مخدر “البوفا” يقود إلى توقيف 112 شخصا في عدة مدن مغربية

مثل سرطان سريع الانتشار، تمدد مخدر “البوفا” في أوساط الشباب والمراهقين وصار المفضل لدى هذه الفئة حتى بات يدعى بـ “كوكايين الفقراء”، رغم أن هذا الاسم قيل ظلما، لأن سعره يتجاوز قدرة البسطاء من أبناء ذوي الدخل المحدود، فثمن الغرام الواحد يتراوح بين 70 درهما (7 دولارات)، و100 درهم (10 دولارات)، من أجل الانتشاء لمرة واحدة فقط.

سرعة انتشار “البوفا” من سرعة التحركات الأمنية لمحاصرة مروجيه ومكافحته في إطار مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بشكل عام، وهو ما كشف عنه الأمن المغربي في بيان تضمن حصيلة عملياته لمكافحة هذا المخدر الجديد، وذلك بتنسيق وثيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (المخابرات المغربية).

وفي الفترة الممتدة من رابع غشت المنصرم، إلى ثاني سبتمبر الحالي، أسفرت العمليات الأمنية عن توقيف 112 شخصا للاشتباه في تورطهم في ترويج هذه المادة المخدرة، علاوة على حجز كيلوغرام و413 غراما منها.

وذكر الأمن المغربي في بيان نشره على حسابه في منصة “إكس”، أن العلميات الامنية التي جرى تنفيذها ضد مروجي هذا النوع من المخدرات شديد الانتشار شملت كلا من مدن الدار البيضاء وسطات والرباط وفاس وطنجة والعيون والجديدة وخريبكة.

 

تحالف المجتمع مع الأمن في مواجهة هذه الآفة الفتاكة، تجلى في منصات التواصل الاجتماعي، من خلال تدوينات محذرة ومنبهة من خطورة مخدر “البوفا” وسرد حالات ووقائع لضحايا وقعوا في براثنه ولم ينته منهم إلا بفقدان كل شيء، مثل الذي نال نصيبه في الإرث وكان المبلغ كبيرا جدا بالملايين، أنفقه على “البوفا” وبقي مفلسا.

ويكشف مقطع فيديو تم تداوله على الفيسبوك، حالة صاحب الإرث “الذي كان نصيبه 270 ألف درهم (26539 دولارا)، أنفقها في مدة زمنية لا تتعدى خمسة أشهر، وكلها ذهبت إلى مروجي هذا المخدر وما زالت سيارته مرهونة لديهم”.

مخدر “البوفا” أو كما يلقب بـ “كوكايين الفقراء”، يبدأ بنشوة وينتهي بكارثة وضياع، وإذا كان يتطلب أموالا كثيرة، فإن معداته لا تتجاوز قنينة بلاستيك يتم إغلاق فوهتها بورق “السولوفان” الرمادي الذي يشبه الفضة، ويصنع ثقبا في أحد جوانبها ليخرج منه أنبوب قد يكون مجرد هيكل لقلم حبر جاف، من أجل تدخين ذلك “العجب”، كما وصفه مدونون.

التحذيرات توالت في منصات التواصل الاجتماعي، وجاءت على شكل تدوينات ومقاطع فيديو للتوعية، ونجد بعض المدونين تعمدوا كشف مكونات هذا المخدر الخطير، مثلما ورد في ما نشره مدون على الفيسبوك، بخصوص بعض المعلومات حول “بوفا”، الـ “مشتق من الكوكايين”، و”يصنع عن طريق خلط الكوكايين مع مواد كيميائية أخرى، مثل الأمونيا والبيكربونات”، و”يُستخدم عن طريق استنشاقه أو تدخينه أو حقنه”، كما أنه “يسبب الإدمان بسرعة كبيرة”، بل “يمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة، مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية والوفاة”، ويتسبب أيضا في “سلوكيات خطيرة، مثل السلوك العنيف والجريمة”.

مقطع فيديو آخر، أظهر نتائج تعاطي “البوفا”، وركز على مخلفاته الكارثية منها الاكتئاب الحاد العنف والعجز الجنسي والانسحاب من الحياة بشكل عام بمعنى موت بصيغة أخرى، إلى أن يحين وقت الإصابة بنوبة قلبية أو غيرها من الأعراض القاتلة، فيما وثّق مقطع ثانٍ لحكاية شابة مع الإدمان على هذا المخدر الخطير.

تصدُّر مخدر “البوفا” لواجهة اهتمامات الأمن المغربي ومعه الرأي العام الذي يواكب بالتوعية، رافقه أيضا تحرك برلماني، من خلال أسئلة مثل السؤال المكتوب الذي وجهه رئيس فريق حزب “التقدم والاشتراكية”، رشيد حموني، إلى وزير الداخلية من أجل التدخل العاجل لمواجهة هذا المخدر الذي يؤثر بشكل سلبي كبير جدا على صحة الشباب البدنية والعقلية أيضا.

السؤال المذكور يدخل في باب التأكيد خاصة أن وزارة الداخلية واعية بخطورة ليس هذا المخدر فحسب بل مختلف أنواع المخدرات الأخرى والمؤثرات العقلية، وهنا نعود إلى البيان الحديث للأمن المغربي، الذي أبرز أن العمليات الأمنية إلى جانب استهدافها تجار مخدر “البوفا”، في المحور الرئيسي لترويجه بضواحي مدينتي الدار البيضاء وسطات، حيث تمكنت من تفكيك ست شبكات إجرامية تنشط في تهريب وترويج هذا المخدر على مستوى مناطق الدروة والهراويين ومديونة والرحمة وبوسكورة، فضلا عن تفكيك نقاط مخصصة لترويج هذه المادة المخدرة.

فقد أسفرت هذه العمليات الأمنية عن توقيف 632 شخصا للاشتباه في تورطهم في قضايا حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية بمختلف أنواعها من بينهم 153 شخصا مبحوثا عنه على الصعيد الوطني، و479 شخصا جرى ضبطهم في حالة تلبس بالاتجار في مختلف أنواع المخدرات والأقراص المهلوسة.

ومكنت عمليات التفتيش والحجز المنجزة في سياق هذه العمليات الأمنية أيضا من ضبط 28.639 قرصا طبيا مخدرا و131 كيلوغراما و389 غراما من مخدر الحشيش، فضلا عن حجز 4 كيلوغرامات و33 غراما من الكوكايين و1208 قنينات من المشروبات الكحولية و6215 وحدة من مادة اللصاق المستعمل في التخدير علاوة على حجز 55 قطعة سلاح أبيض وقنينات غاز مسيل للدموع ومجموعة من السيارات والهواتف النقالة وسلاح صيد ناري يشتبه في تسخيرها في هذه الأنشطة الإجرامية.

وشدد بيان الأمن المغربي على أن العمليات الأمنية تتواصل على صعيد مختلف أقاليم البلاد، بغرض استهداف كافة الأوساط التي تنشط في ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية بجميع أنواعها، باعتبارها من بين الأسباب المباشرة التي تفرز أنماطا إجرامية موسومة بالعنف وتستهدف شرائح مجتمعية معينة، خصوصا في هذه الفترة التي تتزامن مع بداية الموسم الدراسي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: