع الذي يواجه انتقادات متزايدة من قبل الفاعلين فيه

ويقول الفاعلون في الوسط الإعلامي المغربي إنه لا مجال للحديث عن تطوير المهنة دون إصلاحات هيكلية جريئة، وأن التباطؤ في هذه الإصلاحات ستكون له تداعيات على القطاع والمجتمع.

وتعتمد الدولة على الإعلام في التعامل مع كل الأزمات، باعتباره أداة للتواصل الأفقي الذي يسمح بالإخبار والتفسير والتوضيح والتحليل، وهذا ما يجعل الإعلام جزءا من حلول الأزمة، نظرا لقدرته على صناعة الرسالة التواصلية، وتمرير الأفكار، والإعداد النفسي لقبول آثار الأزمات وخسائرها الفادحة التي قد تكون مكلفة.

لكن مع المطبات التي وقع فيها الإعلام المغربي مرارا، بات الفاعلون يدركون ضرورة اعتماد نهج جديد في التعامل مع الإعلام عنوانه الرئيسي الإصلاح الجذري العاجل. وتحاول وزارة الاتصال مع مختلف شركائها المهنيين بلورة منظور جديد للنهوض بالمؤسسات الإعلامية ودعمها في مواجهة الصعوبات التي يعرفها قطاع الإعلام.

ويستند ذلك إلى التحفيز على تأسيس منظومة جديدة تجعل من الدعم العمومي الموجه إلى هذا القطاع أداة من أدوات تعزيز صموده، وتوفير فرص النهوض بالاستثمارات الصحفية الوطنية على أسس أكثر صلابة من خلال التفكير في نموذج اقتصادي ومالي متجدد وتنافسي.

ويعيب البعض على التواصل الحكومي أنه مبني على التركيز والإطناب في البيانات، ما يعني قتلا بطيئا للمعلومة، خاصة أمام ارتفاع منسوب نفس الأخبار وتداولها من قبل كل المنصات الإعلامية في نفس الوقت، مما يحقق التخمة الإعلامية التي تهدد شهية المتابعة، وبالتالي من الضروري تنويع وتوزيع زمن البث والانتقال إلى مرحلة الاستئناس بخطاب الطوارئ، كما أن استهداف نفس المواطن بنفس الصور والمضامين ونفس المادة يقتل روح التنافس المهني، ويفقد الرسالة التواصلية أهدافها.

ويرى هؤلاء أنه لا يمكن الحديث عن حلول لنقاط الضعف هذه، دون ذكر عنصرين أساسيين وهما إعداد الصحافيين وتدريبهم وتمويل المؤسسات الإعلامية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: