زلزال قوي يضرب بالقرب من مراكش المغربية ويثير الرعب

الزلزال القوي الذي ضرب مناطق قرب مراكش طال المدينة القديمة، وإذا كانت بناءاتها التاريخية لم تتضرر، فإن سكانها تعرضوا لصدمات كبيرة. وتكشف بعض الشهادات عن الخسائر المادية والبشرية الكبيرة، خاصة فقدان الأهل.

ضرب الزلزال المميت في المغرب منطقة بالقرب من مراكش المدينة المحبوبة لدى المغاربة والسائحين الأجانب بسبب مساجدها وقصورها ومعاهدها الدينية التي تعود إلى القرون الوسطى والمزينة ببلاط الفسيفساء الزاهي وسط متاهة من الأزقة الوردية.

وحتى يوم السبت لم يكن حجم الأضرار التي لحقت بمراكش قد اتضح بعد لكن معظم المواقع التاريخية الرئيسية في المدينة القديمة بدت سليمة إلى حد كبير. ومراكش مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي. غير أن لقطات منشورة على الإنترنت أظهرت شقوقا وأنقاضا في جزء صغير من جدران تعود إلى القرون الوسطى فضلا عن سقوط مئذنة.

وكان الزلزال قويا بما يكفي لدفع معظم السكان إلى مغادرة منازلهم عندما وقع بعد الساعة 11 مساء بالتوقيت المحلي (22:00 بتوقيت غرينتش) بقليل، ونام الكثيرون في العراء خوفا من وقوع هزات ارتدادية في المدينة التي بُنيت العديد من منازلها القديمة بالحجارة والطوب اللبن.

وقال كريم البريدي، بينما كان يقف أمام مستشفى في المدينة، إن عمه يتلقى العلاج من كسور في الضلوع بعد أن قفز من طابق علوي خوفا من انهيار المبنى. وقال البريدي “كان خائفا وقفز”. وبدا التراث ذو القيمة العالية سليما عند ساحة جامع الفنا، وهي أهم معالم مراكش ويطل عليها أيضا جامع الكتبية الذي يرجع تاريخه إلى القرون الوسطى والتي يوجد بها فنانو الشوارع وأكشاك السوق وسحرة الثعابين.

وبدت مئذنة الكتبية الشاهقة، التي تتم صيانتها بعناية نظرا لقيمتها الكبيرة، سليمة لكن مئذنة مسجد أقل شهرة في جزء آخر من الساحة الواسعة انهارت وحطمت أنقاضها بعض السيارات. وقال ميلود سكروت، أحد سكان مراكش، بينما يقف أمام كومة من الأنقاض في مكان آخر بالمدينة القديمة، إن الأضرار تسببت في سد الأزقة مما يجعل من الصعب مساعدة السكان المحاصرين.

أشبه بانفجار قنبلة

 

◙ هروب من هول الفاجعة
◙ هروب من هول الفاجعة 

 

وأضاف “كل شيء بإرادة الله لكننا تعرضنا لضرر كبير.. لا سبيل لدخول المنازل، ووالداي مريضان في المنزل”. كما انهارت بعض المنازل في المدينة القديمة المزدحمة. وقال أحد السكان إنهم يستخدمون أيديهم في رفع الأنقاض.

وعلى الرغم من انتهاء ذروة موسم السياحة، فإن العديد من الأجانب لا يزالون في المدينة التي تبهرهم بعظمة الفنون المعمارية وتجتذب الزوار منذ مئات السنين. وفي أحد المستشفيات كان معظم المصابين بجروح خطيرة من منطقة جبلية يمكن رؤيتها من خلف أسوار المدينة. وانضم بعض السائحين إلى أهل المنطقة للتبرع بالدم.

وقال محمود أبغاش، وهو رئيس مركز للتبرع بالدم اصطف أمامه نحو 200 شخص، “نحن في حاجة إلى كل قطرة دم”. وأضاف “يسعدنا أن نرى السائحين الأجانب ينضمون للتبرع بالدم بعد هذا الحدث الأليم”. ويغطي الركام أزقة بعدما انهارت أبنية قديمة وتحطمت أسقف خشبية.

◙ معظم المواقع التاريخية الرئيسية في المدينة القديمة بدت سليمة ونام الكثيرون في العراء خوفا من وقوع هزات ارتدادية

تقول حفيظة صحراوية من القاطنين في حي الملاح اليهودي القديم في وسط مراكش إن “المشهد أشبه بانفجار قنبلة”. وتضيف هذه المرأة البالغة 50 عاما والتي هرعت مع عائلتها للاحتماء في ساحة كبيرة عند مدخل الحي الذي تسكنه “كنا نعد العشاء عندما سمعنا شيئا يشبه دوي انفجار. خرجت مذعورة مع أطفالي. لقد انهار منزلنا للأسف”. وتتابع “لا نعرف إلى أين نذهب. لقد خسرنا كل شيء”.

ومثلها، تروي مباركة الغبار إحدى جاراتها، أن منزلها “دمّر” بالهزات الأرضية الارتدادية. وتقول “كنا نائمين عندما وقع الزلزال، انهار جزء من السقف ووجدنا أنفسنا عالقين في الداخل لكننا تمكنا أنا وزوجي من الفرار”، مضيفة أنها “عاشت كابوسا”. وإذا كانت مباركة وحفيظة محظوظتين بعدم فقدان أيّ فرد من أفراد عائلتيهما، فقد خسرت فتيحة أبوالشواق قريبا يبلغ أربع سنوات.

وتؤكد هذه المرأة الثلاثينية التي يبدو عليها الإرهاق “ليس لديّ القوة للتحدث”. ونام الكثير منهم على الأرض، بعضهم من دون أغطية. وثمة آخرون عجزوا عن النوم، مثل الثمانينية غنو نجم التي وصلت إلى مراكش من الدار البيضاء قبل ساعات قليلة من وقوع الزلزال.

وتروي نجم “أتيت لزيارة المدينة مع ابنتي وحفيدتي. في المساء، خرجتا وبقيت أنا في الفندق. كنت أستعد للخلود إلى الفراش عندما سمعت صوت الأبواب والدرف تطقطق. خرجت مذعورة، اعتقدت أنني سأموت وحيدة”.

تجربة صادمة

 

◙ ليلة تبقى ماثلة في الأذهان
◙ ليلة تبقى ماثلة في الأذهان 

 

على مسافة قصيرة، تقول رباب رئيس، إن الزلزال “خلّف الصدمة الأكبر في حياتي”. وتؤكّد هذه الشابة البالغة 26 عاما وهي من سكان مراكش “رأيت الناس يركضون في كل مكان، كان هناك الكثير من الغبار بسبب انهيارات (المباني). كنت مرعوبة”. وتضيف “إنها محنة مؤلمة، قلبي مع عائلات الضحايا”.

وبالإضافة إلى مراكش، شعر بالزلزال العنيف سكان الرباط والدار البيضاء وأغادير والصويرة. وخرج عدد كبير من الأشخاص إلى شوارع هذه المدن خشية انهيار منازلهم، بحسب صور نشرت على الشبكات الاجتماعية.

وأضحت أم مغربية، الناجية الوحيدة في عائلتها، بعدما فقدت كامل أسرتها المكونة من زوجها وأبنائها الأربعة بقرية في نواحي مراكش (وسط)، إثر الزلزال المدمر الذي ضرب وسط وشمالي البلاد. وفي تصريح للقناة الأولى المغربية الرسمية، قالت الأم بحسرة، إن “زوجها وأبناءها الأربعة لقوا حتفهم، بينهم ولدان وبنتان”.

وقالت الناجية المغربية القاطنة بقرية تمقرا بإقليم شيشاوة بنواحي مراكش “بقيت لوحدي، فقدت كل ما أملكه، هذا من قضاء الله وقدره”. وبمشاعر غلب عليها الحزن والبكاء، صارت الأم تردد بصوت متهدج أمام الملتفين حولها “فقدت مصطفى وحسن وإلهام وغزلان وإلياس”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: