جمعيات ببروكسيل تنشط في شهر رمضان لإفطار الصائم

بوشعيب البازي

تشهد هذه الأيام مع حلول شهر رمضان المبارك، ارتفاع ملحوظ في وتيرة العمل الخيري الذي يستهدف المهاجرين الغير الشرعيين في مدينة بروكسيل، سعيا إلى إسنادهم ودعمهم في توفير مستلزمات الشهر الفضيل، لا سيما المواد الغذائية.
والحديث تحديدا، عن المبادرات التي يطلقها متطوعون ويدعمها متبرعون، بعيدا عن العمل المنظم في نطاق الجمعيات الخيرية، وهي مبادرات تأتي دعما وتعزيزا للمشهد الخيري والإنساني بمختلف جهاته وأدواته، بما ينعكس إيجابا أولا وأخيرا على ظروف الأسر المعوزة.
هذا  فشهر رمضان المبارك يشهد عادة كثافة في العمل الخيري سواء المنظم والمستمر أو المؤقت الذي ينتهي بانتهاء المناسبة، حيث  أن الناس يقبلون في هذا الشهر على فعل الخير ومساعدة الغير ويسعون أكثر لكسب الأجر والثواب.

الحقيقة المرة

هذا ما كنا نأمل أن نراه في هذا الشهر الفضيل ، إلا أن الحقيقة مخالفة لما سرد فيما قبل ، فالواقع المعاش مع جمعيات الاسترزاق التي ظهرت في السنوات الأخيرة ظاهرة حيث أن العديد من افراد الجالية يظنون أن كثرة الجمعيات تخدم الصالح العام ، لكن التعمق فيها يبين ما تحمله من مخاطر و سلبيات غير بادية للعيان، و تسيء إلى الوسط الذي نشأت فيه، خاصة و أن هذه السلوكيات الغير السوية ترتكب من لدن من يعتقد أنهم نخبة المجتمع وأمل الأمة في النهوض والتنمية و الاستقرار، وقد استفاد هؤلاء من جو الحرية و تشجيع الانخراط في المجتمع المدني، رغم أن شريحة واسعة من المنتسبين إلى هذه النخب لا تربطهم بالعمل الجمعوي إلا الخير و الإحسان، فغالبا ما يكون الهدف من الانخراط هو ملء ملف السيرة الذاتية، كما أن البعض منهم يعتبر العمل الجمعوي وسيلة للاسترزاق المادي والمعنوي، لينال به مكاسب مادية مباشرة أو يتقرب به إلى المسؤولين ليفوز بالحظوة لديهم، وتنفتح أمامه الأبواب  التي تنغلق في وجه عامة الناس، أضف إلى ذلك أن التنازع الملاحظ بين هذه النخب يغلب عليه تغليب المصلحة الشخصية على المصالح العليا للمواطن.

و هذا ما نراه في حفلات الافطار بمدينة بروكسيل حيث الافطار ليس للفقير او المحتاج او عابر السبيل كما تعودنا و لكن لمن يدفع 30 او 40€ للتمكن من اكل رغيف محضر منذ اسبوع بأيادي متطوعات ، عمليات الاغراء في مواقع التواصل الاجتماعي بالعشرات لحضور مثل هذه اللقاءات يمكن ان نقول عنها لقاءات شبه غرامية تذكرني بموسم الخطوبة الذي يقام بإملشيل المغربية حيث ينتهي حفل الافطار في مقاهي الشيشة و ملاهي ليلية.

لكن يبدو أن بعض من هذه الجمعبات انحرفت عن مسارها الحقيقي فتخلت عن الدور المنوط بها في تخليق الحياة العامة، والتي اعتبرت العمل الجمعوي الطريق السهل نحو الغنى السريع، وأفقدوا  العمل الجمعوي قيمته ومكانته من خلال جمعيات صورية وشكلية والتي لا وجود لها إلا على الورق، وبالقياس إلى الأنشطة الوهمية التي تقدم كأنشطة لتعزيز ملف المنحة، حيث أصبح الفضاء حقلا للاسترزاق من خلال الرقم الخيالي للجمعيات، وهي عبارة عن جمعيات خيالية وصورية خلقها اشخاص من أجل الاستفادة من الدعم المخصص للمجتمع المدني، وكم من أشخاص لا علاقة لهم بالعمل الجمعوي لا من بعيد ولا من قريب استغلوا تملقهم لرؤساء البلديات  من أجل الفوز بدعم مالي لنشاط ما لا وجود له على أرض الواقع. وغالبا ما تستعمل هذه الأساليب للابتزاز ونيل نصيب من “البقرة الحلوب” بل في العديد من الاحيان تصبح الجمعيات المحامي المدافع عن المنتخبين من داخل تلك المجالس مقابل منحة نهاية السنة.

إن العمل الجمعوي ليس انتفاع واسترزاق وانما هو نضال وتضحية ووفاء وتواصل مع المجتمع لمعرفة مشاكله وهمومه والتوسط له مع مختلف المؤسسات لإيجاد حلول لكل مشاكله، أما إذا كان العكس وأصبح مهنة لمن لا مهنة له فلا جدوى منه وسيبقى نقطة عار على جبين مدعيه.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: